جواهر
شبكة ندى تسجل هروب 122 قاصر خلال الصيف وتحذر:

مراهقات يرتمين في أحضان الشواطئ والفنادق والملاهي

وهيبة سليماني
  • 17961
  • 46
ح.م

“لم أكن أعلم أنها قاصر.. خدعتني عندما تعرفت عليها عبر الفايسبوك.. تبدو من خلال ملامحها في العشرين من عمرها” كلمات قالها شاب مراهق وجد نفسه فجأة مسجون بتهمة إبعاد قاصر، ووقف مدافعا عن نفسه مطأطأ الرأس أمام قاضي محكمة الدار البيضاء، والذي أدانه في الأخير بسنة حبسا نافذا وغرامة مالية.. هذه القضية باتت تلاحق الكثير من الشباب والكهول وحتى الشيوخ في المجتمع الجزائري مؤخرا، والسبب هروب فتيات أغلبهن قاصرات من عائلاتهن.

باسم الحب والعلاقات المشبوهة عبر الفايسبوك، والتضييق المفرط، أو اللامبالاة والمشاكل الاجتماعية، وانفصال الوالدين، وحتى نتائج امتحانات آخر السنة، كلها مبررات تجدها هؤلاء الهاربات إلى الشوارع أو إلى أحضان المجهول، وأوكار الفسق والرذيلة.. ولعل الصيف أكثر الفصول ملائمة لفرار البنات من البيت.

الفايسبوك والتضييق.. ثنائية التمرد!

“الشروق” رصدت بعض القصص التي نشرت أسرارها في أروقة المحاكم، وأغلبها تتعلق بقاصرات تورطن في الهروب بعد علاقات غرامية أو وعود عمل عبر الفايسبوك، وهن ماكثات في البيت وتحت التضييق المفرط، حيث نبدأ من قصة فريال التي تقطن في الدار البيضاء، والتي تحوّلت من تلميذة إلى متشردة بين مخالب الذئاب البشرية، وقد تعلقت بشاب عبر الفايسبوك لدرجة أنه أصبح يحتل كل تفكيرها، وتأتي فكرة هربوها من البيت والبقاء رفقة عشيقها في منزل ببئر خادم، كونها محرومة حسب ملف قضيتها، من الحرية وتعاني تضيقا مبالغا فيه، لكن الشيء الذي حدث في قضية فريال أن أهلها رفضوا استقبالها مرة أخرى بين أحضانهم، وأن صديقها الذي استدرجها إلى وكره، لم يكن يعلم، حسب تصريحاته للقاضي، أنها قاصر وقد أغرته ملامحها ونضج جسدها، وتبلورت الفكرة هذه انطلاقا من معلوماتها في الفايسبوك.
وفي محكمة بئر مراد رايس، أدان القاضي شابا لم يتجاوز العقد الثالث، عن تهمة إبعاد قاصر وتحريضها عن الفسق والدعارة، بـ3سنوات حبسا نافذا، وقد أذرف المتهم دموعا حارة محاولا إقناع هيئة المحكمة، أنه خدع وأن الفايسبوك أول مصيدة له، حيث قال إن الضحية أوهمته أنها في العشرين من عمرها، وأن ملامحها توافق هذه الكذبة، مما جعله لا يبالي في استدراجها للهرب والمبيت معه لأكثر من أسبوع كامل، لكن الفتاة لم تعد إلى أهلها لخوفها الشديد ومن ملاهي الجميلة بعين الأبيار شرق العاصمة إلى ملاهي وهران !..

قصص أخرى لهروب فتيات قاصرات أكثر مأسوية، مثل قضية وسام من الرويبة، والتي هربت الصائفة الفارطة من البيت لتقضي أياما مع شاب تعرفت عليه عبر الفايسبوك وثقت فيه، لكنها لفرط تعلقها به اضطرت لأن توهمه بأنها تخطت الـ18سنة، ولكن استقبلتها عائلتها بعد غيابها الغير المبرر واختفائها المفاجئ، وبعد أن تحسست ملامح الحمل، ما كان إلا أن وجهت أصابع الاتهام لهذا الشاب، وأن تنشر أسرارها في أروقة العدالة.

أرقام بعيدة عن الواقع.. الدعوى للتحقيق مع جهات تستغل الفتيات صيفا

عرعار: أغلب الهاربات من البيت من فئة الطفولة المسعفة

في السياق، كشف عبد الرحمان عرعار، رئيس الشبكة الجزائرية للدفاع عن حقوق الطفل”ندى”، عن استقبال ما بين جوان 2017 وجوان 2018، 122 مكالمة تتعلق بهروب القاصرات، موضحا أن أغلبها تتعلق بفتيات تم التكفل بهن وبعد وفاة أحد أو كلا المتكفلين، وجدن أنفسهن في ضياع تام، وبين أنياب الشارع، في حين تشير أرقام أمن العاصمة عن هروب 4 فتيات خلال 6 أشهر من السنة الجارية، وهي أرقام تبقى بعيدة عن الكثير من قضايا فرار القاصرات من عائلاتهن.

وأكد عرعار، أن الفايسبوك أصبح وسيلة خطر يصطاد بها الشباب وحتى بعض الشيكات أو العصابات، الفتيات وخاصة القاصرات واللواتي تعانين مشاكل اجتماعية أو مالية، أو تضييق وحرمان من الخروج للشارع، وهدف هذه الجهات استغلالهن في وظائف أو عمل موسمي دون ضمان، أو الدعارة والترويج للمخدرات، وخاصة مع انتعاش نشاطات المراقص والملاهي الليلية صيفا، وإقبال المصطافين على الشواطئ.

هذه حيلة الفتيات للهروب من البيت

90 بالمائة من المتهمين بإبعاد قاصر ينكرون معرفتهم بسنها!

وفي السياق، يرى المحامي إبراهيم بهلولي، أستاذ القانون بكلية الحقوق ببن عكنون، أن الشباب المتورط في إبعاد القاصرات، يقع دائما في مشكلة عدم المعرفة بسن الفتاة القاصر، سيما حسبه، الذين يتعرفون عنهن عبر الفايسبوك، مضيفا أن النضج الجسدي والبنية القوية لبعض المراهقات، وملامح وجوههن، تدعم معلوماتهم المغلوطة عنهم عبر شبكات التواصل الاجتماعي، حيث يعمدن في الكثير من الحالات إلى ذلك بهدف تحقيق مآربهن ونزع الخوف من قلب الشاب الذي يرغبن في الهروب معه.

وفي هذا الموضوع دائما، أكدت الأستاذة مهدية سعاد مقراني، محامية لدى مجلس قضاء الجزائر أن 90 بالمائة من الشباب المتهمين بإبعاد قاصر، وحسب القضايا التي تكفلت بالمرافعة فيها، ينكرون معرفتهم المسبقة وقبل التورط في فعل استدراج ضحيتهم إلى الشارع، بسنها، وخاصة أن هؤلاء القاصرات لا يملكن وثائق الهوية.

الصيف هروب.. والشتاء تشرد

وقد حذرت شبكة ندى، من استغلال الفتيات الهاربات صيفا، وقالت إن أغلب المكالمات التي تصل الشبكة في السنوات الأخيرة تتعلق بهروب في فترة الصيف، حيث يغرر بهن، من خلال أماكن المبيت المتوفرة على مستوى الشواطئ والمركبات السياحية، وبعض النشاطات الموسمية كالعمل بدون عقود، أو الرقص في الملاهي، ليجدن أنفسهن ضمن شبكات دعارة أو عصابات السرقة وترويج المخدرات.

وناشدت الجمعيات والمسؤولين بالالتفات إلى فئة المراهقات اللواتي يتم التكفل بهن من طرف بعض العائلات الجزائرية ويجدن أنفسهن في الشارع لظروف ما.

وقال المحامي إبراهيم بهلولي، إن العقوبة التي يتابع بها المتسببين في استدراج هؤلاء الفتيات لا تكفي بقدر توفير آليات الحماية والتحسيس وتحقيق الحوار في الأسرة.

ودعا الجهات الأمنية إلى مراقبة الأماكن التي تستغل فيها الفتيات الهاربات كالشواطئ والمراقص والملاهي وحتى محطات الحافلات الكبرى كمحطة الخروبة.

غياب الحوار سبب هروب الفتيات

نصحت رئيسة مرصد المرأة، شائعة جعفري، الأسرة الجزائرية بحماية بناتها من الضياع، ومراقبتهن في استعمالهن للهواتف النقالة، وشبكات التواصل الاجتماعي، مرجعة هروب المراهقات إلى الشارع، لغياب حوار داخل الأسرة أو تخلي أحد أو كلا الأولياء عن دورهما في التربية.
وأكدت أن مرصد المرأة، يتلقى شكاوى لفتيات يعشن القهر ويتعرضن للعنف بشتى أشكاله، ومن طرف الأب أو الإخوة وحتى الأقارب والجيران، حيث ترى إن التضييق المفرط والمبالغ فيه على الفتاة وبعد إبحارها في العالم الأزرق”الفايسبوك”، وضعها بين نارين وجعلها تختار الشارع دون علم منها بعواقب ذلك”.

مقالات ذات صلة