مشاهير ألهمتهم الجزائر فخلدوها للتاريخ

 كثير هم المشاهير، وأعلام القرن الماضي، من هاموا عشقا بالجزائر، الأرض الطاهرة، التي ولدوا وترعرعوا فيها، أو احتكوا بها في فترة من فترات حياتهم العصيبة… إنها الجزائر، التي لا يصبر على فراقها أحد… الشروق العربي، تنفض الغبار عن أرشيف الذكريات، في حياة كبار الأدباء والمبدعين، الذين خلدوا بلد المليون شهيد، في إرثهم العالمي.

 سان لوران… الطريق إلى وهران

لم يمر على موضة ثالوث مبدع، كشانيل وديور وإيف سان لوران… وقد يكون سان لوران أكثرهم إبداعا وزخما وعطاء، بفضل طفولة ومراهقة، قضاها في أجمل مدينة في إفريقيا، وهران، التي يصفها بأنها حاضرة لا تغيب عنها الشمس، مدينة متوهجة بباتشوارك، أي مزيج من ألف لون، تحت شمس شمال إفريقيا”… ولم يخف سان لوران أنه استوحى الكثير من تصاميمه العالمية من مدينة وهران، بزرقة سمائها وشوارعها ومبانيها وبلوزتها… إيف سان لوران، الذي تتهافت ملايين النساء على تصاميمه، كان في رحلة بحث دائمة عن الألوان والمواد التي تذكره بجوهرة الغرب، ويردد اسمها في كل المحافل الدولية والعروض منقطعة الجمال، التي كان يقدمها…

 ماركيز… سجين باسم الثورة الجزائرية

 رحل عنا منذ ست سنوات تقريبا، كاتب وأديب كولومبي، كتب للعالم، والعالم كله قرأ له… إنه حائز جائزة نوبل للآداب، غابريال غارسيا ماركيز… علاقته بالجزائر جاءت صدفة، في أحداث 17 أكتوبر 1961 الأليمة، التي راح ضحيتها آلاف الجزائريين، الذين قذفتهم فرنسا في نهر السين اللعين، بعد مظاهرات سلمية، مساندة لثورة التحرير.. كان غابريال يرتشف قهوته في مقهى باريسي، يرتاده الكثير من الجزائريين، عندما تسارعت الأحداث، فتم القبض عليه خطأ، مع جملة من المهاجرين، من طرف موريس بابون، بسبب سحنته السمراء، وشعره المجعد، وقضى ساعات طوالا في السجن، استجوب واستنطق، وكاد أن يهلك مع الهالكين، غرقا في نهر الانتقام… أخبرهم بأنه كولومبي، فحسبوه وهراني يجيد الإسبانية… كان وضعه متأزما في الزنزانة، إلى أن ربط صداقة قوية مع أحمد طبال، أحد مناضلي حزب جبهة التحرير… بعد إطلاق سراحه، انضم غابريال غارسيا إلى الجبهة، وكان مكلفا بإرسال تقارير عن عمل الأفلان إلى صحيفة “أندبندنت” الكولومبية… بعد الاستقلال، زار غابريال غارسيا الجزائر، وقال جملته المشهورة: “الثورة الجزائرية هي الثورة الوحيدة التي دخلت السجن من أجلها”.

من أشهر مؤلفاته “الحب في زمن الكوليرا”، “مائة عام من العزلة”، “وقائع موت معلن”، “عن الحب وشياطين أخرى”.

 روبير.. القاموس الفرنسي الذي ألف في الجزائر

من أشهر الشخصيات، التي كانت لها علاقة وطيدة بالجزائر، اللساني الشهير، روبير بول، صاحب قاموس روبير للغة الفرنسية، الذي بيع منه ملايين النسخ… ولد بول روبير سنة 1919، في مدينة الشلف، أو أورليانفيل، وكان جده إدوارد غوان حاكما على قسنطينة.

وقد سمي على اسم عمه، الذي قتل في مبارزة بالمسدس في حسين داي. بعد وفاة والده، جوزيف، ساعدته سيدة جزائرية على الالتحاق بالمدرسة، ودرس بعدها في ثانوية بيجو بالعاصمة، الأمير عبد القادر حاليا.. أكمل دراسته الجامعية باستحقاق في الحقوق، وقدم مذكرة تخرج حول الحمضيات في العالم.. وجد صعوبة في تحديد العديد من المصطلحات بالفرنسية، فألف قاموسا في عشرين سنة من حياته، كان معظمه في الجزائر‪.

كامو… أو شرخ الأحاسيس

 ألبير كامو، الكاتب الفيلسوف، الذي ارتبط اسمه بالجزائر، ارتباطا وثيقا، وكان من بين أكثر الأدباء شهرة في زمانه، خلف العديد من الروايات والأعمال الخالدة، منها الغريب والطاعون بعيدا عن الرجال.. ارتبط اسمه بالعديد من المدن في الجزائر، فقد ولد كامو في 7 نوفمير 1913، في عنابة، ودرس في العاصمة، وأصيب بمرض السل، ودخل مستشفى مصطفى باشا… عمل صحفيا في 1939، وكتب في صحيفة “آلجي ريبوبليكان” مقالا هز فرنسا، بعنوان الفقر في بلاد القبائل.. ارتبط اسمه بالثورة الجزائرية، لكن بطريقة سلبية، إذ كان من دعاة الجزائر فرنسية، لكن غير مستعمرة… في 16 أكتوبر 1957، صرح بعد تسلمه جائزة نوبل للآداب بعد أن سأله طالب جزائري عن رأيه في حرب التحرير فقال: “لطالما أدنت العنف، لذا يجب أن أدين الإرهاب الأعمى في شوارع العاصمة مثلا، الذي يمكنه أن يصيب أمي… أنا أومن بالعدالة إلا أنني سأدافع عن أمي قبل العدالة”.. وهكذا أعلن كامو رفضه للقضية الجزائرية، الأمر الذي جعل منه كاتبا منبوذا من طرف الجزائريين في ما بعد.. قال كامو عن الجزائر: “أحببت الأرض التي ولدت فيها بكل جوارحي… واستلهمت منها أدبي”.