الشروق العربي
لضمان الاستقرار الأسري والظروف المعيشية الحسنة

مراهقات وعشرينيات يشترطن عريسا أربعينيا

نسيبة علال
  • 9406
  • 10
ح.م

تغيرت معايير اختيار الفتيات لفارس أحلامهن، إذ يبدو أن الشاب الوسيم الطويل الأسمر، لم يعد أولوية بنات اليوم، فقد باتت تستهويهن مقومات مادية أخرى، بدل المقومات الجمالية أو الأخلاقية، فأصبح الرجل الأربعيني، مكتمل النضج، المتكون ماديا، حلم الفتيات اليانعات، الراغبات في الارتباط، ينافس نظراءه من الرجال الأصغر سنا، الذين لم تمنحهن الحياة بعد فرصا للحصول على المال وتكوين الأصول.

ترجع الأستاذة كريمة رويبي، أخصائية نفسية واجتماعية، أسباب ميل الفتيات في سن العشرين إلى الارتباط برجال أعمارهم ضعف أعمارهن، إلى التغيرات الجذرية الحاصلة في قيم الأسر الجزائرية، خاصة في ما يتعلق بموضوع الارتباط في الحلال، إذ إن الزواج في الجزائر بات يستدعي الكثير جدا من المتطلبات المادية، أكثر من أي وقت مضى، ويكلف العائلات مصاريف خيالية، وهو ما لا يقوى على سداده شبان في طور تكوين أنفسهم ماديا، إلا في حالات شاذة، إضافة إلى أنه من بين شروط الزواج الشائعة مؤخرا، طلب العروس العيش في بيت منفرد، إذ يمضي الرجل سنوات شبابه في الكد، ليتمكن من تحصيل متطلبات فتاة أحلامه.

أولياء يختارون لبناتهم أزواجا مخضرمين

 من المعروف، منذ قديم الزمان، أن الأمهات والجدات، يبحثن لأبنائهن الراغبين في تكوين أسرة، عن فتاة يانعة، صغيرة السن، لا تفقه الكثير عن متاعب ومشكلات الحياة، قابلة للتغيير والتأقلم والاندماج داخل الأسرة الصغيرة بسرعة، لكن العائلة الخاطبة كانت تواجه مشكلة رفض أولياء الفتاة إذا كان العريس كبير السن، خوفا من تنافر الأفكار والمعتقدات، وخوفا من أن تخضع بناتهن للسيطرة والتعنيف، بحكم فارق السن الكبير، فيفضلون تزويج بناتهم برجال من جيلهن، حتى وإن كانوا فقراء ولا يملكون متطلبات الحياة السعيدة.. فالسعادة والتفاخر كانت في التقدير والاحترام والمودة التي تجمع العريسين بعد الدخول. أما اليوم، وعكس ما كان شائعا، فقد طغت المظاهر المادية كثيرا، ولم تعد سن العريس، ولا سن العروس، عائقا أبدا، أمام توفر ما صعد إلى أعلى قائمة الأولويات، من منصب محترم، ومسكن فردي، ومال ومركب هنيء، حتى الأخلاق والدين، لم تعد من الشروط الأساسية التي كان لها وزنها، حتى لدى العائلات الكبيرة والمحافظة، فأصبح الرجل الأربعيني والخمسيني أيضا، يحصل على فتات العشرين بكل سهولة، بل مع تقديم الكثير من الشروط والضوابط التي ستعيش عليها كزوجة، تتمتع بما أنجزه زوجها خلال سنوات شبابه، التي صام فيها عن الارتباط. وهذا ما تسميه الأخصائية الاجتماعية والنفسية، الأستاذة كريمة رويبي، معادلة خاطئة للزواج، بما أنها مبنية على أسس غير منطقية، تقول: “بالرغم من أن مواليد سنوات السبعينيات والثمانينيات، يعدون الجيل الذهبي الذي ينتمي إلى مرحلتين زمنيتين مختلفتين، عايش التحفظ والتفتح بفضل هجوم التكنولوجيا، إلا أنهم الجيل الذي ينتمي في الأساس إلى حقبة زمنية لديها نظرتها الخاصة تجاه الزوجة، إذ يفضلون زوجات متحفظات، غير ملتزمات بأعمال أو مشاوير خارج المنزل..”. ورغم هذا، يجد الشاب الأربعيني قبولا واسعا من طرف فتيات عشرينيات، اعتدن على الخرجات اليومية، والتسوق بمفردهن، والإبحار عبر العالم الافتراضي، بشرط أن يوفر لعروسه الحياة المادية الكريمة، وكل ظروف الراحة والرفاهية.

 المتقدم في السن لا يميل إلى الطلاق

رغم الارتفاع الرهيب في نسب الطلاق في الجزائر، الذي تجاوز ثمانية وستين ألف حالة، خلال السنة الفارطة فقط، إلا أن إحصائيات تؤكد أن الشباب دون الخامسة والثلاثين يشكلون ما نسبته 87 بالمائة من المقبلين على المحاكم، لغرض الانفصال. وربما يعد هذا من بين المحفزات الرئيسة التي تدفع الفتيات في سن مبكرة، وحتى أولياءهن، ليختاروا لهن عرسانا متقدمين في السن، ناضجين فكريا، ويرغبون في الزواج لغرض الاستقرار وتكوين أسرة، ولا يعتبر الطلاق والتفكير في الارتباط مجددا أو الخيانة بالنسبة إليهم أفكارا مستبعدة، ومضيعة للوقت.

مقالات ذات صلة