الشروق العربي
تقليدا لبرامج ومسلسلات ماجنة

مراهقات يحتفلن بعيد ميلادهن بالليموزين والـ “دي جي” والممنوعات

فاروق كداش
  • 6450
  • 9
ح.م

كشفت السوشيال ميديا على جانب  سكيزوفريني مظلم في حياة الكثير من الأثرياء، خاصة الجدد الذين هطلت عليهم زخات من الذهب، وفجأة مع دخول انستغرام “موقع الصور المهربة” بدأت حرب مظاهر لا تبقي ولا تذر سوى من دفتر شيكاته عبارة عن مجلد في مكتبة الملايين.

على خطى برنامج الأم تي في “عيد ميلادي الـ16” سارت الكثير من المراهقات المدللات ممن يمضين أوقاتهن في مشاهدة برامج الغرب وتقليدها، فبينما كان يوم الزفاف فقط هو يوم البذخ والمصاريف، صارت أعياد الميلاد موعدا أسطوريا تنتظره البنات لكيد صديقاتهن وفرض نوع من الهيمنة الاجتماعية. صرنا الآن نعيش ظاهرة جديدة في حفلات “عيد الميلاد” تطبيقا للمثل الشعبي “الانيفرسار ليلة وتدبارو عام”، فلا تستغربوا أن يتم دعوتكم لحضور عيد ميلاد مراهقة في السادسة عشر من عمرها في فندق 5 نجوم‪، رغم أن نجوم فنادقنا نياشين للذوق المبتذل أو في قاعة أفراح تزيد تكلفتها عن الـ20 مليون سنتيم لليلة، ناهيك عن الاستعدادات الماراطونية لديكورات الحفلات التي تتراوح فاتورتها بين 10 إلى 15 مليون سنتيم من بالونات وبوكيهات ورد تزين الطاولات والكراسي المغلفة بالستان، ويضع مصممو الديكور أحجارا وبتلات الزهور على السماط الحريري..

الديكور لا يكتمل إلا بسجادة حمراء طويلة أين يجب أن تظهر أميرة الحفلة وكل الأضواء مسلطة عليها وهي تتبجح بمشية أنجلينا وكيم كادرشيان، ويجب أن تعرفوا اعزائي القراء أن فاتورة الأضواء باهظة جدا قد تصل الـ10 ملايين حسب المساحة المغطاة دون أن ننسى كرة الديسكو الدائرة.

كعكة بطعم الانتقام

وبسبب هذه النرجسية الطاغية على بنات اليوم مقلشات “بابا” و”ماما”، ازدهرت سوق الكعكة “أم طوابق” أو  la pièce montée  التي كانت تحضر فقط في الأعراس والخطوبات. ولم يعد الڤاطو يأبه بالبوڤاطو على رأي جداتنا، فالكعكعة اليوم لم تعد تقليدية البتة، بل تخضع لموضوع تفرضه المحظوظة مثل كعكة أميرات ديزني أو باربي، وطبعا أمام جملة “هابي بورثداي”  تنحت صورة صاحبة الميلاد بالأفيش الكبير… كل هذا ليس مجانا، بل يجب على الأب والأم أن يدفعا ما لا يقل عن الـ5 ملايين سنتيم حسب الطوابق والذوق واستعمال تقنية 3D .

ليموزين ساندريلا

هناك من البنات من يدفعها حب التباهي والغرور إلى استئجار ليموزين مزينة بالورود تنقلها إلى صالة الحفل، يرافقها بلاطها المكون من شرذمة من المتحذلقات المنافقات بين الثريات اللواتي ينتظرن اللحظة المناسبة للانتقام وبين الفقيرات اللواتي يحضرن قسرا وإلا تحجب عليهن الشمس.

تانغو في أحضان الشياطين

هذه الحفلات لا تكون بطعم “الڤلوس” و”الحماير” إلا بحضور الشباب الذين يتزينون بالتوكسيدو والأرماني بعيدا عن لاريني ولاكوست ورفعات الشمة، والكل يجب أن يكون مرافقا لفتاة أحلامه أو أحلام الآخرين، طبعا لتلبية نداء الدي جي لرقصة الـslow  أو التانغو أو الباسو دوبليه.

وفي كثير من الأحيان يعبق دخان بعض الممنوعات التي يختبئ مدمنوها في زاوية أو ركن بعيد هادئ ليعطيهم الشجاعة او بالأحرى الوقاحة لدحض مكبوتاتهم الأوديبية.

وتشتعل الصالة بالقيل والقال والإشاعات المغرضة على شاكلة “gossip girl” على حبيب هذه وخائن تلك‪، وفي زمن حفلة واحدة تختفي شوارع سيدي يحيى وتظهر على الخارطة شوارع سان ست بوليفار الأمريكية.

‫بنات الهولوكست الجديد

ولنلم بالموضوع من كل جوانبه، سألنا ما تبقى من الشعب أو بالأحرى مراهقات قابعات في صالات الانتظار عن رأيهن، فقالت لنا ناريمان “لو كنت مليارديرة لأقمت حفلا خرافيا لإغاظة الصديقات المغرورات”، أما لولا أو لامية في بطاقة التعريف فترى أنه بدخ مبالغ فيه، خاصة وأنها لو دعيت لمثل هذه الحفلات عليها أن تحضر هدية ثمينة وهي زوالية، غير أن مريم تنظر إلى الظاهرة من زاوية مختلفة “هذه الحفلات ماجنة ويحدث فيها اختلاط، وأقول لهذه البنات أن يتقين الله”… بالنسبة للشباب فيهرعون لتلبية مثل هذه الدعوات “إنها فرصة للتعرف على البنات” على حد تعبير عماد و”حفلات الميلاد هذه مملة وأنا افضل الانيفرسار في ملهى أو علبة ليلية… الزهو فيها اكثر”، في منظور المريول محب السهرات “نوفل” أو “نانو” للأصدقاء الأنتيم.

ويتضح جليا من هذه الشهادات أن الشباب منقسم بين مؤيد ومعارض لهذه الحفلات التي ظاهرها تقلاش وباطنها فسق وعري، وفي زمن اصبحت فيه الأخلاق عملة نادرة بين الأولياء، لا نستغرب أن تصبح البنات حمالات للحطب يحرقن المجتمع على  محرقة الخطايا.

مقالات ذات صلة