الشروق العربي
الطلاق المبكر هل يكون نهاية تعيسة أم بداية سعيدة؟

مطلقات يبحثن عن السعادة بعيدا عن عش الزوجية

نسيبة علال
  • 9952
  • 5
ح.م

“أبغض الحلال عند الله الطلاق”، ذلك لما لهذه الظاهرة الاجتماعية من آثار خطيرة على بنية النسيج الإنساني، خاصة إذا ما تعلق الأمر بالطلاق المبكر، فالكثير من الزوجات خاصة يصبن بالإحباط، وفقدان الثقة في الارتباط مجددا، فيما هناك حالات قليلة تكون فيها نهاية الزواج التعيسة، بداية لحياة سعيدة، ولتحقيق الآمال والطموحات.                   

تفيد إحصائيات قام بها قطاع العدالة سنة 2018 بأن أكثر من 58 بالمائة من حالات الطلاق في الجزائر لا تتعدى مدة الزواج فيها سنة كاملة، رقم رهيب يدق الخبراء ناقوس الخطر حياله، خاصة أن غالبية الحالات التي تضمها هذه النسبة، ما دون سن الخامسة والعشرين، وأحيانا مع وجود طفل، ذلك أن ارتفاع ظاهرة الطلاق المبكر في المجتمع الجزائري، باتت تنتج مزيدا من الحالات الاجتماعية المستعصية، وأزمات أسرية تعود بالسلب على البنية السليمة للمجتمع، إذ إن قلة قليلة جدا من ضحايا الطلاق المبكر، من يستطيعون تدارك الوضعية، والالتحاق السريع بركب الحياة الاجتماعية والمهنية.

دمرني الطلاق المبكر

أثناء وجود الشروق العربي بموعد عمل لدى إحدى عيادات الطب النفسي، التقينا برانيا، ذات الأربع والعشرين ربيعا، مطلقة منذ خمس سنوات، تعيش إلى حد اليوم تجربة اجتماعية مريرة، قادتها إلى أخصائي نفساني، علها تتمكن من تجاوزها أخيرا، تقول: “تركت دراستي الجامعية على أمل وردي، بأن أعيش حياة رومنسية خالية من المعاناة، لكنني وجدت العكس مع زوج دكتاتوري، يعمل في قطاع الأمن، يغيب لأسابيع، ويعود ليعنفني، فطلبت الطلاق”. بعد طلاقها في سنة الزواج ذاتها، عن عمر يناهز 19 سنة، شكلت العائلة والمحيط نوعا آخر من العنف ضد رانيا، ومنعتها من العودة إلى التمدرس، بعد أن كانت طالبة متفوقة، ومنعتها حتى من التكوين أو العمل لإعادة الاندماج في المجتمع، تقول: “أيامي أصبحت متشابهة، روتين قاتل، تدهورت صحتي النفسية والجسدية بسبب الفراغ الرهيب، كل هذا لأقبل بالزواج مجددا، لكنني مازلت تحت صدمة الانفصال، ولا يمكن أن أرتبط، فالزواج بات يعني لي جحيما أكثر مما أعيشه حاليا”.

بدأت حياة جديدة بعزيمة أكبر

في بعض الحالات، يكون الطلاق المبكر كنهاية تعيسة لقصة علقت عليها الكثير من الأمنيات السعيدة، وفي الوقت ذاته يكون بمثابة بداية جديدة لسيدات في مقتبل العمر، علمتهن التجربة كيف يتحدين آراء وأقوال المجتمع وينتفضن ضدها بأساليب عديدة، كالنجاح على المستوى الدراسي أو المهني، أو تكوين علاقات اجتماعية مميزة، وإعادة تجربة الزواج وتكوين أسرة. وهناك الكثير من الأمثلة، على غرار صفاء، التي تركت دراستها بعد نيلها شهادة الباكالوريا عام 2008، وتزوجت بشاب من عائلة غنية، وأنجبت توأما، أحمد ومحمدا، وتبين فيما بعد أن زوجها مدمن وتاجر مخدرات، فتركته وطلبت الطلاق.. بعدها، تم إلقاء القبض عليه وسجن، تقول صفاء: “انعزلت مدة سنتين، وأهملت نفسي وابنيّ، ولكنني سرعان ما تداركت أن الزمن يمر بسرعة، فقررت الحصول على رخصة سياقة وسيارة مستعملة لتيسير ظروفي، فبدأت أعمالا حرة من المنزل، ونلت ذلك، ثم سجلت متخلفة بأربع سنواتعن صفي الدراسي، كان صعبا تربية طفلين والعمل والدراسة معا، ولكنني ثابرت واجتهدت وتخرجت مهندسة، واليوم، أمتلك مكتبا مشهورا وحياة هادئة، السعادة والنجاح لم تعد ترتبط بالزواج في ذهني..”.

أما نريمان، التي طلقت عن عمر 25 سنة، بعد قصة حب دامت ثلاث سنوات، فتقول: “كنت أعتقد أن الحب يكمن في الغيرة على التفاصيل الصغيرة، لكن الأمر زاد عن حده، لقد عشت سنة من الضغوط النفسية الرهيبة، لا تحركات خارج المنزل، حتى إنني منعت من زيارة أهلي إلا في المناسبات، وحينما انتفضت ضد القهر طلقني زوجي، لم أستسلم وخضت تجربة زواج ثانية، أتمتع اليوم بجميع حقوقي وأعيش راحة نفسية عميقة ودلالا زائدا، وأمامي كل سبل إثبات الذات، رغم أن زواجي تقليدي”.

مقالات ذات صلة