مواجهات بين المتهمين بعد ثلاثة أيام من بدء محاكمة البيسيا في وهران

تميز‮ ‬اليوم‮ ‬الرابع‮ ‬من‮ ‬محاكمة‮ ‬البيسيا‮ ‬في‮ ‬وهران‮ ‬بسماع‮ ‬متهمين‮ ‬اثنين،‮ ‬وعدم‮ ‬الإطالة‮ ‬معهما‮ ‬على‮ ‬عكس‮ ‬ما‮ ‬جرت‮ ‬عليه‮ ‬الأمور‮ ‬خلال‮ ‬الأيام‮ ‬الفارطة‮.‬عند الساعة التاسعة صباحا وعشر دقائق، استدعى القاضي عشعاشي عبد الوهاب المتهم المدعو “ب.ناصر” والذي كان يشغل منصب رئيس مصلحة في وكالة سيق التابعة للبنك الخارجي الجزائري، توقع بعض المتفائلين أن يقدم معلومات مهمة للمحكمة، في حين كان هو هدفه الأول البحث عن أي طريقة‮ ‬لتخليص‮ ‬نفسه،‮ ‬ووجدها‮ ‬جاهزة‮ ‬في‮ ‬قوله‮ ‬انه‮ ‬كان‮ ‬عبدا‮ ‬مأمورا،‮ ‬ورغم‮ ‬ذلك‮ ‬دفع‮ ‬أربع‮ ‬سنوات‮ ‬من‮ ‬عمره‮ ‬وراء‮ ‬القضبان‮..‬‬القاضي وبعد ما قدم المتهم نفسه، سأله إن كان مسبوقا قضائيا، فرد بالنفي، ثم طالبه بشرح موقفه حيال التهم الواردة في قرار الإحالة.. المتهم ظهر عليه القلق، ثم استرسل في الكلام قائلا: “سيدي الرئيس، لقد بدأت العمل في البنك الخارجي الجزائري، وكالة سيق، بعد 3 سنوات عملت فيها بالبريد، ثم توقفت لمدة سنتين في عام 1990، لأعود بعدها وتتم ترقيتي، حيث كنت مكلفا بكل الأمور المتعلقة بالإعلام الآلي، حتى سنة 1998، انتقلت إلى مصلحة الصندوق، وفي أواخر 2002 أصبحت رئيسا لها، ثم فجأة، وبعد مرور حوالي سنة أجد نفسي متورطا في قضية لا ناقة لي فيها ولا جمل، خصوصا أن السفتجات لها مصلحتها الخاصة هي مصلحة الحقيبة، كما أنه ليست لي علاقة بالأرصدة، وأنا أتحدى أي مسؤول في البنك من الموجودين في القاعة أن يقول لي دوري ما هو في البنك.
القاضي‮ ‬يقاطع‮: “‬لا‮ ‬تسال‮ ‬عن‮ ‬دورك‮ ‬في‮ ‬البنك،‮ ‬بل‮ ‬اسأل‮ ‬عن‮ ‬دورك‮ ‬في‮ ‬القضية‮”.‬
‭-‬‮ – ‬نعم‮ ‬سيدي‮ ‬الرئيس،‮ ‬ولكنني‮ ‬أريد‮ ‬أن‮ ‬أقول‮ ‬أن‮ ‬دوري‮ ‬في‮ ‬البنك‮ ‬كان‮ ‬التنفيذ‮ ‬وليس‮ ‬اتخاذ‮ ‬القرار‮.‬

‭-‬‮ ‬لكنك‮ ‬كنت‮ ‬رئيس‮ ‬مصلحة‮ ‬الصندوق؟
‭-‬‮ – ‬نعم‮.‬

‭-‬‮ ‬كم‮ ‬استمريت‮ ‬في‮ ‬منصبك؟
‭-‬‮ – ‬منذ‮ ‬سنة‮ ‬1998‮… ‬أو‮ ‬عفوا،‮ ‬كنت‮ ‬رئيس‮ ‬مصلحة‮ ‬منذ‮ ‬أواخر‮ ‬سنة‮ ‬2002‮.‬

‭-‬‮ ‬إذن‮ ‬هي‮ ‬مسؤوليتك‮ ‬المباشرة؟
‭-‬‮ – ‬نعم‮.‬

‭-‬‮ ‬ما‮ ‬هي‮ ‬مهام‮ ‬مصلحتك؟
‭-‬‮ – ‬نستقبل‮ ‬الزبائن‮ ‬ونمرر‮ ‬شيكاتهم‮ ‬للمخالصة‮.‬

‭-‬‮ ‬الشيكات‮ ‬والسفاتج؟
‭-‬‮ – ‬السفتجة‮ ‬تختلف،‮ ‬إذ‮ ‬أن‮ ‬لها‮ ‬مدة‮ ‬معينة‮… ‬أما‮ ‬الشيكات‮ ‬فإنني‮ ‬أتأكد‮ ‬من‮ ‬سلامتها،‮ ‬ثم‮ ‬نسلم‮ ‬البريد‮ ‬إلى‮ ‬المدير‮.‬

‭-‬‮ ‬وماذا‮ ‬عن‮ ‬السفاتج؟
‭-‬‮ – ‬لا‮ ‬علاقة‮ ‬لي‮ ‬بها‮.‬

‭-‬‮ ‬ألا‮ ‬توقع‮ ‬عليها؟
‭-‬‮ – ‬الزبون‮ ‬يضع‮ ‬السفتجة‮ ‬لدى‮ ‬رئيس‮ ‬مصلحة‮ ‬الحقيبة،‮ ‬ثم‮ ‬يأخذها‮ ‬إلى‮ ‬المدير‮ ‬ليوقعها‮ ‬ومن‮ ‬ثمة‮ ‬يحولها‮ ‬إلى‮ ‬الصندوق‮.‬

‭-‬‮ ‬وأنت‮ ‬ما‮ ‬فائدة‮ ‬توقيعك؟
‭-‬‮ – ‬انه‮ ‬للمطابقة‮.‬

‭-‬‮ ‬من‮ ‬يوقع‮ ‬أولا؟
‭-‬‮ – ‬لا‮ ‬يهم‮ ‬من‮ ‬يوقع‮ ‬أولا‮.‬

‭-‬‮ ‬أكرر‮ ‬السؤال‮ ‬من‮ ‬يوقع‮ ‬أولا؟
‭-‬‮ – ‬عندما‮ ‬نأتي‮ ‬بالشيكات‮…‬

‭-‬‮ ‬اقصد‮ ‬السفاتج‮ ‬وليس‮ ‬الشيكات؟
‭-‬‮ – ‬يوقعها‮ ‬المدير‮ ‬ونائبه‮.‬

‭-‬‮ ‬وأنت‮ ‬ألا‮ ‬توقع؟
‭-‬‮ – ‬أوقع‮ ‬للمطابقة‮ ‬وفقط‮.‬

‭-‬‮ ‬المتهم‮ “‬ب‮.‬محمد‮” ‬الذي‮ ‬كان‮ ‬رئيس‮ ‬مصلحة‮ ‬الاستغلال،‮ ‬قال‮ ‬انك‮ ‬كنت‮ ‬توقع‮ ‬في‮ ‬المرتبة‮ ‬الثانية‮..‬
‭-‬‮ – ‬هو‮ ‬حر‮ ‬يقول‮ ‬ما‮ ‬يشاء،‮ ‬أما‮ ‬أنا‮ ‬فأقول‮ ‬إن‮ ‬إمضائي‮ ‬ليس‮ ‬مهما،‮ ‬فحتى‮ ‬لو‮ ‬لم‮ ‬امض‮ ‬فذلك‮ ‬لن‮ ‬يغير‮ ‬شيئا‮.‬

‭-‬‮ ‬إمضاؤك‮ ‬للمطابقة‮ ‬وتقول‮ ‬انه‮ ‬ليس‮ ‬مهما؟
‭-‬‮ – ‬إمضائي‮ ‬كان‮ ‬من‮ ‬الدرجة‮ ‬الثانية‮.‬

‭-‬‮ ‬لكن‮ ‬من‮ ‬يوقع‮ ‬أولا؟
‭- ‬‮- ‬أنا‮ ‬أولا‮… ‬لكن‮ ‬فقط‮ ‬من‮ ‬اجل‮ ‬المطابقة‮.‬

‭-‬‮ ‬إذا‮ ‬جلبوا‮ ‬لك‮ ‬شيكا‮ ‬وطلبوا‮ ‬منك‮ ‬تمريره‮ ‬ويكون‮ ‬مصادقا‮ ‬عليه‮ ‬‭.‬‮ ‬خصوصا‮ ‬اذا‮ ‬كان‮ ‬مؤشرا،‮ ‬ماذا‮ ‬تفعل؟
‭-‬‮ – ‬أمرره،‮ ‬فقد‮ ‬كنت‮ ‬أتلقى‮ ‬تعليمات‮ ‬عليا‮ ‬بهذا‮ ‬الشأن‮.‬

‭-‬‮ ‬هذه‮ ‬شيكات‮ ‬بالملايير‮ ‬وتأتي‮ ‬لتقول‮ ‬لي‮ ‬انك‮ ‬توقع‮ ‬فقط‮ ‬للمطابقة؟
‭-‬‮ – ‬إنها‮ ‬ليست‮ ‬مهمتي‮ ‬سيدي‮ ‬الرئيس‮.‬

‭-‬‮ ‬لكن‮ ‬كنت‮ ‬تتأكد‮ ‬بوجود‮ ‬رصيد‮ ‬لدى‮ ‬الزبون؟
‭-‬‮ – ‬نعم‮.‬

‭-‬‮ ‬فإذا‮ ‬لم‮ ‬يكن‮ ‬له‮ ‬رصيد؟
‭-‬‮ – ‬لا‮ ‬أوقع‮ ‬إلا‮ ‬بأمر‮ ‬من‮ ‬المدير‮.‬

‭-‬‮ ‬217‭ ‬شيكا‮ ‬وقعتها‮ ‬وهي‮ ‬لا‮ ‬تتوفر‮ ‬على‮ ‬رصيد؟
‭-‬‮ – ‬مراقبة‮ ‬الرصيد‮ ‬ليست‮ ‬مهمتي‮.‬

‭-‬‮ ‬ولكن‮ ‬لماذا‮ ‬مررتها؟
‭-‬‮ – ‬لقد‮ ‬تلقيت‮ ‬أوامر‮ ‬بذلك‮ ‬من‮ ‬المدير‮…‬

‭-‬‮ ‬شيكات‮ ‬قيمتها‮ ‬3‮ ‬ملايير‮ ‬و454‮ ‬مليون‮ ‬دينار‮ ‬ولا‮ ‬تراجعها؟
‭-‬‮ – ‬إنها‮ ‬أوامر‮ ‬المدير،‮ ‬فمنذ‮ ‬1999‮ ‬لم‮ ‬يوقع‮ ‬على‮ ‬أي‮ ‬وثيقة‮..‬

‭-‬‮ ‬هل‮ ‬جاءتكم‮ ‬لجنة‮ ‬تفتيش؟
‭-‬‮ – ‬نعم،‮ ‬وبلغناهم‮ ‬أن‮ ‬المدير‮ ‬يتهرب‮ ‬من‮ ‬كل‮ ‬المسؤوليات‮…‬

‭-‬‮ ‬والزبائن‮ ‬هل‮ ‬كانوا‮ ‬يأتون‮ ‬عندك‮ ‬شخصيا؟
‭-‬‮ – ‬لا،‮ ‬كانوا‮ ‬يأتون‮ ‬إلى‮ ‬مصلحة‮ ‬الحقيبة‮..‬

‭-‬‮ ‬ثم‮ ‬يعودون‮ ‬إليك‮ ‬لاستلام‮ ‬الشيكات‮ ‬والسفاتج؟
‭-‬‮ – ‬لا،‮ ‬كانوا‮ ‬يستلمونها‮ ‬من‮ ‬عند‮ ‬المدير‮.‬

‭-‬‮ ‬وماذا‮ ‬عن‮ ‬الإمضاءات؟
‭-‬‮ – ‬كانوا‮ ‬يمضون‮ ‬على‮ ‬السفاتج‮ ‬مباشرة،‮ ‬أما‮ ‬الشيكات‮ ‬فترجع‮ ‬للتأكد‮ ‬من‮ ‬وجود‮ ‬رصيد‮.‬

‭-‬‮ ‬من‮ ‬يتأكد؟
‮- – ‬المدير‮ ‬ونائبه‮..‬

القاضي بنرفزة، يحذر المتهم من المراوغة في الكلام، ثم يستدعي المتهم الآخر “ل.محمد” نائب مدير وكالة سيق لمطابقة أقواله مع تلك التي أوردها “ب.ناصر”… وهنا يفاجئ الأول الجميع بقوله أن ب.ناصر يتحمل المسؤولية في التعامل مع الشيكات، فلولا إمضاءه لما تم تمريرها.

النائب‮ ‬العام‮ ‬يركز‮ ‬على‮ ‬قضية‮ ‬الشيكات

مساءلة‮ ‬النائب‮ ‬العام‮ ‬تمحورت‮ ‬خصوصا‮ ‬حول‮ ‬قضية‮ ‬إصدار‮ ‬شيكات‮ ‬بدون‮ ‬رصيد،‮ ‬حيث‮ ‬كانت‮ ‬الأسئلة‮ ‬حادة‮ ‬إلى‮ ‬درجة‮ ‬ضاعفت‮ ‬من‮ ‬توتر‮ ‬المتهم‮..‬

‭-‬‮ ‬هل‮ ‬سبق‮ ‬لوكالة‮ ‬سيق‮ ‬وان‮ ‬تعاملت‮ ‬مع‮ ‬شيكات‮ ‬بهذا‮ ‬الحجم‮ ‬من‮ ‬الأموال،‮ ‬أي‮ ‬250‭ ‬مليار‮ ‬سنتيم‮ ‬و217‮ ‬شيكا؟
‭-‬‮ – ‬أبدا‮.‬

‭-‬‮ ‬ما‮ ‬هو‮ ‬اكبر‮ ‬مبلغ‮ ‬صادقتم‮ ‬عليه؟
‭-‬‮ – ‬لا‮ ‬أتذكر‮.‬

‭-‬‮ ‬تقول‮ ‬أن‮ ‬إمضاءك‮ ‬من‮ ‬الدرجة‮ ‬الثالثة‮.. ‬من‮ ‬حدد‮ ‬ذلك؟
‭-‬‮ – ‬لست‮ ‬أنا‮.‬

‭-‬‮ ‬لماذا‮ ‬سلموك‮ ‬ختما‮ ‬بالمخالصة؟
‭-‬‮ – ‬للتنفيذ‮.‬

‭-‬‮ ‬هل‮ ‬سمعت‮ ‬باختفاء‮ ‬عشرين‮ ‬شيكا‮… ‬من‮ ‬وكالة‮ ‬سيق؟
‭-‬‮ – ‬لا،‮ ‬لم‮ ‬أسمع‮… ‬منذ‮ ‬دخلت‮ ‬السجن،‮ ‬انقطعت‮ ‬عن‮ ‬العالم‮.‬

وقد‮ ‬انتهت‮ ‬الجلسة‮ ‬الصباحية‮ ‬في‮ ‬حدود‮ ‬منتصف‮ ‬النهار‮.‬

قادة‮ ‬بن‮ ‬عمار