ملوك بلا مملكة
الشروق أونلاين
-
-
18559
-
45
هل تعلمون أن الجزائر هي البلد العربي الوحيد الذي لم يكن أبدا في تاريخه مملكة أو إمارة، ولم يحكمه لا شاه ولا إمبراطور ولا ملك أو أمير؟ وهل تعلمون أن الجزائري هو المواطن العربي الوحيد الذي لا يقبّل رِجل ولا يد ولا حتى خد الزعيم، ولا يضع صورته في قلبه ولا في مكتبه، ولا حتى في غرفة نومه؟ وهل تعلمون في المقابل أن الجزائر هي البلد الوحيد الذي يزدحم بملوك من نوع خاص يسيّرون البلد كما يشاءون في قطاعات مختلفة، لهم كل الصفقات وللشعب الغلبان فضائح هذه المشاريع.
-
منذ زمن بعيد والجزائريون يعانون من هاته الإمبراطوريات التي تأمر بالمعروف لصالحها وتأتي بالفحشاء والمنكر لصالح المواطنين، والغريب أن هاته الإمبراطوريات طالت حتى القطاعات الصغيرة، فهي التي توزّع مناصب التشغيل المؤقتة التي لا يكاد يقتات من ديناراتها أصحابها لمن تشاء، وهي التي تمنح صفقات الخبز والحليب للجامعات لمن تشاء، وهي التي تمنح صفقات تعبيد الأرصفة وتبليط الطرقات وغرس الأشجار وحتى وضع الممهلات في الطرق لمن تشاء، إلى درجة أن الجامعيين صاروا يدخلون مختلف امتحانات التوظيف ويقدمون سيرهم الذاتية وهم يُقسمون أن أسماء الناجحين تم تحديدها داخل هذه الإمبراطوريات قبل الإعلان عن الامتحان وليس عن النتائج. وفتح مصالح الأمن لعدة تحقيقات في الأشهر الأخيرة في عدة قطاعات حساسة في البلاد منحت العصمة لمقاولات دون أخرى من دون أي معايير جودة، هو قليل من كثير يحدث في بلد يضخ الملايير لأجل أن ينموا البلد ولكنه ضخّ تبلعه هذه الدودة الشريطية التي سكنت في البدن وتحولت إلى إمبراطورية ولكن بملوك كُثر في كل المجالات.
-
ليس سرا أن نقول أن بعض الأرصفة في البلدية تم تبليطها عشرات المرات في زمن قصير من طرف نفس المقاول وعلى مر العديد من رؤساء البلديات، ولا أحد سأله لماذا فشلت أشغاله الأولى، ولا أحد سأل رؤساء البلديات لماذا تعود منح رقاب الناس إلى الذي ابتلع أموال الشعب في كل مرة، وليس سرا أن نقول أن مشاريع السكن الفاشلة هي التي تُمنح لذات مكاتب الدراسات ومع كل ذلك تتقوى هذه الإمبراطورية بشكل مذهل وتزرع عروشا في كل مكان وزمان حتى أصبحت أشبه بالقدر المحتوم.
-
إذا كان الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة قومها أذلة، كما جاء على لسان ملكة سبأ في القرآن الكريم، فإن ملوكا من نوع خاص في الزراعة والصناعة والخدمات والشغل والرياضة والتجارة دخلوا مدننا وقرانا فأفسدوا الكثير منها وأذلوا الكثير من الأعزاء والأكفاء في أقبح إمبراطورية يتصورها الإنسان.
