-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

“مُصيبة” الإدمان في مجتمع مُخدّر!

محمد حمادي
  • 762
  • 2
“مُصيبة” الإدمان في مجتمع مُخدّر!
أرشيف

عمّت المخدرات البرّ وانتقلت هذه المرّة إلى البحر، مدشنة فصلا جديدا من فصول استهداف استقرار وسكينة هذا الوطن، عبر إغراقه بأطنان من السموم، وأيّ سموم؟ عندما يتعلّق الأمر بسبعة قناطير من الكوكايين قادمة من بلاد “السامبا” على متن باخرة، ميّمنة وجهها شطر ميناء وهران، في أكبر عملية لتهريب المخدرات عبر العالم، أراد أصحابها جني آلاف الملايير، عبر اصطياد أولئك اليائسين من الحياة، الذين يرون في المخدرات ملاذا ينقلهم إلى عوالم من الخيال ويبعدهم عن واقعهم المرير، وكذا أولئك المتاجرين بصحة الناس، الذين يبحثون عن الثراء عبر تدمير العقول وتسميم الأبدان!
الضربات التي توجهها في كل مرّة العيون الساهرة على أمن وآمان البلاد لبارونات المخدرات، التي تحاول في كلّ مرّة إغراق الوطن بأطنان من المخدرات، وتسميم أبدان أبنائه وتخدير عقولهم ليصبحوا مجرّد كائنات واهنة تضرّ المجتمع أكثر ممّا تنفعه، أبانت حجم المخاطر المحدقة بهذا المجتمع، الذي تحوّل إلى سوق مفتوحة لعقد صفقات بيع وشراء السموم، التي بات الجزائريون يعرفون أسماءها وتركيبتها ومفعولها، ما يتطلب وضع مخطط استعجالي يتصدّى في المقام الأول لظاهرة الإدمان على المخدرات، التي أنعشت تجارة السموم ومكنت كثيرا من البارونات من جمع ثروة طائلة على حساب أشخاص يائسين وجدوا في المخدرات ملاذا يهربون إليه، بعدما جثمت الهموم على صدورهم.
مكمن الخطورة في المخدرات التي تغلغلت في أوساط المجتمع، هي تسببها في تنامي وتيرة الإجرام وارتفاع حوادث المرور التي كان أبطالها سائقون متهورون كانوا تحت تأثير السموم، والأخطر من ذلك أنّها امتدت إلى الأطفال، حيث تصدمنا في كل مرّة تقارير وإحصاءات مرعبة أعدتها مراكز متخصصة، تتحدّث عن استفحال تعاطي المخدرات في الوسط المدرسي، وأنّ هذه الشريحة أضحت عرضة للوقوع في فخ الإدمان في السنوات الأخيرة، لتتحوّل المدارس من فضاء لتلقين العلم والمعرفة إلى مكان تُستهلك وتروّج فيه المخدرات، في مشهد ينذر بعواقب وخيمة في حال عدم تكاثف الجهود لمواجهة هذه الظاهرة، التي لم تجدِ نفعا معها الحلول الأمنية.
الحقيقة، هي أنّ غياب استراتيجية ناجعة لمكافحة “مُصيبة” الإدمان على المخدرات، هو من ضاعف معدلات الاستهلاك، وأنعش تجارة “الحشيش”، التي أنتجت أثرياء جدد بيّضوا عائدات السموم في شراء عقارات وإطلاق استثمارات.
لذلك، فإنّ الحل الأمثل لمواجهة هذا “الكابوس”، هو تحصين المجتمع من آفة تعاطي المخدرات التي تجاوزت الكيف والمهلوسات لتصل إلى أغلى السموم على غرار الهيروين والكوكايين.
لا بد من إعادة رسم خارطة هذا المجتمع وإشراك جميع الفعاليات من أطباء أخصائيين في الأمراض النفسية والعقلية وعلماء الاجتماع ورجال الدين وممثلي الأجهزة الأمنية وجمعيات المجتمع المدني للتصدي لهذه الظاهرة التي تسببت في مآسٍ أدمت قلوب الجزائريين، فغالبية جرائم القتل المروعة التي ارتكبت لأسباب تافهة كان محركها الرئيس المخدرات التي خدرت العقول وأعمت بصيرة شبان في عمر الزهور، كان بالإمكان استغلال طاقاتهم في ما يصلح للبلاد والعباد.
لكن هيهات! فقد سقط هؤلاء الذين لفظهم المجتمع في بحر لجي من المشاكل التي تغذت من صحون اليأس والإحباط؛ فرمت بهم في أحضان المخدرات، التي باتوا يرون فيها المخلّص الذي ينتشلهم من واقعهم المرير.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
2
  • محمد

    أنا معك في كل ما تقول وأتفق في ضرورة محاربتها بشكل شامل ...لكن ألا ترى أنك تغفل شيئا آخر بنفس الخطورة وربما أشد كذلك ... الخمور والمشروبات الكحولية ، التي تقتل خلايا المخ و تدمر الأفراد والعائلات ..,تتسبب في زيادة العنف والقتلى بحوادث المرور ... وكل شيء ينطبق على المخدرات ينطبق عليها.
    أنا أظن أن هذا الإغفال أو النسيان من الجرائد والإعلام لخطورة وضرر المشروبات الكحولية ليس بالشيء المحمود. فكيف نحارب ضررا ونترك آخر له نفس الأثر على المجتمع ونفس الخطر على الدولة.

  • مفتش الطاهر

    سبعة أطنان كوكايين هاهاها صعيبة شوية
    كي شغل تخلعك وركايبك يلعبو وحدهم
    هذا أقرب إلى التصدير وليس تهريب
    أنصح الهيئات المعنية المخلصة لمهنتها
    أن تتابع بعناية إلى أين تنتهي هذه الأطنان
    خاصتا إذا كانت من النوع الصافي
    يا صاحبي هذي مش بطاطا باش يدخلوها بالأطنان