رياضة
دشّنه الراحل هواري بومدين وصمد41 سنة فقط

ملعب 5 جويلية الأولمبي.. شاهد على الفضائح والإنجازات الكروية

الشروق أونلاين
  • 16044
  • 26
ح.م
الجيل الجديد لا يذكر هذا الملعب إلا بعبارة "إعادة التهيئة واستئناف الأشغال" !

يقترن ملعب 5 جويلية الأولمبي، بالإنجازات الكثيرة التي حققتها كرة القدم الجزائرية، منذ إنشائه قبل 41 عاما، وتدشينه من طرف الرئيس الراحل هواري بومدين، إلا أن الملعب لم يرتبط اسمه في السنوات الأخيرة سوى بالفضائح والكوارث وحتى المآسي التي تكاد تمحي التاريخ الرائع الذي كتبه المنتخب الوطني لكرة القدم في الزمن الجميل، وكذا بعض الأندية الجزائرية على غرار مولودية الجزائر وشبيبة القبائل.

 افتتح ملعب 5 جويلية بتاريخ 17 جوان 1972، ليحتضن حينها دورة ودية دولية، شاركت فيها نخبة من المغرب العربي، منتخب المجر، نادي ميلان الايطالي بألمع نجومه، ونادي بالميراس البرازيلي.

وشهد “جوهرة” الجزائر أنذاك أول مباراة على أرضه جمعت بين نخبة المغرب العربي ومنتخب المجر، و أول هدف سجل فيه هو من قبل اللاعب المغربي الفيلالي، في تلك المواجهة انتهت لصالح المغاربة بهدفين دون رد.

وقد كان ملعب 5 جويلية شاهدا على العديد من الانجازات التاريخية للأندية الجزائرية على المستوى المحلي أو القاري، إضافة إلى المنتخب الجزائري الذي فاز بأول وآخر كاس للأمم الإفريقية سنة 1990 .

وبعدما كان افتتاحه بحفل كروي ودورة ودية دولية استمتع بها الجمهور الجزائري، كانت خاتمة 5 جويلية جد حزينة لوفاة مناصرين لنادي اتحاد العاصمة، عقب انهيار جزء من سقف مدرجات الملعب في شهر سبتمبر الماضي. ورغم ردود الأفعال العديدة لمسؤولي الرياضة في الجزائر حول تلك الحادثة الأليمة، غير أن السلطات المسؤولة لم تحدد لحد الآن المسؤوليات ولن تتخذ أي إجراءات ردعية لمعاقبة المتسببين في الكارثة، ولم يصمد اسمنت ملعب 5 جويلية إلا 41 سنة فقط، قبل أن يتم الإعلان عن إغلاقه وتهديم جزء منه بعد الفضيحة.

 

البرازيلي نايمار صمم شكل الملعب

المهندس البرزايلي الراحل أوسكار نايمار، هو صاحب الشكل المعماري لملعب 5 جويلية، حيث وضع التصميم على طاولة الرئيس الراحل هواري بومدين في بداية سنة 1970، ليتم انجاز الملعب خلال سنتين، ويكون من بين أجمل الملاعب في القارة الإفريقية حينها، قبل أن يصبح الأسوء بعد مرور أربعة عقود فقط من بنائه.

ويشار إلى أن المهندس أوسكار نايمار، الذي ارتبط اسمه بالعديد من الانجازات العمرانية الكبرى، سواء في الجزائر في البرازيل توفي عن عمر يناهز 105 سنوات.

 

حمراء عنابة أول فريق يفوز بالكأس في 5 جويلية

أول نهائي لمنافسة كاس الجمهورية احتضنه ملعب 5 جويلية، كان في 25 جوان 1972، وجمع بين نادي حمراء عنابة واتحاد الجزائر، وعاد الفوز للفريق الأول بهدفين دون رد. وأول مباراة ودية للمنتخب الوطني على الملعب الجميل كانت أمام منتخب تركيا في 4 أكتوبر من نفس السنة، وعاد الفوز حينها للخضر بهدف وحيد من توقع اللاعب “ڤموح”، وكانت أرضية الملعب معشوشبة اصطناعيا، ليتم تغييرها بالعشب الطبيعي سنة1981، إذ تم نقل مباريات المنتخب الوطني في تلك الفترة إلى ملعب الشهيد حملاوي بقسنطينة.

 

الملعب شهد أول لقب لـ”الخضر” سنة 1975

وبالرغم من مرور عقدين فقط عن استقلال الجزائر، إلا أن سمعة الكرة الجزائرية كانت قد بلغت العالمية بفضل الإصلاح الرياضي، حيث برزت الأندية المحلية وعلى رأسها مولودية الجزائر الفائز بالثلاثية التاريخية سنة 1976، ومن بينها كاس إفريقيا للأندية البطلة على حساب حافيا كوناكري الغيني في نهائي مثير كان بطله عمر بتروني، الذي تألق قبلها بسنة واحدة في نهائي ألعاب البحر الأبيض المتوسط أمام منتخب فرنسا، أين سجل هدف التعادل (2-2) في الدقائق الأخيرة من اللقاء قبل أن يهدي منقلاتي الفوز للجزائر بتسجيل الهدف الثالث في الوقت الإضافي. وفي سنة 1978 تغلب المنتخب الجزائري على نظيره النيجيري في نهائي الألعاب الإفريقية بهدف من توقيع المتألق على بن شيخ.

 

العشب الاصطناعي استبدل بالطبيعي سنة1981

ازداد ملعب 5 جويلية جمالا عندما استبدل العشب الاصطناعي الذي ساءت حالته كثيرا، وأصبح غير صالح للعب كرة القدم بعشب طبيعي سنة 1981، وخلال فترة أشغال التهيئة تنقل الخضر إلى ملعب الشهيد حملاوي بقسنطينة لاستقبال ضيوفهم، خلال تصفيات كاس العالم 1982 باسبانيا، والتي شهدت أول مشاركة للمنتخب الجزائري، بعد تغلبه في الدور الأخير على منتخب نيجيريا ذهابا و إيابا.

 

نهائي أمم إفريقيا 1990 يبقى في الذاكرة

يبقى نهائي كاس أمم إفريقيا 1990، خالدا في الذاكرة لأن “الخضر” حينها أهدوا الجزائر أول وآخر لقب إفريقي بعد 28 سنة من الاستقلال، وكان ذلك على حساب منتخب نيجيريا، بهدف يتيم سجله شريف وجاني، علما أن أشبال الراحل عبد الحميد كرمالي، فازوا على نفس التشكيلة في الدور الأول بخمسة أهداف لواحد. وقد حطم حضور الجمهور في تلك المباراة الرقم القياسي، إذ بلغ عددهم حوالي 100 ألف مناصر، رغم أن مدرجات الملعب كانت سعتها 70 ألف فقط، علما بأنه في تلك الفترة لم تكن المدرجات مجهزة بكراس بلاستيكية والتي كلفت إدارة المركب الاولمبي محمد بوضياف بعدها الكثير من الأموال.

 

أكبر الأندية الأوروبية لعبت بالملعب الأولمبي

عندما كان المنتخب الجزائري في أوج قوته، استقبل العديد من الأندية الأوروبية الكبيرة على أرضية ملعب 5 جويلية، على غرار نادي ميلان الايطالي وبالميراس البرازيلي في الدورة الودية الدولية سنة 1982. وتوالت زيارات الأندية الكبيرة إلى الجزائر، من ريال مدريد الاسباني، مانشيستر يونايتد و ليفربول من انجلترا، بايرن ميونيخ الألماني، سانتوس، غريميو، فاسكو دا غاما وفلومينينسي من البرزايل، إضافة الى نادي أولمبيك مارسيليا الفرنسي.

وآخر فريق كبير زار الجزائر كان نادي فيورنتينا الايطالي، الذي واجه مولودية الجزائر سنة 2007 وديا، بنجمه بطل العالم لوكا توني، والروماني أدريان موتو.

 

بلاتيني، زيكو ونجوم آخرون حلّوا ضيوفا عليه

على قدر عدد الأندية الكبيرة التي زارت الجزائر لمواجهة المنتخب الوطني أو ناد جزائري، سجل العديد من نجوم الكرة العالميين حضورهم في 5 جويلية، من بينهم ميشال بلاتيني، نجم جوفنتوس الايطالي الأسبق، ورئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم حاليا، وزيكو، سوكراتيس، ألدايير، من البرازيل، إضافة الى ليتبارسكي وبرايتنر من ألمانيا، وريفيرا وبراني ولوكا توني الايطاليين، والبولوني بونياك، كوبياس من البيرو، بات جيننغس الايرلندي الشمالي، وواين روش من بلاد الغال، وفيف اندرسون و ويلكينس من انجلترا، إضافة إلى الروماني جورج حاجي، وما بين 2009 و2012، زار الجزائر نجوم آخرون، على غرار ايدن دزيكو وبيانيتش من البوسنة، ولويز ولوغانو من الأوروغواي.

 

منتخب الأوروغواي سقط فيه بهدف جبور

في شهر أوت من سنة 2009، زار منتخب الأوروغواي الجزائر لمواجهة أشبال المدرب رابح سعدان، وديا بملعب 5 جويلية، وعلى الرغم من غياب ديغو فورلان فقط، وتواجد نجم ليفربول الحالي ليوس سواريز ونجوم آخرين على غرار لوغانو، ضمن تشكيلة المنافس غير أن الخضر حينها قدموا مباراة كبيرة استمتع بها الجمهور، وفازوا بنتيجة هدف لصفر من توقيع رفيق جبور، بعد تمريرة ذكية من المعتزل رفيق صايفي. وبعد مشاركة الخضر في كاس إفريقيا 2010 بأنغولا، استضاف الخضر منتخب صربيا بملعب 5 جويلية وانهزموا بثلاثية نظيفة، وحينها سمح لأول مرة بدخول العائلات إلى المدرجات ولكنها عانت الأمرّين من أشباه المناصرين.

 

فضيحة العشب الطبيعي

بعدما تدهورت أرضية ملعب 5 جويلية، قررت السلطات المحلية إغلاقه في شهر مارس 2008، لمدة سنة كاملة، لتتكفل الشركة الهولندية (كوينس غراس) بوضع عشب جديد على أرضية الملعب الذي افتتح مجددا في شهر جويلية 2009، قبل أن يستقبل لقاء الخضر الودي أمام منتخب الأوروغواي، في شهر أوت من نفس السنة، وبعد وقت وجيز تدهورت وضعية الأرضية مجددا، حيث تسجل البرك المائية حضورها بقوة كلما تساقطت الأمطار على الجزائر العاصمة. وبعد فشل عملية تغيير عشب الملعب، تبادلت إدارة المركب الرياضي التهم مع الشركة الهولندية، التي سبق لها أن وضعت العشب الطبيعي على أرضيات ملاعب مشهورة على غرار ملعب أمستردام بهولندا.

 

فضيحة “المزرعة” أمام منتخب البوسنة

بقدر ما يرتبط اسم ملعب 5 جويلية بإنجازات عديدة للرياضة الجزائرية، بقدر ما سجلت فيه بعض الفضائح، منها اللقاء الودي في 14 نوفمبر 2012، والذي جمع بين الخضر ومنتخب البوسنة، حين تحولت أرضية الملعب إلى بركة كبيرة يستحيل أن تلعب عليها مباراة كرة قدم، بسبب الأمطار التي تساقطت في قبل المباراة. ورغم صعوبة تمرير الكرة ولو لمتر واحد فقط، وإمكانية تعرض اللاعبين لإصابات مختلفة، غير أن مدرب البوسنة طلب بين الشوطين من لاعبيه العودة إلى الملعب ومواصلة المباراة، من أجل مناصري المنتخب الجزائري الذين حضروا بقوة رغم سوء الأحوال الجوية.

 

لا تحديد للمسؤوليات رغم تسلسل الفضائح

 

بعد أكثر من 40 سنة من افتتاح ملعب 5 جويلية، صرح وزير السكن والعمران والمدينة، عبد المجيد تبون مؤخرا، بأن مدرجات الملعب ستهدّم بعدما أكدت هيئة المراقبة التقنية بأن خرسانة المدرجات بدأت تتآكل ويمكنها التسبب في كارثة، ولكن هذا بعد وفاة مناصرين لاتحاد العاصمة شهر سبتمبر الماضي، ما فتح الباب للعديد من التساؤلات حول من يتحمّل المسؤولية ومن يجب أن يعاقب؟،  ولكن لحد الآن لم يتهم أي مسؤول بعينه بعد حادثة انهيار جزء من سقف المدرجات العلوية رقم (13)، ولم تقل وزارة الشباب والرياضة، المدير الحالي للمركب الرياضي يوسف قارة من منصبه، كما فعلت مع المدير السابق نور الدين بلميهوب، الذي أبعده الوزير الحالي محمد تهمي، بسبب سوء أرضية الملعب، وقبله رشيد زروال الذي أبعد من منصبه في عهد الوزير السابق الهاشمي جيار، ونصّب مديرا للشباب و الرياضة في ولاية جيجل.

مقالات ذات صلة