الجزائر
رجل الأعمال اعترف برغبته في التحوّل إلى النشاط السياسي

مصالح الضرائب تحصي تهرّب مجمّع ربراب من دفع مئات الملايير

الشروق أونلاين
  • 34578
  • 165
ح.م
إسعد ربراب

نقل رجل الأعمال مالك مجمّع “سيفيتال”، حربه المفتوحة إلى الخندق السياسي، بعد ما هدّد في مقابلة مع مجلة “سلامة” الفرنسية، بخوض العمل السياسي “إذا لم تتوقف السلطة عن مضايقته والوقوف في طريق نشاطه الاقتصادي والتجاري”. وهو ما يدفع مراقبين إلى التساؤل عن حقيقة هذا التحوّل في نشاط اسعد ربراب.

هذه النقلة تـُحيل المتابعين إلى سرّ تسييس قضية شراء “مجمّع الخبر” وتضخيمها، بطريقة استعراضية مهوّلة، وهنا يُطرح السؤال التالي: لماذا انتقل السيد ربراب إلى “تجارة الإعلام”؟ ولماذا يُريد رجل أعمال برصيد مالك “سفيتال” شراء مجمعات إعلامية كبيرة؟ والأهم من ذلك، لماذا يجهر ربراب برغبته في التوجّه نحو العمل السياسي في هذا الظرف بالذات؟.. وإن كان العمل السياسي حق مشروع لأيّ “مواطن”، إلاّ إن الضجة المثارة منذ عدّة أشهر، حول ما اصطلح عليه “قضية ربراب”، يثير تساؤلات حقيقية حول رغبة الأخير في نقل استثماراته إلى الحقل السياسي؟

 

البداية من “ثورة السكر والزيت”

الإجابة عن مثل هذه الاستفسارات، يذكـّر الملاحظين، بما سمي “ثورة السكر والزيت” في جانفي 2011، وكيف فجّر بعض رجال المال والأعمال، وبينهم ربراب، الشارع، بعد ما رفضوا الامتثال لمشروع الحكومة آنذاك لإقرار نظام التعامل بالفوترة والصكوك، لكن منطق “الشكارة” سيّس القضية، وألهب غضبا مفبركا، وانتزع في الأخير نصرا أبقى على الوضع القائم!

السيد ربراب الذي “يهدّد” باقتحام النشاط السياسي، يدفع متابعين إلى رسم علامات استفهام: هل سيؤسس رجل الأعمال حزبا سياسيا مثلا؟ أم أنه سيستعمل مجمعه الإعلامي -في حال حكم العدالة بشرعية الصفقة- في تجييش الشارع وتهييجه؟ أم أنه سيكتفي بركوب استثماراته لممارسة الضغط باختلاق “أزمة غذاء” تمسّ تحديدا سكر وزيت الجزائريين؟

الغريب حسب ملاحظة مراقبين، إن أغلب استثمارات ربراب، مركزة في الخارج، ففي فرنسا وساحل العاج والبرازيل وايطاليا والسودان، وغيرها، يسترخي جزء من “المساعدات المالية” التي استفاد منها السيد ربراب من الخزينة العمومية بالجملة والتجزئة، في إطار التسهيلات الاستثنائية والحصرية التي حظي بها بداية التسعينيات!

 

التصحيحات الضريبية بالأرقام

وفي ظلّ هذا التسييس، تكشف “المراقبة المالية” حسب مصادر متطابقة من مصالح الضرائب، إن “التصحيحات الضريبية” التي خضع لها مجّمع “سيفيتال” وفروعه ما بين سنوات 2005 و2008، كشفت تهربا ضريبيا قدره 5.640.501.988 دينار، ويتوزع هذا المبلغ الضخم، على 18 فرعا تابعا لمجمّع “سفيتال” الذي يمتلكه اسعد ربراب.

وتكشف وثيقة “المراقبة المالية” إن الضرائب المعنية تخص كلاّ من “سفيتال بجاية”، “شركة سمحة”، “هونداي موتورز”، “فرع كوجيك”، “فرع نوميديس”، “سيفيتال أم تي بي”، “فرع سيفيكار”، “شركة ميديتيرانيان فلوات غلاس”، “سيفيتال أونتربريز”، “أس بي يا نوليس”، “سيفيتال اينجيرينيغ”، “فرع إموبيس”، “شركة كوجات”، “شركة acts”، “شركة باتيكومبوس”، “سيفيتال مينيرال”، “شركة سيفلاغرو” و”شركة “سفيكو”.

وتدعو هذه الأرقام المهولة المتعلقة بالتصحيحات الضريبية، لمجمّع سيفيتال، إلى التساؤل عن سرّ مركزة ربراب لاستثماراته عبر عدد من البلدان، في وقت يُواجه فيه تهربا ضريبيا بالجزائر؟  

 

الاعتراف سيّد الأدلة

ربراب اعترف وقال في رده على أسئلة “سلامة” الفرنسية”: “نعم، الرهان سياسي بامتياز”(..)، وهذا وحده كاف برأي محللين للتدليل بأن خيار مالك “سفيتال” في الاستحواذ على وسائل إعلام ثقيلة في الجزائر، ليس هدفه إطلاق حملة ماركتينغ لفائدة السكر والزيت والزجاج ومختلف استثماراته، أو التسويق لعلامة “براند” بعد ما سحب منه العملاق الكوري الجنوبي علامة “سامسونغ”، وإنما الغرض المكتوم هو التموقع سياسيا والتحضير للتخندق مستقبلا باستعمال أذرع مالية وإعلامية!

كان بقدرة السيد ربراب حسب خبراء، إقامة مشاريع جديدة في مجال التجارة والصناعة والاستثمار، بما يستحدث مناصب شغل ويُساهم في تخفيف أعباء البطالة، لكن الرجل “هرب” نحو مجمعات إعلامية “بلا مداخيل ولا عائدات” باستثناء ما يُحصل من مدخرات الإشهار المتضائل، الذي قد لا يكفي أحيانا حتى لضمان كتلة أجور الموظفين على المدى الطويل!

رغبة “أغنى” رجل أعمال بالجزائر، في تسييس نشاطه، بدأ بمحاولته “تدويل” قضيته عندما كان متواجدا بالبرازيل طالبا “ضمانات للعودة”، ومروّجا لصدور مذكرة توقيف في حقه، تمّ تكذيبها أمنيا وسياسيا في حينها، كما يقرأ اليوم أيضا هذه الرغبة المتنامية، الخطأ الجسيم، وغير المحسوب، الذي ارتكبه ربراب، عندما صرح مؤخرا لإحدى القنوات الخاصة: “إنهم يقفون ضدّي لأنني قبايلي”(..).

 

لعب بالنار وإيقاظ للفتنة

وهو تصريح خطير أثار الرأي العام، وأغضب حتى سكان منطقة القبائل الأحرار، فقد وقع ربراب حسب ملاحظين، في فخ المغالاة بـ”الجهوية”، ومحاولة استغلال منطقة عزيزة على كلّ الجزائريين، في انحراف فلكلوري كان هدفه “تخويف” خصومه، لكن وقع في محظور التحريض والتأليب وصبّ البنزين على النار!

لم ينتبه السيّد ربراب، برأي مراقبين -وقد يكون المشكل في مستشاريه والمحيطين به- فتورّط في الشروع في إيقاظ فتنة نائمة، لعن الله من أيقظها، بعدما حاولت فرنسا وخططت رفقة بقايا أذنابها لإشعالها مرارا وتكرارا، لكن وطنية سكان المنطقة ووعيهم الحضاري والسياسي وانتمائهم اللامحدود وغير المشروط للإسلام دينا والجزائر وطنا، أجهض هذه المشاريع وجعلها هباء منثورا.

 وفيما كان متخوّفون من آثار “أزمة البترول” ينتظرون “خدمات” ربراب كغيره من رجال المال والأعمال والمستثمرين، بما يُساهم في حلحلة الضائقة المالية أو تخفيف تداعياتها، فإن الرجل مشغول مثلما يسجله متابعون، بتسييس قضاياه الافتراضية، وعينه وقلبه على المجمعات الإعلامية، ضمن خطة جديدة، ظاهرها استثمار، وباطنها سياسة، وها هو ربراب يقولها بالفم المليان: “إذا لم يتركني هؤلاء الناس وشأني، فإنني لن أتوان في أن أفكر في دخول عالم السياسة”!..القضية للمتابعة.

مقالات ذات صلة