اقتصاد
من رخص الاستيراد مرورا بقائمة الممنوعات

ملف الواردات يهزم الحكومات والوزراء المتعاقبين

حسان حويشة
  • 2531
  • 7
ح.م

أظهرت حصيلة التجارة الخارجية للجزائر منذ 4 سنوات أن ملف الواردات هو القضية التي هزمت الحكومات المتعاقبة، حيث فشلت جميعها في كبح الفاتورة رغم الإجراءات العديدة التي لجأ إليها الجهاز التنفيذي، من رخص الاستيراد مرورا بقائمة الـ851 منتج الممنوعة من دخول البلاد، ما جعل هذا الملف بمثابة حقل تجارب للحكومات والوزراء المتعاقبين.

كشفت مصالح الجمارك عن حصيلة التجارة الخارجية للجزائر خلال الـ7 أشهر الأولى من السنة الجارية، وهي الأرقام التي تظهر تراجعا في العجز التجاري للبلاد بواقع 53 بالمائة لكن هذا الرقم لم يخف حقيقة مرة، وهي أن الواردات لم تتراجع سوى بـ289 مليون دولار، حيث استقرت في حدود 26.9 مليار دولار، بعد أن كانت 27.19 مليون دولار نهاية جويلية 2017.

كما أن قراءة بسيطة لأرقام الجمارك التي نشرتها الأحد، وكالة الأنباء الجزائرية توضح أن تراجع العجز التجاري للبلاد أيضا ليس مرده تراجع الواردات بقدر ما كان سببه ارتفاع صادرات المحروقات (نفط وغاز) خلال الفترة ذاتها، خصوصا أن الصادرات خارج المحروقات قدرت بـ1.63 مليار دولار فقط رغم أنها ارتفعت بنحو 50 بالمائة مقارنة بجويلية 2017.

وإجمالا صدرت الجزائر في سبعة أشهر من السنة الجارية ما قيمته 23.65 مليار دولار، مقابل 20.205 مليار دولار في نهاية جويلية 2017، أي بارتفاع قدر بـ3.45 مليار دولار (+17.08 بالمائة)،أما قيمة العجز التجاري ماليا فبلغت 3.252 مليار دولار وفق بيانات مصالح الجمارك.

وبالعودة إلى ملف الواردات فقد أظهرت أرقام الجمارك أنها ورغم الإجراءات العديدة والمتعددة للحكومة ممثلة بوزارة التجارة، إلا أنها لم تتراجع سوى بـ289 مليون دولار، وهو رقم جد ضئيل مقارنة بالطموحات المعلنة وغير المعلنة للحكومة، التي رددت وتغنت في عديد المرات بأنها سوف توقف نزيف العملة الصعبة التي تنفق على الواردات وخاصة الكماليات.

والملاحظ أيضا أن إقرار قائمة ممنوعات من الاستيراد بـ 851 منتج مطلع جانفي الماضي والتي تم توسيعها إلى877 منتج في وقت لاحق، لم تفلح في كبح جماح الواردات، والتي هي أيضا دلالة على أن اقتصاد البلاد قائم على أساس الاستيراد لا غير.

ومثل قائمة الممنوعات فشلت رخص الاستيراد في كبح جماح الاستيراد منذ إقرارها عام 2015، حيث ظلت الفاتورة مرتفعة وسببت عجزا واضحا تجاريا للجزائر، تزامنا وانحسار مداخيل البلاد من العملة الصعبة بفعل تهاوي أسعار النفط المورد الأساسي لهذه المداخيل.

وتعتزم الحكومة اعتبارا من هذا الشهر تطبيق رسوم مضاعفة على استيراد عديد المنتجات وخاصة المصنعة محليا، تتراوح نسبها من 30 و200 بالمائة، بهدف حماية المنتوج الوطني، وكبح عمليات استيرادها من خلال رفع الرسوم المطبقة عليها وبالتالي رفع تكلفتها.

غير أن هذا الإجراء من السابق الحكم عليه ويجب الانتظار لعدة أشهر للنظر والتأكد إن كان مجديا فعلا أم سيكون مثل سابقيه.

وبدخول هذا الإجراء الأخير حيز التنفيذ، تكون الحكومة قد أخضعت الواردات لثلاثة تدابير مختلفة بهدف كبح نزيف العملة الصعبة في الاستيراد، في ظرف 3 سنوات، وهو دليل على أن الجهاز التنفيذي لم يجد بعد الوصفة السحرية للتحكم في هذا الملف، ويعزز الاتهامات للحكومة بأنها ضعيفة أمام بارونات الاستيراد وخصوصا أنها حولت ملف الواردات إلى ما يشبه “حقل تجارب”.

مقالات ذات صلة