مسكين جمهور الكرة في الجزائر!
لقاء الداربي بين المولودية والاتحاد كان مخيبا هذه المرة ولم يحمل سوى الاسم من الناحية الفنية والتقنية رغم الحضور الجماهيري القياسي الذي صنع الفرجة في المدرجات وخرج من دون أن يستمتع، ورغم كل الادعاءات التي كانت تقول إن الكرة الجزائرية بخير وتتوفر على كثير من المهارات المحلية القادرة على صناعة الفرجة وطرق أبواب المنتخب الأول.
الداربي كان تعيسا فوق الميدان انتهى من دون أهداف، ودون إثارة ولا مستوى فني راق لم يقدر على صناعته لاعبون يتقاضون مئات الملايين وينتمي بعضهم للمنتخب الأول ومنتخب أقل من 23 سنة لم يقدروا على صناعة الفارق ولا على البروز كلاعبين دوليين!
المستوى الهزيل للداربي أكد بما لا يدع أي مجال للشك بأن الكرة الجزائرية من خلال نواديها لاتزال بعيدة تماما عن المستوى المطلوب رغم الاهتمام الشعبي والإعلامي، ورغم توفر كل الظروف الملائمة لأداء مباراة في القمة من خلال ذلك الحضور الجماهيري القياسي، والهالة الإعلامية التي أحيط بها اللقاء!
المستوى الهزيل الذي ظهر به أغنى ناديين في الجزائر جاء ليؤكد بأن مشكلة الكرة عندنا ليست في قلة الموارد المالية، وليست فقط في نقص المرافق، ولكن مشكلتنا في ضعف التأطير وغياب التكوين ومحدودية مستوى لاعبينا، ومشكلتنا في الغرور الذي يطبع كثيرا من التصريحات الفنية والإعلامية والكتابات الصحفية التي تتلاعب بمشاعر عشاق الكرة من خلال التسويق للاعب المحلي والمدرب المحلي على أنهما كفيلان لوحدهما برفع مستوى الكرة الجزائرية!
من كان يطبل للاعب المحلي والمدرب المحلي يجب أن يعلم بأن أغلب النوادي الجزائرية لا تثق في المدرب المحلي، وأغلبها يتهافت على لاعبين مغتربين كانوا ينشطون في الدرجة الرابعة والخامسة في فرنسا مقابل رواتب تقدر بالملايين. كما أن المولودية ووفاق سطيف وشباب قسنطينة وغيرها من النوادي تضم في صفوفها عدداً كبير من اللاعبين المغتربين على حساب اللاعبين المحليين الذين يفتقدون لكثير من مقومات لاعب كرة القدم الحديثة لأسباب مختلفة!
من كان يعتقد بأن اعتماد الاتحادية على اللاعبين المحترفين من خارج الجزائر هي سياسة فاشلة فيجب أن يعلم بأن الخيار كان صائبا، ولولاه لما تأهلنا إلى المونديال مرتين متتاليتين، ولو اعتمدنا على اللاعبين المحليين فقط لما تأهلنا حتى إلى نهائيات كأس أمم أفريقيا بالنظر للمستوى الفني المتواضع للاعبين والمؤطرين عندنا، ونظرا لاعتماد كل المنتخبات الإفريقية على نجومها المحترفة دون عقدة أو حرج!
الجمهور الرياضي الذي تابع داربي المولودية مع الاتحاد اكتشف بأنه كان عرضة لمغالطات كثيرة عنوانها اللاعب المحلي والمدرب المحلي، واكتشف بأننا تراجعنا كثيرا فنيا وفكريا وكرويا، وبأننا مازلنا لم نرتقِ بالكرة إلى المستوى اللائق، ولن يكون لنا ذلك من دون العودة إلى تكوين اللاعبين وإعادة تأهيل المدربين وتوفير مراكز للتكوين والتدريب، ومن دون تخلي بعض الإعلاميين والفنيين عن عنادهم والعودة إلى قول الحقيقة للجماهير والاعتراف بأن الكرة الجزائرية لاتزال بعيدة عن المستوى المطلوب.