-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

من يريد إفشالَ قمة الجزائر؟

حسين لقرع
  • 3936
  • 11
من يريد إفشالَ قمة الجزائر؟

ما كشفته بعضُ وسائل الإعلام العربية نقلا عن “مصادر مسؤولة” بالجامعة العربية، عن أسباب تأجيل القمة العربية المقررة بالجزائر، من شهر مارس إلى منتصف السنة الجارية، يؤكّد أن هناك دولا عربية تريد إفشال قمة الجزائر بافتعال ذرائع واهية.

لقد تحدّثت “المصادر المسؤولة”، وفقا لوسائل الإعلام العربية دائما، والعهدة على الراوي، عن “فشل المشاورات التمهيدية في توفير أجواء تصالحية تضمن مشاركة فعّالة من جانب القوى العربية الأبرز، في ظل تباين المواقف حول ملفات منها تمثيل الحكومة السورية، والعلاقات المتوترة بين الجزائر والمغرب، والوضع في ليبيا، بالإضافة إلى الموقف من التدخُّل الإيراني في بلدانٍ عربية”.

وما يمكن أن يُفهَم من هذه الملفات، أن هناك دولا خليجية وعربية أخرى تريد أن تتطابق مواقفُ الجزائر تماما مع مواقفها باتجاه الاستمرار في استبعاد سوريا من الجامعة العربية إلى أجل غير مسمى، وتأييد حفتر، ومعاداة إيران، وإعادة علاقاتها الدبلوماسية مع المغرب، وهي كما نرى محاولة لمصادرة حرِّية القرار الجزائري وممارسة الوصاية عليه.

لا شيء يبرّر تواصل استبعاد سوريا من الجامعة العربية بعد مرور نحو 5 سنوات على توقُّف الحرب، لقد حان الوقتُ لتصحيح خطإ طردِ هذا البلد من الجامعة ومنح مقعدها للمعارضة، وهي سابقة عجيبة في تاريخ العلاقات الدولية والمنظمات العالمية والإقليمية، ومخالفةٌ صريحة للقوانين الدولية والأعراف والمنطق، ولعلّ الإصرار على استبعاد سوريا من الجامعة إلى حدّ الساعة يحمل لجاجة وفجورا في الخصومة، ولم يعُد له أيُّ مبرر على الإطلاق، والغريب أن بعض الدول تصرّ على الاستمرار في معاداة سوريا وتمدّ يدها في الوقت نفسه للاحتلال الصهيوني.

أما في ما يتعلق بإيران، فالجزائر تقيم علاقاتٍ متوازنة معها ومع دول الخليج، وهي تلتزم الحياد الإيجابي بين الطرفين، ولا تريد أن تكون طرفا في نزاعاتهما المزمنة، ومن غير المنطقي أن تطالبها أيُّ دولة، ضمنيا، بالانحياز إليها واتخاذ مواقف معادية لإيران، وإلا فإنها ستسعى لإفساد قمة الجزائر المقبلة. هل طالبت الجزائرُ من قبل أيَّ بلدٍ كان سيستضيف إحدى القمم العربية، بالانحياز إليها ضد المغرب في ملف الصحراء الغربية، وإلا أفسدت القمةَ على أراضيه؟! أيّ منطق غريب هذا؟!

في ما يتعلق بقطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب، فهذا قرارٌ سيادي، وشأنٌ جزائري خالص، وليس من المعقول أن تتذرَّع به أيُّ دولة عربية لاتهام الجزائر ضمنيا بأنّها تسبّبت في إفشال “المشاورات التمهيدية” الرامية إلى توفير “أجواء تصالحية” تسبق القمة العربية، هذه محاولةٌ عبثية لليِّ ذراع الجزائر، وممارسةٌ للضغط في غير موضعه، هو قرارٌ سيّادي اتخذته الجزائر في أوت الماضي، وله أسبابُه التي لا يتسع المجالُ للعودة إليها، وليس لأحدٍ أن يملي على الجزائر ما تفعله وتقرِّره بكل سيادة، أو يلوّح بإفشال قمّتها إذا لم تستجب لضغطه وتتراجع عن قراراتها وتغيّر مواقفها وتُراجع علاقاتها مع دول عربية وإسلامية أخرى لا تحظى برضا هذه الدول.

وبالمناسبة، ننبّه إلى أنّ أخطر ما يواجه الجامعةَ العربية الآن، هو وقوعها تحت هيمنة دول تطبِّع مع الاحتلال، وتعادي القضية الفلسطينية، وتفجُر في خصومتها مع سوريا وإيران، وتنحاز إلى المغرب في خلافه مع الجزائر، وإذا أفشلت هذه الدولُ القمةَ المقبلة بذرائعها المختلَقة، فليس للجزائر إلا أن تنسحب من الجامعة العربية، وهي أصلا ستتحوَّل في السنوات القادمة، وبمباركة دول التطبيع والهرولة، إلى “جامعة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا” وتضمّ إليها الكيانَ الصهيوني وتركيا، طبقا لمخطط “الشرق الأوسط الجديد” الذي تعمل أمريكا على تجسيده منذ غزو العراق في 2003 إلى الآن، وليس للجزائر ما تفعله في مثل هذه الجامعة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
11
  • محمد

    أولا لا تخسر الجزائر أي شيء في عدم انعقاد قمة ما يسمى بالدول العربية والأحسن للجزائر أن تنسحب من هذه المجموعة الشيطانية التي تتوحد إلا للمطالبة باحتلال أعضائها من طرف الدول الغربية والشرقية مثلما فعلت في العراق وليبيا واليمن وسوريا.ومع هذا فإن مساندة الجزائر لنظام الأسد المجرم في الرجوع إلى الجامعة بعد أن ارتكب المجازر الشنيعة في حق شعبه كمثل قبول النظام المصري في تقتيل العزل بالآلاف من شعبه يعتبر خطأ مهما كانت علاقة الجزار بالشعب السوري الشقيق.هذه المنظمة ليست جامعة للشعوب العربية بل مجموعة من العملاء للاستعمار الغربي خاضعة له حتى باعت دون مقابل حقوق الشعب الفلسطيني في أرضه والمطالب بجريته التي لا يملكها سواه.لا نحتاج إلى الأشرار والخونة.

  • تاشفين قو مزيان

    أحسن تعليق أقرأه حول تأجيل القمة والمنقول من المصادر المختلفة والتحليل المنطقي للاستاذ صاحب الرأي. بدء بأزمة سوريا مرورا بإيران وليبيا ونزولا عند التوثر القاطع للعلاقات بين الجارين الشقيقين. أولا ما أعجبني هو أن الكاتب قال إن قرار الجزائر قطع علاقتها مع المغرب قرار سيادي، وهو من الزاوية هذه لا يناقش، وأي مناقشة له فهي من باب التدخل السافر في شؤون بلد، لهذا فإن الدول نفسها الرافضة لعقد القمة تتشبث بالمبدأ نفسه، السيادة، ولا يمكن إجبارها على حضور قمة، تعرف مسبقا أنها لن توقف المد الإيراني الذي يجيش الشيعة ضد السنة، ولا أن تترك بلدا أسمه ليبيا أن يختار من يناسبه، وتحشر نفسها في الوحدة الترابية لبلد جار، لتؤلب انفصاليين وتمدهم بالسلاح وووو. القضية في الأمم المتحدة وعلى الجزائر التي تمنح التراب والسلاح ىأن تتوقف عن مزيد من تلفيق التهم، وتبعث الروح في اقتصادها لرفاهية شعبها.

  • amis

    لطارق الجزائري : الجامعة الاسلامية التي تتحدث عنها موجودة منذ أكثر من 50 سنة باسم منظمة المؤتمر الاسلامي والتي تجمع 57 دولة . وهي صورة مطابقة للأصل للجامعة العربية حيث وجودها لا يختلف عن زوالها وغيابها .

  • amremmu

    أتفق العرب على أن لا يتفقوا .. مقوله للعلامة ابن خلدون . قالها منذ 700 سنة وبالتالي فهي قديمة جديدة بل صالحة لكل زمان .

  • طارق الجزائري

    إحياء فكرة الجامعة الإسلامية التي دعا إليها السلطان عبد الحميد الثاني -رحمه الله-هو الحل.

  • يوغرطة

    النتيجة بمعني نتيجة اجتماع العرب بالجامعة العربية في كل الاحوال تنتهي الي الصفر او اللاشيء دائما وابدا .

  • المذغري

    كما أن عدم مشاطرة الدول العربية للجزاءر هو كذلك قرار سيادي للدول العربية الأخرى،وللجزاءر واسع النظر في الخروج من الجامعة العربية ومن للاءتحاد المغاربي.

  • أستاذ متقاعد

    نحن في عالم لا يرحم بل نحن في عالم النجاح فيه للذكاء والحكمة ... والفشل للحماقة والتهور .

  • الجزائر : الى أين ؟؟؟

    يقول نابليون بونابرت : قلب رجل الدولة يجب أن يكون في رأسه .

  • زورو

    وهل من حق الجزائر ان تملي اجندتها على باقي الدول العربية لمجرد ان القمة ستنظم بالجزائر.

  • amremmu

    وإذا أفشلت هذه الدولُ القمةَ المقبلة بذرائعها المختلَقة، فليس للجزائر إلا أن تنسحب من الجامعة .... وليس للجزائر ما تفعله في مثل هذه الجامعة ... وكأن الجزائر فيما سبق أي منذ انظمامها الى هذه الجامعة بعد استقلالها مباشرة استفادت شيء يذكر !!