الجزائر
بكين حافظت على مرتبة الشريك التجاري الأول

مساهل: الجزائر مفتاح تحفيز التعاون الصيني العربي

محمد لهوازي
  • 1523
  • 9
ح.م
عبد القادر مساهل رفقة مدير مكتب الشؤون الدولية للحزب الشيوعي الصيني، يانغ جيشي

أكد وزير الشؤون الخارجية، عبد القادر مساهل، أن محافظة جمهورية الصين، على مرتبة الشريك التجاري الأول للجزائر بمعدل سنوي يفوق 8 مليار دولار من إجمالي الواردات الجزائرية.

وفي مقابلة مع وكالة الأنباء الصينية “شينخوا”، قال مساهل إن الجزائر تعد بحكم علاقاتها المتميزة مع الصين ودورها المحوري في العالم العربي فاعلا أساسيا لتحفيز التعاون الصيني العربي.

وأوضح بأن العلاقات الجزائرية الصينية عرفت خلال السنوات الماضية نموا متسارعا تجلى في محافظة الصين على مرتبة الشريك التجاري الأول للجزائر بمعدل سنوي يفوق 08 مليار دولار أمريكي من إجمالي الواردات الجزائرية وإنجاز عدة مشاريع للبنى التحتية عبر ربوع التراب الوطني كما تم تسجيل دعم لافت للإطار القانوني للتعاون الثنائي بجملة من الاتفاقيات نذكر منها تلك الموقعة في مجال الفلاحة والصيد البحري وغيرها من القطاعات.

ونوّه الوزير بالجهود المشتركة المبذولة في مجال علوم وتكنولوجيا وتطبيقات الفضاء والتي توجت بالإطلاق الناجح لأول قمر صناعي جزائري للاتصالات (Alcomsat1) انطلاقا من الأراضي الصينية بتاريخ 11 ديسمبر 2017، حيث شكل هذا الحدث المتميز محطة هامة في تعزيز التعاون الثنائي بين البلدين – حسب مساهل-.

وبخصوص تبني الجزائر لمزيد من سياسات الانفتاح الاقتصادي لجذب المزيد من الاستثمارات في المستقبل، أوضح مساهل أن الجزائر اتخذت منذ تبنيها لنظام اقتصاد السوق في فترة التسعينيات عدة إصلاحات وتدابير لتحسين “مناخ الأعمال” وتحفيز الاستثمار الأجنبي، بالرغم من مرورها بفترة العشرية السوداء التي أثّرت سلبا على اقتصادها، وتواجدها حاليا في محيط إقليمي يتميز بعدم الاستقرار، فكما تعلمون، يبقى الاستقرار السياسي والأمني عاملا أساسيا لجذب الاستثمار أجنبي.

وقال الوزير إنه “بالإضافة للمزايا والفرص الاستثمارية الضخمة التي يتوفر عليها بلدي، نعمل في الجزائر على ضمان استقرار الإطار القانوني والتنظيمي في مجال الاستثمار قصد توفير رؤية واضحة للـمتعاملين الأجانب وإعداد خريطة لفرص الاستثمارات عبر التراب الوطني على نحو يوجّه ويحفز الـمرشحين لإنجاز الـمشاريع والحفاظ على مجموع المزايا الجبائيّـة وشبه الجبائيّة التي يقرّها قانون الاستثمارات، بما في ذلك الـمحفزات الخاصة المعتمدة لتشجيع الاستثمار في ولايات الجنوب والهضاب العليا والإبقاء على الامتيازات التكميلية الـممنوحة بموجب القانون وتطوير البنى التحتية عبر كافة التراب الوطني خصوصا السكك الحديدية والموانئ”.

وفي هذا السياق، أكد الوزير على “الأهمية البالغة التي توليها السلطات العليا الجزائرية لإنجاز مشروع “ميناء الوسط”، الذي يكتسي طابعا استراتيجيا على المستويين الوطني والإقليمي، حيث سيسمح بربط السوق الصينية بالسوق الإفريقية، من خلال الطريق العابر للصحراء، الذي يصل الجزائر بلاغوس في نيجيريا، وكونه سيشكّل قطبا لجذب المستثمرين نحو المنطقة اللوجستية الهامة المحيطة بالميناء ومن خلالها نحو المنطقتين المتوسطية والإفريقية”.

الجزائر تتغاضى عن عرض تمويل صيني

وبخصوص إمكانية لجوء الجزائر إلى الاستدانة الخارجية عبر صندوق خاص في إطار التعاون الصيني العربي والتعاون الصيني الإفريقي، نفى الوزير ذلك وأكد أن الحكومة الجزائرية خلال السنوات الأخيرة اعتمدت تدابير مالية خاصة بهدف الحفاظ على الاستقلال المالي للبلاد ومواصلة تمويل البناء الوطني، من بينها التسديد المسبق للمديونية الخارجية، إنشاء صندوق ضبط الإيرادات والتسيير الحذر لاحتياطات الصرف، كما قامت مؤخرا، عقب انهيار أسعار المحروقات في السوق العالمية، بإجراءات استثنائية كتحديد حصص الاستيراد عن طريق الرخص واللجوء الاستثنائي لطرق التمويل غير التقليدية.

وأشار إلى أن هذه التدابير تندرج ضمن خطة شاملة انتهجتها الجزائر قصد الخروج من التبعية لقطاع المحروقات وتعزيز الاستثمار في كافة القطاعات المنتجة للسلع والخدمات على نحو يساهم في رفع صادراتها وتنويعها بشكل محسوس، على المدى المتوسط، كقطاع الصناعة والزراعة والسياحة.

وفيما يتعلق باستثمارات الشركات الصينية في الجزائر، أوضح وزير الخارجية، أن الجزائر والصين وقّعتا في شهر أكتوبر 2016، على اتفاق إطار في مجال تعزيز القدرات الإنتاجية، يهدف إلى إعادة هيكلة العلاقات الثنائية الاقتصادية بين البلدين والتي ترتكز بشكل خاص ومنذ مدة ليس فقط على التبادل التجاري بل تعداه إلى إبرام عقود الإنجاز العمومي والتوجه نحو ديناميكية استثمار وإنتاج مشترك من خلال وضع إطار تنفيذي وقاعدة للشراكة الصناعية والتكنولوجية بين البلدين، حيث يغطي الاتفاق مجالات: الصناعات التحويلية واستغلال الموارد والطاقات (الغاز والنفط) والصناعة الميكانيكية وصناعة السكك الحديدية  والحديد والصلب والبنى التحتية والصناعة البتروكيمياوية والطاقات المتجددة والنجاعة الطاقوية وتحويل المواد المنجمية والبناء والأجهزة الكهرومنزلية بالإضافة إلى التعاون التقني.

وقد توج الاجتماع الأول للجنة المشتركة المكلّفة بتنفيذ هذا الاتفاق، المنعقد بالجزائر، في شهر جانفي المنصرم – يقول مساهل – بالاتفاق على قائمة من المشاريع ذات الأولوية في إطار الشراكة الجزائرية الصينية.

وتضم هذه القائمة مبدئيا خمسة مشاريع هامة تتعلق بإنجاز ميناء الوسط بالحمدانية، استغلال الفوسفات بالشرق الجزائري، المناولة في مجال صناعة السيارات، صناعة وسائل الدفع الالكتروني واستغلال الغرانيت والرخام، كما تمّ في ذات السياق، بعث عدة مشاريع صناعية من قبل شركات صينية عبر كافة التراب الوطني ومن المنتظر أن تفتح آفاق جديدة لتعزيز التعاون الثنائي، من خلال إنشاء شراكات قوية مع مؤسسات صينية تنشط في مجالات التصنيع، ما سيمكّن الجزائر من تنويع اقتصادها ويجعل منها وجهة مميزة للمستثـمرين الصينيين – يضيف مساهل-.

مذكرة تفاهم لتسهيل دخول السياح الصينيين

وردا على سؤال بخصوص التبادلات الإنسانية بين الجزائر والصين والمبادرات الجديدة التي تقوم بها الجزائر لتعزيز التبادلات الثقافية الثنائية، قال الوزير إن التبادلات الإنسانية الجزائرية الصينية عرفت منذ إرساء علاقات الشراكة الإستراتيجية الشاملة بين البلدين سنة 2014 ديناميكية ملحوظة، تميّزت بإيفاد كل بلد لطلاب إلى البلد الآخر، التعاون في مجال تحسين الموارد البشرية من خلال تنظيم دورات تكوينية، التعاون بين الجامعات ومعاهد التعليم العالي والكتّاب والصحفيين، تنظيم التظاهرات الثقافية وتبادل الزيارات في هذا المجال والتواصل بين المنظمات الأهلية والشبابية بالبلدين، وغيرها من النشاطات.

وأفاد مساهل بأن “تعليم اللغة الصينية يحظى باهتمام خاص في الجزائر لاسيما وأنّ الإقبال عليها من قبل الشباب الجزائري يزداد من سنة لأخرى، كما تسعى الجهات المختصّة في الجزائر للترويج لبلادنا كوجهة سياحية لدى الصينيين، لاسيما وأنّ السلطات الصينية قد صنّفت الجزائر كوجهة سياحية معتمدة عام 2006، ولعلّ “مذكرة التفاهم في مجال تسهيل سفر أفواج السياح الصينيين إلى الجزائر” التي نحن بصدد التوقيع عليها، ستساهم في تشجيع المواطنين الصينيين لزيارة الجزائر واكتشاف مواقعها السياحية وتنوّعها الثقافي”.

وبخصوص قضية مقتل مواطن صيني في الجزائر العاصمة خلال عملية سرقة، أوضح مساهل أن “هذا الحادث المؤسف الذي لا يمت بأية صلة لأخلاق وتقاليد الضيافة التي يتميز بها الشعب الجزائري. وقد تم في ظرف قياسي إلقاء القبض على الجناة وإحالتهم على العدالة لمحاكمتهم. ومهما يكن من أمر فإن هذا الحادث يبقى معزولا. والجزائر بلد آمن ومستقر حيث تسخر الحكومة كل ما تملكه من إمكانيات بشرية ومادية لضمان سلامة وأمن المواطنين الجزائريين والأجانب وممتلكاتهم على حد سواء ودون تمييز”.

شراكة اقتصادية حقيقية عربية صينية

وبخصوص احتفال الجزائر هذا العام بالذكرى الستين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الجزائر والصّين، قال مساهل إنّ “الاحتفال بالذّكرى الستين لإقامة العلاقات الدبلوماسية الجزائرية الصينية لمناسبة عزيزة علينا لما تحمله من معان نبيلة ودلالات عميقة تعكس عراقة ومتانة الأواصر بين بلدينا وشعبينا الصديقين، والتّي لم تعرف على مدار السنين سوى التميّز والامتياز، ولعلّها سانحة سنؤكّد من خلالها تمسّكنا بنفس المبادئ وتقاسمنا لنفس الرؤى حيال القضايا الدولية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك وحرصنا الدائم على المضيّ قدما في سبيل تعزيز الشراكة الاستراتيجية الشاملة القائمة بيننا منذ 2014”.

وتخليدا لهذا الحدث الهامّ –يقول مساهل- يتم تنظيم جملة من التظاهرات والنشاطات على مدار السنة في كلا البلدين وفي شتى المجالات، كتبادل زيارات الفرق الثقافية، إطلاق بعض المشاريع الثنائية، إقامة المعارض وإصدار طوابع بريدية. وزيارتي إلى الصين يومي 11 و12 جويلية 2018، تندرج هي الأخرى في إطار الاحتفال بهذه الذكرى.

وحول استضافة الصين الدورة الثامنة لمنتدى التعاون الصيني العربي على المستوى الوزاري، قال وزير الخارجية إنه “منذ إرسائه عام 2004، ساهم منتدى التعاون العربي الصيني كآلية تعاون فعّالة في توطيد العلاقات بين الطرفين فصارت اليوم تشمل جلّ مجالات التعاون، إذ لا تقتصر على التشاور والحوار السياسي، بل تعدّته إلى إقامة شراكة اقتصادية حقيقية عربية صينية، وبالنظر للإرادة السياسية للجانبين في مواصلة تعزيز العلاقات الثنائية بين الصين والمنطقة العربية، فإنّني على يقين بأن الدورة الثامنة للمنتدى ستكلّل بالنجاح وستسمح لنا بوضع برنامج عمل للعامين المقبلين يتماشى وتطلّعات شعوبنا”.

وأضاف بقوله: “تأتي الدورة الثامنة لمنتدى التعاون الصيني العربي في وقت تشهد فيه المنطقة العربية عدة توترات على الصعيد الأمني والسياسي وتواجه فيه جملة من التحديات على المستوى الاقتصادي والتنموي، لذا سيتطرق المشاركون إلى موضوع التنمية في المنطقة العربية وكذا دراسة الأوضاع في سوريا واليمن وليبيا وفلسطين المحتلة، كما سيناقش الجانبان القضايا الدولية ذات الاهتمام المشترك وسبل تعزيز التعاون الثنائي لاسيما في مجال التبادل الثقافي والتواصل الإنساني”.

مقالات ذات صلة