-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

معالمُ لمِّ الشمل

عمار يزلي
  • 1211
  • 0
معالمُ لمِّ الشمل

مشروع لمِّ الشمل، ولو أنه لا يزال غير واضح المعالم، رغم أن ذكره ورد عرضا على لسان رئيس الجمهورية وعلى لسان قيادات الجيش الوطني الشعبي وفي قبة البرلمان، إذا فهمنا الرؤية الجزائرية الجديدة المستقبلية للتغيير والاصلاح والتنمية الجديدة الشاملة، لا يمكن إخراجه عن سياقه التاريخي، في رغبة الجزائر في رؤية أبنائها لحمة واحدة إزاء التحديات الراهنة والمستقبلية نحو تحوّل شامل وتنمية شاملة وتغيير شامل لآليات العمل والقوانين المؤطرة لذلك. هذا التغيير الذي لن يتأتى من دون استقرار سياسي وتلاحم وتكاتف لكل الجزائريين على مختلف مشاربهم السياسية والثقافية والأيديولوجية.

لمُّ الشمل، لا يخرج عن دائرة التصالح مع الذات والمصالحة ما بين الجزائريين أنفسهم الذين فرّقتهم خصومات الأمس القريب والمتوسط، خصوماتٌ كادت أن تعصف بالبلاد نحو الهاوية. هذه الفلسفة وهذه السياسة التي اتخذها رئيس الجمهورية عنوانا لعمله السياسي للتوحيد الوحدوي المبني على المواءمة بين الجدية والحزم والحسم في الأمور التي انفلتت من القانون لتؤسس قانون الغاب، خاصة على مستوى الاقتصاد والفساد ونهب أموال الشعب وضياعه وتبديده داخل الوطن وخارجه، ولكن أيضا الحرص على عدم استبعاد أي أحد خارج دائرة الفساد الاقتصادي من أن يكون له دورٌ ومكانة في العمل داخل الجزائر على أي مستوى كان، سياسيا أو اقتصاديا.

لمُّ الشمل يعني بشكل خاص مواصلة القيادة السياسية وأيضا القياداة العسكرية باعتبارها معنية بملف المصالحة الوطنية الذي بدأ تنفيذه منذ 2005، مع محاولة رأب الصدع بين الجزائريين إثر المأساة الوطنية ممثلا في عدة مشاريع مراسيم وقوانين وحتى استفتاءات ومنها الاستفتاء على مشروع المصالحة الوطنية التي كانت عنوانا للرئيس السابق الراحل عبد العزيز بوتفيلقة لانتخابه رئيسا سنة 2005، والذي نال 97% من أصوات الجزائريين وقتها. أنذاك كان الأمر يتطلب نوعا من العدالة الانتقالية لا الانتقامية من الأطراف التي علِق بها دمُ الجزائريين، ولم يكن بالإمكان الإعلان عن عفو شامل، كون الدم كان لا يزال يقطر والجراح لم تندمل بعد ولم يكن بالإمكان نسيان المأساة بجرّة قلم، لهذا أرجئت تبعات الوئام المدني والمصالحة الوطنية إلى ما بعد العودة إلى حالة الاستقرار وتناسي لما حصل، وها هي القيادة السياسية ممثلة في الرئيس تبون باعتباره رئيسا للجمهورية وقائدا أعلى للقوات المسلحة ووزيرا للدفاع، تبدأ في أولى الخطوات على هذا النحو، بعد أن أعلن عن عفو يشمل مسجونين منذ التسعينيات في مسألة المأساة الوطنية. هذا المشروع سيمتد حتما إلى سجناء آخرين بتهم مختلفة منذ التحول الجديد قبل نحو ثلاث سنوات. كما أنه قد يتم الافراج عن كثير ممن اعتبروا في تعداد المعارضة عبر منشورات وبيانات اعتُبرت إما قذفا أو منشورا كاذبا أو نشاطات تحريضية وما إلى ذلك.

لمُّ الشمل بدأه رئيس الجمهورية بالالتقاء بقيادات حزبية وسياسية، كما تجلى في رد الاعتبار لشخصيات مسها “الضر” جراء تطبيق القوانين لضبط الاختلالات التي نجمت عن التحول السياسي في 2019، إذ لاحظنا رد الاعتبار لبعض القيادات العسكرية والضباط الكبار لاسيما المجاهدين منهم الذين دخل بعضُهم السجن بتهم التآمر أو كادوا أن يدخلوه بسبب تهم فساد اقتصادي أو تآمري.

كل هذا، يعني أن لمَّ شمل الأسرة الوطنية والجزائريين وجمعهم على كلمة سواء هو السبيل الوحيد للقطيعة مع الضغائن والحساسيات والقضاء على التفرقة بين أبناء الشعب الجزائري لاسيما في ظل سياسة العودة إلى تكتُّل “جيش شعب خاوة خاوة” الذي نادت به حناجر الشعب الجزائر طيلة عام من الحراك.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!