اقتصاد
أكبر قضايا الفساد التي هزت البلاد منذ الاستقلال

من “صندوق التضامن” وفضيحة الـ26 مليار دولار إلى الخليفة وسوناطراك

الشروق أونلاين
  • 10701
  • 17
ح.م

الرشوة، المحسوبية، استعمال النفوذ.. كلها مرادفات للفساد. هذه الظاهرة عادة ما تنشأ وتترعرع في دواليب الدول وتنمو في أحضان الحكومات. من الصعب القضاء التام على الفساد، لأن الفاسدين لا يتركون آثارا تدينهم، وفوق ذلك هم يملكون من المال والحيلة والنفوذ، ما يمكّنهم من شراء الذمم، لكن التقليل من الفساد ممكن إذا توفرت الإرادات وخلصت النيات.

الحديث عن الفساد في الجزائر برز في البدايات الأولى للاستقلال، وكانت قضيته يومها تتعلق بما عرف بـ”صندوق التضامن”، الذي احتوى تبرعات الجزائريين والجزائريات لدعم الثورة ضد الاستعمار الفرنسي. قضية هذا الصندوق، الذي اقترن باسم أحد مفجري الثورة، محمد خيضر، تفجّرت مباشرة بعد اندلاع الخلافات بين الفرقاء السياسيين عقب الاستقلال. 

يقال إن كل الوثائق المتعلقة بهذا الصندوق الذي أودعت كنوزه (أموال، ذهب وفضة) في بنوك سويسرية، كانت بحوزة الراحل محمد خيضر، ولذلك ربط البعض بين اغتيال خيضر في 03 جانفي 1967 بإسبانيا، وبين قضية هذا الصندوق اللغز  .

وبالرغم من تأكيد طارق خيضر، وهو نجل الراحل محمد خيضر، بأن القضية سويت بموجب اتفاق جرى بين عائلة المرحوم خيضر والدولة الجزائرية في أفريل 1979، إلا أن تصريح رئيس الحكومة الأسبق، علي بن فليس، الذي خرج في العام 2001، ليقول بأن أموال “صندوق التضامن” لاتزال بحوزة جهات لم يسمها، زادت الغموض غموضا، ومع ذلك لم تتدخل السلطة لتقدم الإجابة الكافية بخصوص هذه القضية.

وكانت شركة سوناطراك في قلب العديد من قضايا الفساد التي تعدّت أبعادها حدود البلاد، ولعل أكبرها بدأت في السبعينيات، عندما كان على رأس هذه الشركة، سيد أحمد غزالي، الذي أصبح رئيسا للحكومة في بداية التسعينيات، فيما عرف بقضية “البازو سوناطراك”، والتي تخلّف التحقيق فيها إلى بداية الثمانينيات، علما أن رئيس الحكومة الأسبق، عبد العزيز بلخادم، كان مقررا للجنة التحقيق البرلمانية التي أنشئت للبحث في هذه القضية، لكن من دون التوصل إلى نتيجة يعتد بها، وانتهى الأمر بتقديم التقرير النهائي للعدالة.

القضية الثانية التي عاشت سوناطراك على وقعها، كانت في الفترة الممتدة ما بين 2001 و2005، والتي تفجّرت في 2006، وكبّدت خزينة الدولة ما يعادل أربعة في المائة من قيمة صفقات الشركة، منها صفقات بقيمة 5700 مليار سنتيم بالنسبة لوزارة الطاقة، و13 ألف مليار سنتيم في صفقات أبرمت مع وزارة الدفاع الوطني، وإذا كانت العدالة قد دانت العديد من المتورطين فيها، فإن رؤوسا كبيرة بقيت في منآى عن أية متابعة.

أما القضية التي هزت أركان سوناطراك وضربت سمعتها في الخارج، فكانت تلك التي عاشت على وقعها مطلع العام الجاري، ومادام أن التحقيق لايزال في بدايته، بإعلان النيابة العامة بالعاصمة إيفادها محققين إلى كل من إيطاليا وسويسرا والإمارات العربية المتحدة، فمن الطبيعي إرجاء الحكم على تعاطي العدالة مع هذه القضية إلى ما بعد إنهائها لمهمتها.

وتبقى فضيحة الـ26 مليار دولار التي فجرها الوزير الأول الأسبق، عبد الحميد براهيمي في مارس 1990، أكبر قضايا الفساد التي هزت البلاد منذ الاستقلال، ومع ذلك لم نسمع عن معاقبة أي من المتورّطين في هذه القضية، التي لايزال ملفها رهين أدراج وزارة العدل، كما أحيل إليها من قبل لجنة التحقيق البرلمانية التي اشتغلت على مدار ستة أشهر كاملة، سنكتشف تفاصيلها بداية من عدد الغد مع أحد مسؤولي اللجنة.

 

مقالات ذات صلة