جواهر
وجهات نظر

نساء سافرات بعد الحجاب!

كوثر عرقوبي
  • 10190
  • 30

نزع الحجاب والعودة إلى السفور مرة أخرى، ظاهرة ما انفكت تتفاقم يوما بعد يوم في تونس، تفاقم يعود بنا إلى ظاهرة تسابق النساء نحو التحجب إبان الثورة: كل بطريقتها فهذه اختارت اللباس الشرعي وأخرى زادته النقاب الأسود، لأنها اقتنعت أو ربما أقنعوها بأنها عورة جسدها فتنة يثير لعاب رجال مؤمنين يريدون تطبيق شريعة قيل أن الإسلام ينص عليها.
قبل سقوط نظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي كل النساء في بلادي سافرات يرتدين “الدجينز” و”الميني جيب” ووو…الرجال هم أيضا يلبسون آخر صيحات الموضة ومستحيل أن تجد شابا أو كهلا ملتحي يرتدي لباسا دينيا.. النظام عندنا كان أقوى من الميولات الدينية التي دائما يربطوها بجماعة الإخوان المسلمين والإرهاب لذلك لن تجد امرأة متحجبة أو رجلا ملتحيا في الإدارة التونسية أو في المؤسسات الخاصة: عين النظام في كل مكان وعصاه على رأس كل مخالف.
رحل النظام ورحلت كل قوانينه، ليطل علينا من أسمو أنفسهم حماة دين انجرفن وراءهم نسوة أشعرونا في فترة ما أنهن أكرهن على السفور تخلين عن رفيق الدرب لسنوات طوال: سروال “الدينجز” وظن “السفساري” (لباس تونسي تقليدي يستر كامل الجسم ترتديه المرأة التونسية عند الخروج من المنزل) إن الحظ ابتسم له وسيخرج أخيرا من الرفوف القديمة ليرى الحياة الجديدة مع فتيات ونسوة يرتدين سترة عوراتهم طبعا وهل يوجد أحسن من “السفساري” لهذه المهمة أو لم يستر أمهاتنا وجداتنا قبل أن يمهد الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة للاستغناء على خدماته نهائيا ذات يوم عندما نزعه عن إحدى قريباته السيدة “صلوحة بزقرو” بالمنستير مسقط رأسه؟
تفاءل “السفاساري” خيرا ولكن خاب ظنه لأن نساء بلادي اخترن الجلباب القطري والنقاب الأفغاني، علهن يكفرن عن سنوات الردة والله يهدي من يشاء.. هداية يبدو أنها محدودة بوقت محدد ومرتبطة بفترة معينة لأن أولئك النسوة سرعان ما نزعن الحجاب عن طيب خاطر ورجعن للسفور بقوة كأنهن انتظرن هذه اللحظة ليحلقن مثل طائر حبس في قفص فما إن غفل صاحبه عن إغلاق باب القفص حتى طار.
طار العصفور ورمت النساء في بلادي الحجاب وكأنهن ترمين خرقة بالية لتزهو بلباسها الجديد وشكلها الجديد المتجدد.. هل تراهن اقتنعن بأنهن لسن عورة والحجاب ليس ثوب عفاف ولن يكون؟ هل تصالحن مرة أخرى مع أجسادهن واقتنعن بأن المشكل في الأفكار وليس في الأجساد؟
ربما.. لكن مهما كانت الأسباب والعلل لهذا السفور بعد التحجب، يبدو أن الأفكار المسقطة والقيم والمفاهيم المستوردة تزول مع الوقت لأن الأخلاق لا تساوم بقطعة ثوب تغطي الرأس.. وحدها القناعات النابعة من الفرد باقية وأبدا لن يكون الحجاب وسيلة لستر العورات لأن العورات في العقول والأفكار فمن تريد أن تزني لن يمنعها حجابها ومن تختار طريق الرذيلة لن يمنعها نقابها بالعكس سيكون وسيلة يسهل لها المهمة لان بعض البغايا في تونس غيرن استراتجيتهن بالتبرج في الشارع وصرن محجبات أيضاً…
نحن لسنا ضد الحجاب ولكن لا نريده أن يكون وسيلة أو غاية لهدف ما على حساب شخصيتنا. فرجاء كفوا عن اعتباره سترة لعري المرأة وحجة على عفتها وطهارتها فالعري في الأفكار.
وأنت سيدتي كوني كما أنت لا ترتدي الحجاب بمسلمات اجتماعية بل ارتديه بمسلمات دينية بحتة.. نعم لا تلبسيه لأنهم أقنعوك به بل اقتنعي به أنت أولا حتى لا تخلعيه في يوم بعلة أنك نضجت لأننا نعتقد أن صورة امرأة سافرة أجمل بكثير من صورة امرأة تحجبت ثم سفرت فتريثي حتى لا تشوهي جمالية الصورة.

مقالات ذات صلة