الجزائر
مكتب ترجمة واحد لترجمة 300 شهادة جامعية للأطباء خلال شهر

مكاتب الترجمة تفضح الهجرة الجماعية للأطباء في عز الإضراب

وهيبة سليماني
  • 5943
  • 11
ح.م

أمل الحصول على الوظيفة، والإقامة في الدول الأوروبية، حلم يراود الكثير من الجزائريين، خاصة الشباب، حيث أصبح اليوم، هذا الأمل، رغبة ملحة، دفعت العشرات إلى “الحرقة” في قوارب الموت هربا من واقع مر صاروا يعيشونه، ومستقبل غامض ينتظرهم.. مستقبل بات يثير مخاوف حتى أصحاب الشهادات والكوادر والأطباء، في ظل الأزمة الاقتصادية وغلاء المعيشة، وما صاحبها من فوضى التسيير والبيروقراطية، و”المعريفة”.
أكثر من 300 شهادة جامعية يتم ترجمتها شهريا و3 آلاف شهادة لأطباء في مختلف التخصصات، قام بترجمتها خلال سنتين فقط، أحد المترجمين في العاصمة، ناهيك عن 40 شهادة سنويا تتعلق بخريجي التكوين المهني، وأكثر هذه الشهادات ترجمت إلى الألمانية، وهي لأطباء وإطارات ومهندسي دولة، وطلبة، وجدوا فرص عمل ودراسة في الخارج.
وفي هذا الإطار كشف بعض المترجمين الرسميين، الإقبال المنقطع النظير الذي ميز مكاتبهم في الآونة الأخيرة، وهو لزبائن يطلبون ترجمة شهادات مدرسية وجامعية ولتخصصات عليا، إلى الفرنسية والانجليزية والألمانية والإيطالية، أغلبهم أطباء.

الترجمة الرسمية تعري الواقع المؤلم.. وبوادر لهروب جماعي للأطباء

“الكل ينوي الهرب.. انظري كل هذه الشهادات تنتظر الترجمة إلى لغات أجنبية” هذا ما قاله المترجم الرسمي السيد مصطفى بلجودي، كاشفا لنا عن 5 شهادات جامعية تنتظر الترجمة، منها شهادة مهندس دولة في البيولوجيا لامرأة، وتسلمها جميعها خلال نصف يوم.
وقبل أن ندخل مكتبه، أكد للشروق، أن أكثر من 200 شهادة لأطباء في مختلف التخصصات و100 تقريبا لشهادات مدرسية وجامعية وللتكوين المهني، يقوم بترجمتها خلال شهر واحد، مفيدا أنه في الآونة الأخيرة، وبعد دخول الأطباء المقيمين في احتجاجات على الخدمة المدنية، شهدت مكاتب المترجمين، إقبالا واسعا من طرف أطباء في مختلف التخصصات، ومنهم طلبة، وحتى ممرضين لديهم خبرة في القطاع الصحي العمومي، وهذا لترجمة شهاداتهم الجامعية والملفات الخاصة بمشوارهم الدراسي، إلى الفرنسية والانجليزية.

بلدان أوروبية تتنافس لاستقطاب الأطباء الجزائريين

في السياق ذاته، أكد الأستاذ يوسف أعراب، مترجم رسمي للغات العربية والفرنسية والألمانية، أن فتح فرص التوظيف للإطارات الجزائريين، خاصة الأطباء، في كل من ألمانيا والنمسا، وسويسرا، زاد من الإقبال على ترجمة الشهادات الدراسية والتكوينية إلى الألمانية، كاشفا عن قيامه بترجمة قرابة 3 آلاف شهادة لأطباء في مختلف التخصصات خلال سنتين فقط، وخلال سنة واحدة ترجم 40 شهادة لمهندسي دولة، وخريجي التكوين المهني، ويترجم شهريا، ما يقارب 300 شهادة مدرسية وجامعية لدراسات عليا، وتخصص في الطب، وبمعدل 5 إلى 10شهادات يوميا.
أوضح الأستاذ أعراب، الذي يملك مكتب ترجمة رسمية في حسين داي، أن ألمانيا والنمسا وسويسرا بلدان أعطت فرصا للأطباء الجزائريين ليعملوا في مستشفياتها كأطباء وفي مجال تخصصهم، شريطة أن يمتلكوا شهادة التحدث باللغة الألمانية الابتدائية، وهذا حسبه، ينافي سياسة فرنسا التي كانت توظف أطباء جزائريين كممرضين في مستشفياتها، إذ أصبحت اليوم تتخوف من توقف هجرة الأطباء إليها. كل هذه الفرص التي تمنحها بلدان غربية للجزائريين، حسب الأستاذ أعراب، تشجع الكوادر والأطباء على الهروب الجماعي من الجزائر.

أكاديمية فورتمبيرغ جنوب ألمانيا تستنزف أطباءنا

وفي هذا الإطار، قال الأستاذ يوسف أعراب، إن هناك أكاديمية دولية متخصصة في مدينة فورتمبيرغ جنوب ألمانيا، وهي غير بعيدة عن الحدود السويسرية، حيث أن الأكاديمية تمنح تربصات لغوية في مجال الطب تكون ما بين 200 ساعة إلى 500 ساعة في دورات مختلفة ومختصة، بعد متابعة هذا التكوين الطبي اللغوي يتم تقديم الشهادة الطبية الجزائرية وبالتالي يتمكن الجزائري من ممارسة عمله في مختلف المستشفيات الألمانية.
وهذا وراء تزايد الطلب، حسبه، على الترجمة الرسمية للوثائق من طرف خريجي كليات الطب، خاصة أصحاب شهادات التخصص وكذا الأطباء العاملين في المستشفيات الجزائرية وحتى الممرضين ذوي الكفاءة، حيث سلمه، في حضور الشروق، طبيب عام، شهادة تخرجه سنة 2017 من كلية الطب ليترجمها له إلى الألمانية.

حمى الهروب للدراسة في الخارج تصيب تلاميذ الثانوي

وحسب جولتنا الاستطلاعية عبر مكاتب مترجمين رسميين في العاصمة، فإن ترجمة الشهادات المدرسية وكشوف النقاط، بهدف الدراسة في الخارج، عرفت مؤخرا، انتشارا واسعا، وهذا ما أكده المترجم الرسمي، الأستاذ يوسف يزيد، قائلا إن الكثير من العائلات الجزائرية، تسعى لتعليم أبنائها في الخارج، حيث يقوم بترجمة شهادات مدرسية، وكشوف نقاط للطور المتوسط والثانوي، إلى الفرنسية والانجليزية للدراسة في كندا.
وقال الأستاذ يزيد، إن المسار الدراسي مطلوب لقبول هؤلاء في الخارج، حيث اغلب الكشوفات والشهادات التي يرجمها تظهر مدى اجتهاد هؤلاء التلاميذ قصد قبولهم في الخارج.
وعن مدى إقبال الطلبة الجامعيين، على الدراسة في الخارج، أشار ذات المتحدث، إلى أن فتح المركز الثقافي الفرنسي في الجزائر باب المشاركة في مسابقة تحديد المستوى في اللغة الفرنسية، للالتحاق بجامعة فرنسية، أدى إلى توافد طلبة في مختلف التخصصات الجامعية، على الترجمة الرسمية للوثائق، موضحا أن إمكانية إتمام الدراسات العليا في أوروبا تلزم على الشباب ترجمة كافة الوثائق الإدارة بما فيها جميع الشهادات المدرسية وكشوف النقاط، وذلك لتمكين الهيئة الخارجية من تحديد المستوى والسنة الدراسية التي ينطلق منها الطالب والطالبة الجزائرية.
في السياق، قال المترجم الرسمي الأستاذ يوسف أعراب، إن ألمانيا والنمسا وسويسرا تشترط كشرط شكلي لتقديم طلب الاستفادة من الدراسة في بلدها، الحصول على شهادة مستوى لغة ألمانية يسمى”أ1″، وهذا من خلال دراسة في معهد “غوته” بالجزائر العاصمة، وتدوم عموما 3 أشهر، وبالنسبة للشباب غير المقيم في العاصمة الذين يدرسون اللغة الألمانية في ولايتهم، عليهم أن يمروا على معهد “غوته” وـن يحصدوا نسبة 50 بالمائة من مجموع نقاط 120 نقطة.
وتكلف ترجمة الشهادات، حسب، أعراب، الطلبة والتلاميذ، مبالغ تتراوح بين 8 آلاف دج ومليون ونصف مليون سنتيم، كما عليهم أن يدفعوا لقنصلية البلد الذي يريدون السفر إليه، عند المصادقة على الشهادة المترجمة، ما يفوق 2 مليون سنتيم.

مقالات ذات صلة