الشروق العربي
الحب في زمن الكورونا

مواعيد مؤجلة إلى ما بعد العيد

فاروق كداش
  • 1837
  • 6
ح.م

تسلّل في جنح الليل، فخيم على النهار ظلام دامس، أنهك العجائز، وأثقل كاهل الشيوخ، وغدر بكل مختال فخور خرج من دون كمامته، وطمس الحب، وقتل الأحاسيس، وشرد المشاعر، وبقي الأحبة اثنين اثنين، والكورونا ثالثهما… الشروق العربي، ترصد الحب وواقع العشاق في زمن الوباء.

 اختفت مظاهر الحب المبتذل، في شوارعنا، بعد أن أجبر فيروس صغير لا تراه العين المجردة، الجميع على الاحتماء بالديار. لا شباب يعاكس، ولا بنات يختلن بالبناطيل الضيقة والتنانير القصيرة، وقطع دابر العاشقين، وجرد الحب من نساكه وعابديه.. وبقي يدور في فلك الهواتف المهربة، والحسابات المفبركة على النت… ولحسن طالعنا، أن هذا الزمن خلصنا من مشاهد الشباب العاطل، المستند على حيطان الملل، وهو يكلم الحبيبة بميوعة، لا تجاريه فيها الراقصات والغواني… لم يبق سوى البعض يحن من فوق أسطح المنازل إلى صوت ناريمان وضحكات إسمهان وسخافة نورهان… أما فايسبوك، فهو آخر معقل للعشاق، يمنون أنفسهم باللقاء بعد العيد.. فكورونا لم يأت وحيدا، بل صادف رمضان الكريم بقدسيته وتوبات شبابه المؤقتة..

شباب ينتظر الفرج

سألت بعض الشباب على فايسبوك: كيف يمضون يومهم؟ فقيل لي: بين النوم حتى الأذان والحديث المباح مع البابيشة حتى مطلع الفجر، فلا سهر بالشاي والشيشة ولا ڤصرة في “القهاوي”.. منير، شاب في الثالثة والعشرين، خريج حقوق، يقول لي على الخاص: “منذ أكثر من شهر ونصف، لم ألتق بصديقتي، وأنا متلهف كثيرا إلى لقائها، وأتمنى أن يكون ذلك بعد عيد الفطر، فأنا أحن إلى خرجتنا وحديثنا… عزائي الوحيد كلامنا على المسنجر، فوالدها يراقبها، وأمها لا تسمح لها باستعمال الهاتف ليلا”.. أما يوسف، الذي يضع صورة كريستيانو رونالدو في بروفايله، فيخبرني بأنه لا وقت لديه الآن للحديث مع البنات، فالوضع لا يسمح بذلك، لكنه بعد العيد، إن سنحت الظروف، سينشط كعادته في المعاكسات والدراڤاج”… هيثم، بدوره، ينتظر بلهفة لقاء خطيبته، هذه المرة، بعد العيد. وسيغتم المهيبة لرؤيتها فقط، استوحش الدنيا من دونها، مثله مثل خير الدين، الذي أكد لي أن هذه الظروف جعلته يفكر مليا في الارتباط بزميلته في العمل، وسيتقدم لخطبتها بعد رمضان.

بنات ونزوات الحب

أما البنات، فالحياء الزائف لا يسمح لهن بالخوض في مثل هذه الأحاديث، فكلهن ماكثات في البيت، يعجنّ ويخبزن ويدردشن مع الصديقات فقط، فالموبايلات مراقبة، كما سبق أن لمحت. أما النت، فهو السبيل الوحيد للحديث مع البويفراند الواهم. وئام، عاتبت كل البنات اللواتي لا يزلن يتحدثن مع الشباب في حضرة أهليهن، دون خجل أو مراعاة للشعور، “ألم يحن وقت توبتهن عن هذه الأفعال… ألم يتعلمن من كورونا أقسى الدروس في الحياة… أنا، عن نفسي، قررت أن أتفرغ لدراستي في الطب، لأنه هو أمل المستقبل”. أما رشا، فترى أن المواعيد التي تنتظرها البنات بعد العيد هي بمثابة خيانة عظيمة للثقة العمياء، التي وضعها فيهن الأولياء.. في المقابل، تأمل الكثيرات من ذوات السوابق العشقية ألا يطول اللقاء بينهن وبين من يحببن، ويفكرن من الآن في اللوك، والتسريحة التي سيظهرن بها في الشوارع، بعد أيام الجفاف العاطفي… فهل علمنا كورونا أن الحب كذبة، وأن الحب كذب علينا بقوله إن كورونا نزوة من نزوات الكون… أم هل سيكون العيد موعدنا، والصيف معبدنا على رأي ماجدة الرومي

مقالات ذات صلة