الشروق العربي
بعد تراجع مستوى التعليم المختلط..

مدارس خاصة تفصل بين الذكور والإناث تحقق نتائج رائعة

ليلى مصلوب
  • 19517
  • 56
ح.م
نموذج لمدرسة خاصة تفصل بين الذكور والإناث

يعتقد الكثيرون أن نمط التعليم في المدارس الخاصة هو نمط ارستقراطي طبقي متفتح ومنفتح يستقطب الطبقات الاجتماعية الراقية التي لا ترفض الاختلاط، بل تشجعه داخل المدارس، غير ان الواقع مغاير تماما لما وقفنا عليه، أولياء امور يستحسنون ويرحبون بأول مدرسة خاصة في الجزائر تعود إلى زمن الفصل بين الذكور والإناث في مرحلة النمو الجسمي والعقلي والوجداني للتلميذ، وتحاول إبعاد الجنسين عن بعضهما في الأقسام بإنشاء مدارس للبنات واخرى للذكور .

الفكرة جريئة لم تكن يتوقع لها النجاح والترحيب والقبول تقريبا بالإجماع لإنشاء هذا النوع من المدارس الذي يهدف حسب المسؤولين عليه إلى حماية التلميذ في فترة ما قبل المراهقة إلى مرحلة المراهقة من تشتيت مراكز اهتمامه وخروجه عن التحكم في نفسه خلال التحولات النفسية والجسمية التي يعيشها والتي عادة ما تؤثر سلبا على تحصيله الدراسي في المرحلة الحساسة وهي المرحلة المتوسطة وهي مرحلة اكتساب المعارف .

كاتب ياسين أول نموذج

المدرسة الخاصة كاتب ياسين بالقبة الجزائر العاصمة اول نموذجأعاد بعث سياسة الفصل بين الجنسين في الدراسة تاثرا بالمدارس السابقة التي كانت رائدة في الجزائر كثانوية حسيبة بن بوعلي ووريدة مداد ومدارس البنات التي شاعت في السنوات السابقة قبل ان تزول تدريجيا وتترك مجالا للمدارس المختلطة.

وعن دوافع خوض هذه التجربة في مدرسة كاتب ياسين، حدثتنا السيدة حموش مسؤولة بالإدارة  قائلة “نعم، هي خطوة جريئة، لكن أثمرت نتائجها، لقد أرادت مديرة المدرسة السيدة بلعيد التي درست طوال مشوارها في مدارس للبنات بحسيبة بن بوعلي ونقلت الجانب الإيجابي من مدرسة البنات “اكتشفنا ان الإناث يهتممن بدراستهن جيدا بمعزل عن الذكور، والعكس ان الذكور لا يدرسون جيدا بحضور الإناث، وقد راسلنا اولياء الأمور واقترحنا عليهم اقساما منفصلة واخرى مختلطة، وتركنا لهم حرية الاختيار فكانت المفاجأة ان كل الأولياء وافقوا، خاصة ممن لديهم بنات، لكن اولياء الذكور رفضوا الفكرة، ومنذ ان جسدنا الفكرة بإنشاء اقسام للبنات كانت النتائج باهرة، واليوم لدينا قسمين للبنات في كل مستوى .

أما مرحلة الثانوي فنحن نسعى لتجسيد الفصل بين الجنسين، لأن العدد لم يكن يسمح بذلك، لكن في المستقبل سنعمل بهذا النظام الذي اثبت فعاليته في كل دول العالم التي لديها نظام عليمي ممتاز”.

من جهتها قالت مديرة المدرسة السيدة بلعيد والتي لها خبرة في التعليم لمدة 42 سنة انها لم تختلط مع الذكور في كل مراحل دراستها إلى غاية الجامعة وهذا عزز من اكتساب المعارف ونوعية الدراسة قائلة “نحن امام متغيرات جديدة،الأسرة تغيرت، القيم ايضا تغيرت، والمجتمع تغير، واكتشفنا ان اخطر واهم مرحلة يعيشها الطفل سواء الذكر او الأنثى هل التي تسبق مرحلة البلوغ إلى غاية فترة المراهقة اي بين سن 11 إلى 15، في هذا السن يتغير جسم الطفل وتتغير عقليته ويشعر بالرجولة ويزداد عمل الهرمونات ويصبح التلميذ يهتم بجسمه والعلاقات التي ينشئها اكثر من اهتمامه بالدراسة”.

وشرعت مدرسة كاتب ياسين بفصل البنات عن الذكور في مرحلة المتوسط كأول تجربة،لأنها اهم مرحلة في التعليم تتميز باكتساب المعارف وهي نفس المرحلة التي تصادف تغير جوهر اهتمام الطفل من الدراسة إلى اهتمامات اخرى تمثل ما يدور حوله .

وتقول السيدة بلعيد ان الفصل بينهما في مرحلة المتوسط مهم،لأن فترة الثانوي يكون التلميذ قد تجاوز الأزمة النفسية او على الأقل متحكم فيها .

“نحن لم نجبر الأولياء، لقد راسلناهم وشرحنا لهم توجهنا وتركنا لهم حرية الاختيار ووجدنا تفاعلا كبيرا، حتى الأولياء الذين كنا نظن انهم رافضون للفكرة او على ما كان يبدو لنا…والنتائج كانت الحكم، لقد سجلنا نتائج رائعة لدى مدرسة البنات اكثر بالمدرسة المختلطة،

حتى الأساتذة أثنوا على الفصل بين الجنسين، حيث ساعدهم على العمل بكل هدوء دون شغب وبكل راحة، حيث يكون الاستيعاب جيدا”.

حتى اولياء الأمور الذين تحدثنا اليهم فهم يؤيدون هذه التجربة ويتمنون تعميمها في الثانوي نظرا للنتائج المرضية .

الاختلاط او الفصل بين الجنسين:أيهما الاصح؟

في الوقت الذي تبنت فيه دول العالم المتقدم نظام الفصل بين الجنسين في التعليم، كانت نتائج هذا النوع من المدارس في بعض الدول العربية مصدر قلق وانهيار للقيم وظهور آفات نفسية واجتماعية ونمو العقد حسب المختصين، فهم يرون اليوم ان الاختلاط مهم بين الذكور والإناث في المدرسة، حيث يساعد على تكوين الهوية الجنسية للطفل وهو ما شرحه لنا الدكتور خالد موهوب، اخصائي نفساني وهو يرى في استحداث مدارس منفصلة بين الجنسين فيه خطورة على النمو النفسي للطفل، خاصة في مرحلة ما قبل البلوغ، اين يعيش الصراع والتحول والهرمونات، وعزله عن الجنس الآخر لا يحل مشاكله النفسية، ويرى ان الأسس الصلبة هي الاحتكاك وعدم بناء نفسي للطفل على مخاوف الجنس الآخر.

ونشير إلى ان تجربة كاتب ياسين في بدايتها غير مبنية على الفصل والعزل التام، حيث يلتقي الذكور والإناث في فناء المدرسة، لكن المديرة لا تجد مانعا في إقامة مدارس منفصلة تماما، خاصة بالبنات كما كانت في السابق وأعطت نتائج ايجابية قائلة “طوال مشواري الدراسي وانا في مدرسة البنات، هل ابدو معقدة؟”.

مقالات ذات صلة