-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

من انتفاضة شعبية إلى حرب طائفية

حسين لقرع
  • 4788
  • 13
من انتفاضة شعبية إلى حرب طائفية

حينما اندلعت شرارة الانتفاضة الشعبية السلمية في سوريا في 15 مارس 2011، لم تتردد الشعوب العربية، وكل الشعوب التواقة إلى الديمقراطية في العالم، في نصرتها والتعاطف معها، مثلما ناصرت الثورات التونسية والمصرية والليبية قبل أن تستنجد بالناتو، وكذا الثورة اليمنية والثورة البحرينية التي اندلعت في نفس الفترة تقريباً، وهذا دون إيلاء أية أهمية للاعتبارات الطائفية أو المذهبية، فالأهم هو مساندة أي شعب عربي انتفض من أجل حرياته الأساسية، وحقه في إنهاء الاستبداد والملك العضوض وإقامة ديمقراطية حقيقية.

 

لكن الكثيرين اليوم يجدون أنفسهم مدفوعين دفعاً نحو مراجعة مواقفهم تجاه الثورة السورية على الأقل؛ ذلك أن الثورة الشعبية التي بدأت سلمية وقابلت القمعَ الدموي وتغوّلَ النظام الشمولي بتحدٍّ كبير وتضحيات جسيمة، بدأت تنحرف عن مسارها حينما استولت عليها ثلة وقامت بعسْكرتها ومواجهة الحديد بالحديد، بدل اتِّباع الأنموذج الإيراني مع الشاه، والأنموذج الروماني مع تشاوسيسكو، إلى غاية تحقيق النصر الحتمي، ثم وُجِّهت الضربة القاضية إلى هذه الثورة، وحُرّفت نهائيا عن مسارها، حينما دخلت أطرافٌ عربية وإقليمية ودولية عديدة على الخط، وأعطتها بُعداً طائفياً، وحوّلتها إلى حرب مذهبية لا تخفى عن أحد.

اليوم انتهت الثورة الشعبية السورية، وانتهت معها المظاهرات والاعتصامات وكافة أشكال الاحتجاجات السلمية، وحلت محلها حربٌ طائفية خطيرة تدور بالوكالة على الأراضي السورية. 

وإلى حدّ الساعة، لم تحقق هذه الحرب النتنة نتائجَ إيجابية لأي طرف، بل إن ما حملته هو فقط المزيد من القتلى والمنكوبين والدمار والخراب.. 

أزيد من 70 ألفاً، أغلبيتهم الساحقة من السوريين، سقطوا في هذه الحرب، ونحو ربُع سكان سوريا أجبروا على النزوح من ديارهم إلى مناطق داخلية أخرى أكثر أمناً، إن بقيت هناك مناطق آمنة أصلاً في هذا البلد، أو لجأوا إلى دول الجوار ليعيشوا هناك في ظروف مزرية، وتتعرض بناتُهم للابتزاز من بعض العرب تحت غطاء “سترهن”، وعشرات الآلاف من البيوت هُدّمت، وأحياء كاملة سُوّيت بالأرض، لتؤكد تقارير مستقلة أن سوريا بحاجة إلى أكثر من 200 مليار دولار لإعادة بناء ما تهدّم، والحصيلة مرشحة للارتفاع إذا لم تتوقف هذه الحرب المجنونة.

وعلى الصعيد الإسلامي، فقد زادت هذه الحرب الطائفية القذِرة العالمَ الاسلامي تمزقاً وتشرذماً، وبرزت الاصطفافاتُ المذهبية بشكل خطير، كنتيجة حتمية للشحن الطائفي البغيض الذي مارسته فضائيات التحريض الرخيص في قطر والسعودية، لنصل إلى وضعية أصبحت معها “فتاوى الجهاد” المزعوم ضد الإخوة في الدين الواحد، تصدر كل يوم من شيوخ الفتنة والتحريض، لتغرِّر بالآلاف من الشبان، وتبعث بهم إلى سوريا ليكونوا وقوداً لهذه الفتنة الطائفية، بينما يتمّ التعتيمُ على فتوى الشيخ المنيع التي أكد فيها أن “ما يحصل في سوريا هو حربٌ أهلية ولا جهادَ فيها”، لأنها لا تحلب في إناء عرّابي الدم والفتن المذهبية.

سوريا تتمزق، ولكن العالم الاسلامي أيضاً كله يتمزق بهذه الفتنة المذهبية الخطيرة، أما المستفيدُ الأكبر، بل والأوحد، فهو العدو الصهيوني ومعه أمريكا والغرب... أليس فيكم رجلٌ رشيد؟

 

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
13
  • التجاني

    لا فض فوك،يا حسين،على هذا التحليل المنطقي،لما يحري اليوم في سوريا.حربا طائفية بالوكالة،يقوم بها سذج وبلهاء من بني جلدتنا باسم الجهاد.مسلم يجاهد في مسلم..والخاسر الوحيد هو الاسلام،الذي يجاهون باسمه.

  • RIMA

    لا عصبية في الاسلام ، نحن ننصر الحق على الباطل مهما كان صاحبه ، ونحن مع اهل السنة ان كانو مظلومين في كل العالم من بورما الى الصومال الى اليمن الى مالي الى فلسطين وصولا الىسوريا ، ولكن ان يراد لنا ان نرى فقط ما يجري في سوريا دون غيره فذلك لامر يدبر للمسلمين قاطبة ،حيث يضرب الاخ عنق اخاه لتحريض طائفي بغيض ، والسوريون كانت قلوبهم قبل الازمة مؤلفة بين كل شرائحهم ولكن النفخ في الفتنة هو الدي اوصل الامور الى ماهي عليه الان

  • RIMA

    اعلم ان قنوات الجزيرة والعربية قنوات صهيونية بامتياز ،ذلك انها لا تبث الا ما يرضي مشغليها من الصهاينة وفضيحة مديرها العميل لCAI خير دليل ، والا بما نفسر انها كانت اول من ادخل المحللين الاسرائليين الى بيوتنا في عز الحرب على لبنان وغزة ، ثم لمادا لا تهتم بحريو كل الشعوب اذا كان هذا هدفها اين ثورة البحرين التي مازالت سلمية للان ام ان في الامر طائفة ومذهب ، ثم من قسم العالم الاسلامي الى سنة وشيعة اوليسوا الوهابين مع العلم ان رخصة الدخول الى الجنة هي الايمان بالله ورسوله وهذا يجمعنا مع كل المذاهب ا

  • RIMA

    " يا ايها الذين امنوا لا يجرمنكم شنئان قوم على الا تعدلو اعدلو هو اقرب للتقوى " سنفرض جدلا ان الثورة السورية بدات سلمية لمدة العام وانها شعبية ،فالنطرح السؤال المنطقي لماذا لم يسقط النظام انذلك اذن ، ولا تقلي ان ايران كانت تدعمه لان هذا حجة السفهاء لانه لا يمكن لاي حليف مها كانت قوته ان ينقذ نظاما لا يريده شعبه والا كانت فعلتها امريكا مع الشاه الايراني وهو الذي كان كلبها الوفي في المنطقة ،ثانيا اسال نفسك لماذا اندفع عربان الخليج لنصرة السوريين بالسلاح ضد نظام كافر ولم يفعلوها مع الفلسطنيين ؟؟

  • karima

    اذا كانت الحرب في سوريا حرباََ طائفية

    فأنا مع الطائفة السُنية ظالمة أو مظلومة

    والسلام عليكم

  • الياس

    اذا كانت الحرب في سوريا حرباََ طائفية

    فأنا مع الطائفة السُنية ظالمة أو مظلومة

    والسلام عليكم

  • حنصالي

    قلت واصلت المسير فى ذالك الشارع وحدى فى النهار وامشى الى ان وصلت الى مفترق طرق اول ما رئيت رجال شرطة بزي ازرق انيق وشوارع جميلة انيقة تسر الناضرين وحدائق ايضا روعة فى الجمال تخيلوا حلم له 4 سنوات او تزيد يطبع فى الذاكرة

    هذا يؤكد ان الحلم هو رؤية وذالك الخراب اتى لامحالة هناك من كان يطبخ والسوق المغطى يرمز للبزنسة السياسية للامة العربية

    ورمز رجل الامن ان الدولة السورية منتصرة لامحالة الى هنا سورية القديمة

    اما سوريا الجديدة فهي فى الاوصاف الانفة الذكر الاخيرة
    والله ما اقوله شهيد.

  • عبدالله

    يا سي علي سنة كاملة و الشعب السوري الأعزل يقتل في السجون و الشوارع و لم يسلم حتى الاطفال و النساء من الاغتصاب و حتى افراد الاجهزة الذين رفضوا القتل قتلوا بدم بارد من شبيحة بشار..
    من طبع الانسان انه يتبرمج فرغم ما يوصف الشعب السوري به من طيبة الا انه وجد نفسه يحمل السلاح ضد نظام طائفي نصيري علوي بامتياز, مدعوم من ملالي ايران و حزب اللات لبنان و متطوعين من العراق, و هذا واقع بالصوت و الصورة و مسجل في اليوتيوب

  • محمد بن حنبل

    صدقت وكذب المنافقون

  • البرجى

    ولله لما ترى مايحدث فى سوريا القلب ينفطر لهذا الشعب الذى لم يستطع تجاوز هذه المحنة ولم يتكيف مع هذا الحظ السئ

  • tayeb

    يا سي لقرع الثورة السورية كانت ثورة مسالمة لمدة 8 أشهر ولكن عندما استفحل القتل والتشريد والتعذيب والاغتصاب من طرف النظام السوري الطائفي لم يجد هؤلاء الشرفاء سوى الدفاع عن أنفسهم وعن ذويهم ما حدث وما يحدث لم تقم به لا اسرئيل ولا الصرب ضد البوسنة ولا أي مجرم سبق هذا الحيوان الدموي الطائفي تشفيا واشباعا لحقد دفين وثقافة متجذرة من الحقد والكراهية والثأر لمقتل الحسين العربي وليس الفارسي ولكن ايران أرادت أن تكون حرب الانتقام لسقوط دولة الفرس على يد العرب على أرض سوريا العربية هذه هي الحقيقة يا لقرع.

  • tayeb

    إذا كانت قنوات قطر والسعودية تمارس الشحن الطائفي يا سي لقرع ماذا تسمي قنوات المنار والعالم والكوثر وقنوات آية الله الخامينائي وحزب الشيطان الذي لا يكتفي بالتحريض على قتل السوريين المعارضين للنظام بل بارسال قطعانه المتعطشة لإرواء عطشهم من دماء المسلمين السنة لأنهم نواصب وقتلهم حسب فتاوى مراجعهم الشيطانية في قم وطهران وبلاد الصفويين تحثهم على الحاق أكبر المجازر والقتل على الهوية وتدعهم بالسلاح والمال ورجال الحرس الثوري. عميت ام تتعامى أم أنّك تغار من قطر لأنها صغيرة ولكن تفرض نفسها فرضا.

  • cirta

    لكم منا الشكر و الاحترام على هدا التحليل الرائع /و السؤال المطروح امريكة و ما ادراك ما أمريكة* سيدة العالم بدون منازع لا تدخل حرب الا بألف حساب من ؟ الخاسر والرابح و من المستفيد و ماهو تأثرها على العدو و على الصديق و الوقت المناسب و تكاليفها المادية و البشرية و مخابر تعمل و دراسات و غيرها..و المثال واضح مع كوريا الشمالية و .ايران *و الدول العربية اصبح يتحكم في مصيرها بعض علماء الدين قد يخطئون او يصيبون و رجال سياسة يعارضون بالمراسلة و ابواق اعلامية تعيش على جثت و دماء الابرياء اتقوا الله .