الشروق العربي

مصيبتان .. “البربريست” و”المداخلة”

حسان زهار
  • 2680
  • 20
فاتح بارة

من أخطر ما ابتليت به الجزائر، في السنوات الأخيرة، نوعان من التنطع و الهذيان، الأول يخص دعاة “البربريست” من دهاقنة الانفصال الترابي والحضاري عن الأمة، والثاني يخص أدعياء الدين وكهنة معبد آمون، من المداخلة الذين اعتقدوا بامتلاك مفاتيح الجنة والنار، وبدا لهم الحق في إعطاء من شاؤوا صكوك الغفران .

في الجانب الأول من المعادلة، تقف جماعات الماك الانفصالية، على النقيض من طموحات الشعب في تحقيق الوحدة والانسجام بين جميع أبنائه، ولذلك تستورد فتاويها من باريس وتل أبيب، ولا تتحرك إلا وفق خطط القوى الدولية المعادية، فكان من نتيجة هذا الفكر المريض، أن صار الإسلام دين احتلال، والعرب قوى استعمار، وعقبة بن نافع كبير المجرمين، بل إن هنالك من استبدلوا نبوءة الرسول الأكرم بعجل معطوب الوناس، لينتهي بهم المطاف برفع راية غير الراية الجزائرية، ونشيد غير نشيد قسما، في عملية انفصال تام عن شهداء الثورة الذين حرروا هذا الوطن.

أما في الجانب المقابل، فيظهر دعاة المدخلية من السلفية البائسة، وقد دبجوا فتاويهم وفق ما تقرهم أجندات السعودية، على اعتبار أنهم وحدهم الفرقة الناجية، ووحدهم من يستحقون الانتساب إلى “أهل السنة والجماعة”، أما باقي الفرق الأخرى، بمن فيهم الأشعرية والصوفية وحتى الإخوان المسلمون، الذين تعاديهم دولتهم فتحاصر قطر وتجعل من تركيا مأحد رؤوس محور الشر، فهم أهل بدع وأهواء، لا يفصلهم عن الكفر إلا مثقال حية من خردل.

هؤلاء الذين يتاجرون بالدين(القلب) وبالعرق (اللسان)، أثبتوا أنهم أكثر الفرق خطورة على وحدة وانسجام الأمة من الداخل، لأن التطرف سمة ملازمة لأصحاب العقول المغلقة، والأجندات الخارجية، التي تتحرك وفق مصالح ما وراء البحر، وإلا هل من الوطنية التفريق بين المواطنين، على أساس المذهب او الاجتهاد والعرق؟ في الوقت الذي تتكتل فيه القوى العظمى، وتتوحد الدول والجماعات المتناقضة عقائديا وإثنيا في الغرب، بعدما أدركت أن الاستمرار في القتال على أسس الطائفية والعرقية، لن يجر إلا إلى الخراب، وأن المصلحة تقتضي التوقف عن منهج الحيوانات المفترسة، من أجل صناعة السلام والتقدم.

لقد أحدثت كلمات الشيخ فركوس للأسف، وهو الذي كان يحظى بقدر جيد من الاحترام، هلعا كبيرا في أوساط الناس، وقد بات التصنيف بين المؤمنين والزنادقة يتم على أساس اللحية والقميص، تماما كما هو حال المدعو فرحات مهني الذي جعل من الوطنية تتم على أساس الانتماء الى “الزولو انكاطا”، والمدهش أن هذا الأخير يدعو منتقديه الى ترك الجزائر والعودة من حيث أتوا إلى السعودية، بينما يعود فركوس وجماعته طوعا الى السعودية لكي يمحو آثار باريس كما يقول، وبين هذا وذاك يزداد ضياع الشعب الغارق في مشاكله اليومية، وإشكالية توفير لقمة العيش الكريم، وشر البلية ما يضحك .

مقالات ذات صلة