-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

مرة أخرى… عن التجارب النووية… والجرائم ضد الإنسانية برقان

‬فوزي أوصديق
  • 5825
  • 0
مرة أخرى… عن التجارب النووية… والجرائم ضد الإنسانية برقان

فلسفة العدالة الجنائية الدولية مبينة على عدم إفلات الأفراد والمؤسسات من الجرائم في حق الإنسانية، وعلى أساسها الجرائم لا تتقادم مع مرور الزمن. وعليه، فإن فرنسا الاستعمارية ارتكبت جرائم في حق أهالينا في منطقة التوت ـ أو رقان حاليا ـ أدنى ما يقال عنها أضرت باليابس والحي…!!

  • وفى المقابل جمعيتنا ـ الأهلية والرسمية ـ أصبح تخليدها للذكرى موسميا، ولا يتعدى النوايا والخطابات… بعيدا عن المهنية وما تقتضيه من توثيق، وتحريك الآليات الدولية التعاهدية وغير التعاهدية في المطالبة بإصلاح الضرر… والاعتذار ومعاقبة فرنسا الاستعمارية.
  •  فالتاريخ… مرة أخرى يتغلب عن الجغرافيا في علاقتنا مع فرنسا… وعادة العلاقات الجزائر ـ الفرنسية علاقات متعددة الجوانب مشحونة بالعواطف والهواجس إن لم تنقّ… ولم تصفّ… تبقى دائما عالقة وعاكسة للماضي، وأحيانا بعض التصرفات الصادرة من الضفة الشمالية كتقنين الحقبة الاستعمارية وتمجيدها غير خادمة لتصفية النوايا. وفي الضفة الجنوبية… مازال بعض الأفراد يكتوون بمرارة الاستعمار… فالحرب هي الحرب لا توجد حرب ناعمة… وحرب قادرة، ولكن توجد معايير دولية يجب احترامها أثناء أي نزاع مسلح حفاظا على الأفراد… والبيئة… وبعض المنشآت المدنية والروحية والثقافية… وفى الحالة الرقانية قد نطرح العديد من التساؤلات أهمها ـ حسب قناعتي ـ هل نلتزم الصمت إزاء هذه الانتهاكات؟! هل نسمح أن يبقى المعتدي على حقوق الإنسان وكرامته بعيدا عن العقاب؟!
  • كل هذه الأسئلة والتساؤلات كانت محل اهتمام ومحل إجابات من طرف العديد من الصكوك الدولية باعتبار أنها صرحت ودون لبس واجتهاد فقهي ـ أو قضائي ـ أن التصرفات التي ارتكبت جرائم حرب وجرائم إبادة، وجرائم ضد الإنسانية… أمام الموقف القانوني ـ القوي ـ للطرف الجزائري هل نبقى دائما ـ فقط ـ نخلد الذكرى بالوقفات والأفلام… والمحاضرات… دون أفعال قانونية قوية بتحريك الترسانة الدولية، فبعد أزيد من قرن على الحادثة الجسيمة مازال أفراد يموتون ببطء نتيجة التشوّهات العديدة، علما أنه منذ قيام محكمة نورمبورغ، طوكيو في الاربعينيات من القرن الماضي… بل منذ مطلع القرن التاسع عشر، توجد أحكام عامة مقيدة وداعمة لضرورة احترام قوانين وأعراف الحرب، سواء بشأن حظر استعمال بعض القذائف، أو القنابل أو استعمال حظر في استعمال الغازات الخانقة والسامة أو ما شابههما، أو من خلال تقييد استعمال بعض الأسلحة… فالقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي العرفي يلزم جميع الدول على مبدءين أساسيين، هما مبدأ الضرورة العسكرية ومبدأ الإنسانية، من ذلك حظر العمليات التي تسبب آلاما وأضرارا لا مبرر لها… فآلام رقان وإضرارها متواصلة ومستمرة إلى غاية كتابة العمود… فرمز الصحراء »النخيل« أصبح غير مجدي ونافع في محيط رقان الصحراوي للأضرار الإشعاعية… دون أن ننسى السرطان، والأمراض الجلدية… التي أصبحت وراثية بحكم الإشعاعات البيئية الصادرة… فالحقيقة والتعويض… والاعتذار أصبح ملحا وحيويا لبناء شراكة حقيقية بين الضفتين، فمهما يتم من خطوات أساسية لإرساء حوار حقيقي فلا يتم الواجب إلا بواجب، فمن الضروري تنقية والتنفيس على الحاضر من أعباء التاريخحتى لا يكون الحوار حوار الطرشان لا مستقبل له
  • إنني قد لا أتكلم بدافع الانتقام… ولكن من منطلقات الشرعية الدولية على ضرورة عدم الإفلات من العقاب والمعاقبة المقرونة بمعرفة الحقيقة… كل الحقيقة والمؤكد منه أن الدراسات ـ الأخيرة ـ أثبتت وجود (57) تجربة نووية قامت بها فرنسا الاستعمارية في ثلاثة مواقع رئيسية، منها أربع تجارب سطحية… (13) تجربة في أنفاق باطنية… (35) تجربة إضافية على مستوى الآبار… وكذا خمس تجارب استعملت فيها مواد فتاكة محرمة دولية… فأين الإنسانية وأين الضمير الاخلاقى… ألا يستحق كل ذلك التنديد… والاعتذار وضرورة التعويض المادي والمعنوي
  • إنني لست في هذا المقام لتجريم النوايا الحسنة أو السيئة أو محاكمة للنوايا، بقدر ما هو استنطاق لواقع يومي معيش لأزيد من خمسين سنة أثر سلبا على النسل، والحرث والبيئة… أليس ذلك يحتاج، من باب أضعف الإيمان، إلى الاعتذار. فالجرائم المرتكبة يجب أن تكون محل اهتمام عالمي من خلال العديد من المنظمات الدولية، بحكم عدم تقادمها… وقبل ذلك على المجتمع المدني الجزائري أن يتخطى النقلة النوعية للمعاجلة، من خلال الابتعاد عن المعالجة الإيديولوجية المشحونة بالتاريخ، والاهتمام بالمنطق القانوني البحت المجرد وتداعيات الشرعية الدولية من خلال توثيق الشهادات بالصورة والصوت حتى لا تطمس الأدلة، وتكون قرائن قانونية غير قابلة للاندثار رغم تعاقب الأجيال… حتى يؤخذ الحق… بسيف القانون والشرعية الدولية… ما عدا ذلك قد يعتبر كل نشاط تهريجا وقد لا يرتقي لمستوى المطالبة أو المغالبة القانونيةفالسلوكيات العاطفية مطلوبة، ولكن لا يجب أن تكون هي الأساس والمحور.
أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!