رياضة

مرسلي.. لماذا الشكوى فقط؟

لا جدال في أن العداء الجزائري الأسطورة نور الدين مرسلي، هو أكبر بطل رياضي عرفته الجزائر، على مرّ العصور، فيكفيه اللقب الأولمبي والأرقام القياسية العالمية الثلاثة التي حطمها، إضافة للألقاب العالمية الأربعة التي حصل عليها، وجعل العلم الجزائري والنشيد الوطني يسافران في كل قارات العالم، ولا جدال في أن الرجل عانى التهميش وعدم الاعتراف بما قدمه لبلاده، وهو يعلم بأنه ليس وحده، وإنما كل الشعب وخاصة الناجحين منه، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو لماذا غاب البطل الكبير عن مصنع الأبطال، أو لماذا تركهم يغيّبونه بهذا الشكل، الذي جعل عائلة مرسلي التي أنجبت البطل الكبير عبد الرحمان الذي ورّث بطولاته لشقيقه، تتوقف عند نور الدين وربما تنتهي؟

سؤال يبقى من دون إجابة مقنعة، ونحن نتابع ما يفعله البطل المغربي الكبير هشام الڤروج، وزميلته البطلة الكبيرة نوال المتوكل الذان افتتحا هذا الأسبوع، مدرسة لأجل اكتشاف المواهب، وغرس حب الرياضة وألعاب القوى على وجه الخصوص، في قلوب الأطفال، وباشرا بحثا أكاديميا، لأجل أن تعود أو تبقى المغرب مشتلة لإنجاب أبطال ألعاب القوى، وخاصة في مسافة الـ 1500  متر التي تمتلك فيها الجزائر أربعة أبطال أولمبيين، وهم مرسلي وبوالمرقة وبنيدة مراح ومخلوفي، ولا تمتلك مدرسة لأجل أن تبقى الجزائر واحدة من أكبر بلاد العالم في هاته الرياضة التي يسمّيها كل العالم أم الرياضات، وهي عندنا بالرغم من أنها الوحيدة التي منحتنا البطولات، لم تبلغ درجة الحبو؟

في عام 1991 عندما بدأ بعض العالم في تتبع أخبار الموت والدم في الجزائر، احتضنت طوكيو البطولة العالمية لألعاب القوى، وأحرزت الجزائر ذهبيتين من مرسلي وبوالمرقة وبرونزية من براهمي، وافتكت المركز السابع، في جدول الميداليات عالميا، متفوقة على بريطانيا وفرنسا وألمانيا، وقيل حينها بأن ظاهرة رياضية جزائرية ستهز أم الرياضات، ولكن السنوات العجاف توالت، وإذا كانت نسبة مئوية كبيرة من المسؤولية تعود للدولة، فإن الشعب أو الأبطال أيضا يتحملون هذه المسؤولية، فقد قال هشام القروج وبصمت معه نوال المتوكل بأنهما سيبذلان من مالهما ومن وقتهما النفس والنفيس، ولن ينتظرا أي مساعدة من الدولة، حتى تبقى المغرب مشتلة للأبطال، ولم يقل مرسلي ولا زملاؤه من الأبطال هذا الكلام.

ومن المؤلم أن يبقى البطل الأولمبي توفيق مخلوفي، الذي عزف قسما، بإرادته في لندن، عندما أساءت كبريات صحف بريطانيا للنشيد الوطني الجزائري، واعتبرته الأسوأ والأكثر عنفا، من دون مدرب، ولا تكفل، حتى قدمّ نفسه ومواهبه على طبق للمدرب الفرنسي لألعاب القوى، فيكون صيدا لمنافسيه الفرنسيين في أولمبياد البرازيل القادم، بينما تتجه البطلة حسيبة بوالمرقة لاستيراد الدواء، ويخرج مرسلي من عالم ألعاب القوى، ويمتهن غيرهما التجارة، ولا يمنحان لهذه الرياضة جزءا بسيطا من وقتهما، ولهذا الجيل الذي لن تلتفت له الدولة لأنها مشغولة بأمور أخرى بعضا من العرق، مع الاعتراف دائما بأن مرسلي هو أحسن رياضي في تاريخ الجزائر. 

مقالات ذات صلة