-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

مصْيدة‮ ‬للسلفيين‮ ‬ولحزب‮ ‬الله

حسين لقرع
  • 2173
  • 0
مصْيدة‮ ‬للسلفيين‮ ‬ولحزب‮ ‬الله

في الوقت الذي تتصاعد فيه التحضيرات لمؤتمر “جنيف 2” المنتظر عقده قبل نهاية العام الجاري لإيجاد حل سلمي للأزمة السورية، كشفت وسائلُ إعلام أمريكية أن الولايات المتحدة ترغب في استمرار الحرب هناك سنوات أخرى للتخلص من التنظيمات السلفية وحزب الله معاً، وبالتالي ضرب‮ ‬عصفورين‮ ‬بحجر‮ ‬واحد‮.‬

صحيفة “واشنطن بوست” تتوقع استمرار الحرب السورية التي وصفتها بـ”الأشرس” منذ حرب الفيتنام، وهذا إلى غاية عام 2018 وحتى 2023، استناداً إلى ما تقول إنها “دراسات سياسية” تُعنى بالحروب الأهلية، وكذا كثرة التدخلات الإقليمية والدولية المشجِّعة على استمرار هذه الحرب لتحقيق مآربها، في حين نسبت وسائلُ إعلام أخرى تصريحاتٍ إلى سياسي أمريكي لم يكشف عن اسمه يقول فيها “إنه من الأفضل أن تتواصل الحرب في سوريا سنوات، إلى أن يجهز حزب الله والقاعدة على بعضهما البعض، وتتخلص الولايات المتحدة من عدوّين شرسين”، وعبّر هذا السياسيُ عن ابتهاجه لأن ما وصفه بـ”المصْيدة السورية” أصبحت “تغري الجهاديين في مختلف أنحاء العالم بالذهاب للقتال فيها، فيتمُّ التخلُّص منهم جميعاً”، وتوقع هذا السياسي بدوره أن تستمر الحربُ السورية عشر سنوات أخرى.

 

ووفق هذا المنطق، فإن الأرجح أن يفشل مؤتمر “جنيف 2” كما فشل “جنيف 1” ليس لأن السعودية وقوى إقليمية أخرى ترفض أي حل لا يُفضي إلى سقوط النظام السوري، ولكن لأن أمريكا، الفاعل الرئيس في المنطقة والعالم، لا تريد ذلك في قرارة نفسها وإن تظاهرت بحرصها على الحل السلمي، بل ترغب في استمرار الحرب سنوات أخرى للقضاء على كل أعدائها: الجماعات السلفية الجهادية، وحزب الله، والجيش السوري معاً، فلا يهدد بعدها أحدٌ بضربها في أراضيها، ويتنفس الكيانُ الصهيوني الصعداء بعد أن تنهار قدراتُ هذه الأطراف الثلاثة، أو تضعف إلى أقصى درجة ولا‮ ‬تقوم‮ ‬لها‮ ‬قائمة‮ ‬بعدها‮.‬

لقد جرّبت أمريكا الاحتلال العسكري المباشر لأفغانستان والعراق في 2001 و2003، تحت غطاء محاربة “القاعدة”، ولكنها مُنيت بخسائر بشرية ومادية كبيرة في كلا البلدين وخسرت الحربين، كما مُني حليفهُا الصهيوني بهزيمة مذلّة على يد حزب الله في حرب تموز 2006، وما دامت الحربُ قد استعرت وأصبحت على أشدّها الآن بين التنظيمات السلفية المقربة من “القاعدة” وحزب الله الذي يقاتل إلى جانب الجيش السوري، فقد جاءتها فرصة العمر لإضعاف الأطراف الثلاثة في وقت واحد إلى أقصى درجة دون أن تغامر بحياة جندي أمريكي واحد.

ولتحقيق هذا الهدف، سترسل أمريكا وحلفاؤُها الغربيون المزيد من الأسلحة إلى المعارضة العلمانية التي تقاتل إلى جانب التنظيمات السلفية، بينما تترك مهمّة دعم هذه الأخيرة للسعودية ودول أخرى وستواصل غضّ الطرف عنها، وهذا كلما اختلّ التوازنُ العسكري لصالح الجيش السوري وحزب الله، كما حدث بعد معركة القصير منذ أشهر قليلة، حيث ساهمت مئات أطنان الأسلحة السعودية والغربية المتدفقة على المعارضة السورية في إعادة التوازن مجددا بين الطرفين المتحاربين، وبمثل هذه الطريقة تستمرّ الحربُ سنوات طويلة وتحقق الأطرافُ المتحاربة لأمريكا كل‮ ‬أهدافها‮.‬

طبعاً لا يمكن لوم أمريكا على ما تفعله بنا؛ فمصلحتها تقتضي بذلك وهي تعمل المستحيل لتحقيقها بالطرق التي تراها مناسبة، ولكننا نلوم كل من يقع في فخها، بوعي أو غير وعي، ويتصلب في مواقفه، ويغلق الأبواب على كل التسويات والحلول السلمية التي تفضي إلى حقن دماء السوريين‮ ‬والمسلمين،‮ ‬بغض‮ ‬النظر‮ ‬عن‮ ‬مذاهبهم‮ ‬وطوائفهم،‮ ‬فيحقِّقُ‮ ‬للعدوِّ‮ ‬كل‮ ‬أهدافه‮ ‬التي‮ ‬عجز‮ ‬عن‮ ‬تحقيقها‮ ‬بنفسه،‮ ‬وهو‮ ‬يحسب‮ ‬أنه‮ ‬يُحسن‮ ‬صُنعا‮.  ‬

 

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!