الجزائر
نساءٌ يضربن بحرمة الميت عرض الحائط

ملابس غير محتشمة وقهقهات في الجنائز

الشروق أونلاين
  • 19017
  • 69
الأرشيف

تسير بعض العادات التي دأبت العائلات الجزائرية على إقامتها خلال أفراحها وأحزانها نحو الاندثار، حيث أصبح الجيل الجديد لا يولي أهمية لبعض الأمور التي كانت تعدُّ بمثابة ثوابت في قانون العائلة الجزائرية. ولعل أهم الدلائل التي تثبت ابتعاد الجزائريين عن تقاليدهم نلمسه خاصة في الجنائز، فبعد أن كانت حرمة الميت تمثل شيئا مقدسا لا يجوز المساسُ به أبدا، أصبح المأتم بالنسبة إلى الكثيرين وكأنه لا حدث، من خلال بعض التصرفات التي تصدر منهم، والتي يخيل إليك وأنت تراها أنك تحضر عرسا أو حفلا ما.

وأنت تقصد بيت الميت، تحاول بكل ما أوتيت من مشاعر وأحاسيس، أن تظهر مدى حزنك وتأثرك بفقدانه، إلا أنك تستقبل بضحكة كبيرة أو قهقهات تصدر من  قاعة الجلوس، حتى يخيل إليك للحظة أنك أخطأتَ المنزل، لولا التقاؤك بأحد من أفراد عائلته. وقد أضحى هذا الأمر عاديا عند البعض حين تتحول الجنازة إلى عرس، بل يذهب الكثيرون إلى القول: “إن فعله الحسن في الدنيا هو ما حوَّل مأتمه إلى فرح”، إلا أن ما يستنكره أي شخص عاقل هو تصرفات بعض الفتيات وطريقة لبسهن، حيث تجدهن يرتدين ملابس تحدد كل تفاصيل الجسم، بل تصل الوقاحة بأخريات إلى غاية وضع مساحيق التجميل، غير آبهات بحرمة الميت، بينما كان أجدادنا في السابق يكنُّون الاحترام للميت حتى وهو في نعشه، وهي الحرمة التي كانت تعدُّ من أهم الأمور التي لا يمكن التلاعب بها، حيث تضع كل النسوة الموجودات في بيت الجنازة “شالا” يغطي رؤوسهن حتى ولو كانت البعض منهن ليست متحجبة في الأصل، كما كن يقمن بتغطية جهاز التلفزيون وكل الوسائل التكنولوجية تعبيرا عن إعلان الحداد في البيت. كما لا تذهب نساء العائلة إلى الحمام لفترة طويلة. ويخيَّم الحزن في البيت مدة تمتد من أسبوع إلى عشرين يوما أو أكثر حسب درجة قرابة الشخص المتوفى.

   وتختلف العادات التي اعتادت بعض العائلات على إحيائها خلال الجنائز من منطقة إلى أخرى، إلا أنها تجتمع حول معنى واحد وهو تقديس حرمة الميت، وإظهار الحزن إثر فقدان شخص عزيز. فقد حدثتنا إحدى بنات المدية عن بقائهن على عهد أجدادهن، حيث تقول إنهن لا يزلن يضعن خمارات لتغطية شعرهن طيلة ثلاثة أيام. كما تمتنع النساء عن الذهاب إلى الحمام لمدة لا تقل عن شهر كامل. كما يقومون بحجب كل الأجهزة بواسطة غطاء كبير، تعبيرا عن الحزن على فقدان الشخص الميت. ولا تتزين المرأة أبدا إلا بعد مرور أربعين يوما.. كما تحدثت عن زيارة القبر في اليوم الثالث من دفن الميت، وأخذ بعض المأكولات بغرض توزيعها على كل الموجودين في المقبرة، وهي نفس الطقوس التي يقومون بها في اليوم الأربعين، واستغربت محدثتنا كثيرا لأمر بعض العائلات التي تخلت عن هذه التقاليد. وقصت علينا يوم حضورها إحدى الجنائز، حيث تقول إنها دخلت بعد أن فتحت لها إحدى الفتيات الباب وهي ترتدي سروالاً قصيرا وقميصا شفافا وتضع “ماسكارا”. ثم سمعت قهقهة لفتيات جالسات في غرفة استقبال الضيوف، فاستغربت كثيرا للأمر وظنت أنها أخطأت البيت، لولا التقاؤها بابنة الميتة التي تعرفها جيدا. كما زادت دهشتها حينما جلست وسط الفتيات والنسوة الموجودات هناك واستمعت إلى الأحاديث الجانبية التي أثرنها، واهتمامهن بهندامهن. كما لاحظت تسريحة شعر إحدى الفتيات التي يبدو أنها جاءت لحضور حفل زفاف وليس مأتما. وفي الختام تمنت محدثتنا أن يتمسك الجيل الجديد بالعادات الجميلة لأجدادنا، لأنها تعبر عن ثقافتنا وكياننا كعرب ومسلمين.    

 

مقالات ذات صلة