الشروق العربي
الحسنات الالكترونية

من صدقة جارية إلى ذنوب وافتراء

صالح عزوز
  • 2813
  • 2
ح.م

انتشرت ظاهرة ملفتة للانتباه في شبكات التواصل الاجتماعي، وهي نشر المئات من الأدعية والآيات القرآنية والأحاديث، منشورات في ظاهرها أفعال يرجو ناشرها حسنات ويعتبرها صدقة جارية، لكن للأسف ما لا ينتبه له الكثير، أن ليس كل كلام جميل يكون في قالب خال من الأخطاء اللغوية والنحوية هو حديث أو آية، لذا في بعض الأحيان تقف على كلام مأثور يضاف إلى أحاديث الرسول عليه الصلاة والسلام، أو يعتبره بعض الناس آأية، تخرج حينها هذه العملية من إطارها الخيري إلى إطار الشبهة والابتداع في الدين والشرع، يحصل صاحبها على الإثم وقد كان يرجو الحسنات.

كلمات موزونة صعدت إلى درجة الأحاديث وكلام متوارث أصبح آيات قرآنية

المتصفح لشبكات التواصل الاجتماعي، يجد أن بعض الأشخاص تعجبهم الكثير من العبارات، لذا وضعوها في إطار ملون وقاموا بزخرفتها وأشاروا إليها على أنها آيات تريح من حدث بها أو حفظها، ويؤجر من نشرها، على غرار هذه الجملة الطويلة التي أدرجتها “سيدة” على أنها آية تريح من يقرأها: “لا يؤخر الله أمرا إلا لخير ،ولا يحرمك الله أمرا إلا لخير، ولا ينزل عليك بلاء إلا لخير، فلا تحزن دائما، فرب العباد لا يأتي إلا بخير، الحمد لله”…، هي مثال على رفع كل كلام مرتب وموزون القافية، إلى مقام كلام الله عز وحل ، وهو أمر جلل ومن الذنوب العظيمة التي قد يقع فيها بعض الناس دون قصد ولجهلهم بالقرآن، فتتداول بين الأشخاص على أنها من كتاب الله عز وجل دون تصفح ولا معرفه، بل ويحث على نشرها ومشاركة غيره فيها، يراد بها الحسنات، لكنه وقع في الإثم والذنوب.

كما انتشر بين الناس قبل دخول شهر رمضان، جملة أدرجت ضمن أحاديث رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهي أن يوم الخميس 18.05.2018 هو أول رمضان، وقد قال رسول الله عليه الصلاة والسلام أنك إذا بلغت عن رمضان تحرم عليك النار، وختمت بالقول أرسلها إلى كل شخص غال عنك حتى ولو كنت أنا، وهو مجرد كلام لا أكثر ولا أقل، لم يرد في كتب السنة إطلاقا ولم يتناقله أهل العلم الشرعي، لكن للأسف تداوله الكثير من الأشخاص على أنه حديث صحيح ويؤجر كل من نشره، وشاركه المئات، بل الآلاف، بالإضافة كذلك عما أصبح يرمى في شبكات التواصل الاجتماعي دون تمحص دقيق ولا مراقبة، أن شيخا في المدينة رأى رسول الله عليه الصلاة والسلام في رؤيا وهو يأمره بكذا وكذا ويوصيه بوصايا لأمته يجب أن ينقلها لهم، ترسل لك ويطلب منك أن تنشرها وإن فعلت سوف يحدث معك أمر خير في خمس دقائق فقط، كما نجد مما انتشر في هذه الوسائط الاجتماعية، أن الله سوف يحرق العين التي ترى كلمة “محمد” ولم تصل عليه، أو كل من أرسلت له الأسماء الحسنى وتوقفت عنده ولم يرسلها سوف يصاب بشر أو بضرر، عبارات وجمل لم ترد لعلماء الشرع أقوال صحيحة فيها، حققت الشك والريب في نفوس الناس، ما قد يثبت أن جهات معادية للاسلام تقف وراء هذه الظاهرة بغرض الإيحاء أن الاسلام دين دجل وخرافة.

تشويه للسنة الشريفة.. ونشر للشك في العقيدة

وقع الكثير من الناس اليوم في الشبهة، حين أصبح كل كلام موزون يعجب صاحبه يلصقه بالقرآن أو السنة، وهو تشويه وريبة في الصحيح منها، حتى أننا أصبحنا لا نعرف الضعيف من الصحيح وكذا الموضوع منها، وهي في الغالب طرق حديثة لزرع الشك في القرآن والسنة، وتحريفها أو نشر كل ما يتناسب مع أهداف بعض الجهات ومعتقداتهم، ظاهرها حسن وباطنها خبث، ويدفعون بها في شبكات التواصل الاجتماعي التي سهلت عملية تناقلها بين الناس ووصلت إلى الآلاف في لحظة قصيرة، دون تدقيق ولا بحث عميق في صحتها من كذبها.

مقالات ذات صلة