جواهر
لأسباب تتعلق بالغيرة والحضانة والنفقة

مطلقات يواجهن الضرب والعنف من قبل أزواجهن السابقين

زهيرة مجراب
  • 4727
  • 15
ح.م

تتصدر قضايا العنف والاعتداء على النساء قائمة الجرائم الأكثر تداولا في المحاكم، حيث لا تكاد تخلو جلسة منها ويكون المعتدي، الزوج، الوالد، الأشقاء، بل وأحيانا حتى من المحيطين من جيران وأصدقاء، وتستعمل فيه وسائل عديدة لا تخطر على البال، لكن ما يبعث على الحيرة والدهشة التزايد الكبير لقضايا نساء تعرضن للعنف من قبل أزواجهن السابقين، فحتى بعد فك الرابطة الزوجية بالطلاق يظل يطاردها لينغص عليها حياتها.
تظن الكثير من النساء اللواتي يكابدن الويلات في حياتهن الزوجية، أن طلاقهن سينهي معاناتهن ويخلصهن من المشاكل اليومية وسيكون بوسعهن بدء حياة جديدة هادئة بعيدة كل البعد عن العنف والضرب والإهانات، لكن ما يصطدمن به بعد الطلاق هو الأسوأ ويبدأ فصل جديد من العنف ما كن يتخيلنه سابقا، وتصبح القضايا والمحاكم جزءا من حياتهن. فيما تحاول نساء أخريات الانتقام من الزوج السابق بالإصرار على متابعته على جرائم ارتكبها أو لم يرتكبها.

يضرب طليقته لمطالبتها بأغراضها

ومن بين القضايا العديدة التي تطرحها المحاكم يوميا، شدتنا قصة شاب تفاجأ بمتابعة طليقته له بتهمتي الضرب والجرح العمد والشتم العلني، وتعود الوقائع عندما ذهبت الضحية رفقة والدتها الساعة العاشرة ليلا إلى منزل المتهم، طالبة منه أغراضها، فرفض موضحا لها أن عملية تسليم الأغراض تكون من خلال حكم، ينفذ بحضور محضر قضائي، ليندلع شجار بينه وبين طليقته ووالدتها لم ينته إلا بتدخل رجال الأمن، وبعد 3 أيام من الحادثة رفعت دعوى ضده، وتحججت بشهادة عجز عن العمل لمدة 4 أيام.

يرغم طليقته على اقتسام مرتبها الشهري معه

حكاية أخرى أثارت استغراب الحضور في قاعة المحكمة بالشراقة وأدهشت القاضي، فالمتهم طلق زوجته، ولأنها لا تملك مكانا تذهب إليه بقيت تقيم معه رفقة أولادها الثلاثة، هي في غرفة وهو في غرفة، ويمارس صلاحياته عليها كزوج فيجبرها على غسل ملابسه وتحضير طعامه، وبحكم عملها كمنظفة يحاسبها ويرغمها على اقتسام راتبها الشهري معه، وفي يوم الوقائع طالبها بالمال فرفضت لتلبية احتياجات أبنائهما، لكن موقفها جعله يستشيط غضبا وغيظا، فدخل في مناوشات كلامية معها، بعدها تناول المكنسة وأبرحها ضربا، وخلال الجلسة أنب القاضي طرفي النزاع وأكد لهما أن طريقة عيشهما حرام ولا تجوز شرعا.

يدفع زوجته من السلالم لطلبها رؤية أبنائها

وتتشابه قضايا الضرب، فالضحية في هذه القصة خلعت زوجها، ولما ذهبت بمحضر قضائي لجلب أغراضها تهجمت عليها حماتها وشقيقة زوجها ونعتاها بأقبح العبارات، لتقوم شقيقة طليقها بالاتصال به فقدم على جناح السرعة ليضربها هو الآخر ويوجه لها عدة لكمات.
أما إحدى المطلقات وهي أم حاضنة لثلاثة أطفال، أصغرهم معها والاثنان الآخران عند طليقها كي يكملا سنتهما الدراسية، لم تتوقع ما ينتظرها، فقد اشتاقت لرؤية فلذات كبدها، لذا ذهبت إلى منزل طليقها وهناك منعها ودفعها بالقوة لتتدحرج على السلالم، فيما أنكر الزوج إدعاءها بحجة أن الطفل رفض الذهاب معها فشدته وحتى يتجنب سقوط ابنه دفعها.

الغيرة والنفقة تشعلان فتيل الخلافات

وتكون الغيرة دافعا آخر لاعتداء الزوج السابق على طليقته وهو ما وقع في قضية الحال، فبعد انفصاله عن زوجته أم ابنه، ظل يترصدها ويتعقب تحركاتها، ولما علم بأنها تتحدث مع شخص غريب، خشي أن تتزوج منه، فترصد تحركاتها وتبعها ليعتدي عليها بالسكين، وهي القضية التي كيفتها النيابة محاولة قتل.
بينما لم تعتقد إحدى السيدات أن مطالبتها طليقها بنفقة أبنائهما ومحاولتها إرغامه على تسديدها ستحوله لثور هائج، ففقد السيطرة على أعصابه وراح يوجه لها الصفعات على مرآى الجميع. وهو ما وقع أيضا لمطلقة أخرى طالبت بنفقة أبنائها، فقام زوجها السابق بضربها باستعمال يديه ورجليه بلكمات وركلات جعلتها تغرق في دمائها وكادت تلفظ أنفاسها، لتنقل على جناح السرعة للمستشفى، أين لبثت في مصلحة الإنعاش.

الأستاذ بهلولي: المطلقات أكثر النساء تعرضا للعنف

أكد المختص في القانون الأستاذ إبراهيم بهلولي، أن جل النساء المعنفات اللواتي يمثلن أمام المحاكم والمجالس القضائية هن مطلقات يتعرضن للاعتداء من قبل أزواجهن السابقين، وهذا لا ينفي تعرض المرأة المتزوجة للضرب هي الأخرى، لكنها حسب المحامي ترفض تقديم شكاوى واللجوء للقضاء حفاظا على بيتها الزوجي، فهي تخشى من تزايد عنفه واعتداءاته عليها فيما بعد.
وأوضح المحامي استخدام الأزواج السابقين مختلف الأدوات والأسلحة البيضاء خلال اعتدائهم على طليقاتهن كالقضبان الحديدية، المكانس، الزجاج، الحجر… وقضايا سب وشتم أيضا، ليضيف الأستاذ بهلولي بأن العقاب يكون حسب تكييف النيابة للجريمة، فهناك بعض قضايا الضرب والجرح تكيف على أساس مخالفة وأحيانا جنحة، وبعض القضايا تكيف جنايات كمحاولات القتل، خصوصا إذا أدى الضرب أو الجرح لبتر عضو من الأعضاء أو عاهة مستديمة. وتكون العقوبة في المخالفة من 10 أيام لشهرين حبسا، وفي حال تجاوز العجز 15 يوما تتراوح العقوبة من شهرين إلى 5 سنوات سجنا وغرامة من 500 إلى مليون سنتيم وأكثر من 5 سنوات سجنا إذا كيفت جناية.
وتستدعي هذه القضايا حسب المختص شهادة طبيب شرعي معززة بشهادة شهود حضروا الواقعة، فالشهادة الطبية في مثل هذه الحالات، غير كافية يكمل الأستاذ بهلولي لكونها تثبت الضرر وليس الفاعل، فلا بد من وجود قرائن وأدلة قوية.
ويرى المختص في القانون كثرة هذه القضايا بعد الطلاق مردها لنشوب صراعات بين الزوجين المنفصلين على المسكن، الأبناء، النفقة.

مقالات ذات صلة