جواهر
لأن التبذير ظاهرة جزائرية بامتياز

نساء يرفعن شعار.. “البركة في القليل”!

أماني أريس
  • 1833
  • 18
ح.م

لا شيء يملأ عين الصائم الناقم على جوع بطنه وعطشه، سوى سفرة مكتظة إلى حوافها، نوعين فما يفوق من الخبز، وثلاثة أطباق على الأقل، ومثلها في السّلطات والمشروبات والفواكه، وكذا الحلويات.. والنتيجة مآدب سخية تجتمع عليها القطط والحشرات أمام البيوت وحاويات القمامة.

التبذير ظاهرة جزائرية بامتياز

ولعل الجزائر هي الدولة الوحيدة في العالم؛ التي تنتج فيها المخابز خلال شهر رمضان ما يفوق نصف عدد سكانها من الخبز يستنفذ على آخره، لينتهي نصفه في حاويات القمامة، وحسب ما أفادت به بعض المصادر أن الجزائريين يرمون ما يصل إلى 12 مليون خبزة يوميا، من جهتها كشفت الفدرالية الجزائرية للمستهلكين أن نسبة تبذير الخضر والفواكه تصل إلى حوالي 25 بالمئة خلال شهر رمضان، داعية إلى ضرورة ترشيد الاستهلاك بجميع أنواعه سواء في الغذاء أو الكهرباء والغاز والماء.

حملات توعية

وبعدما وصل صداها إلى خارج حدود الوطن وأصبح الشعب الجزائري مضربا للأمثال في التبذير؛ تجنّد عدد من الناشطين عبر مواقع التواصل الاجتماعي لتنظيم حملات توعوية بالتعاون مع جمعيات المجتمع المدني وأئمة المساجد والدعاة للحدّ من الظاهرة، وفي هذا الصدد يقول عبد الرحمان عضو بجمعية ناس الخير فرع بسكرة عبر صفحته في الفايس بوك: ” شهر الخير لا يعني شهر التبذير.. النظام العام في مجتمعنا يبدأ من بيوتنا، إن كنا لا نعي حتى بمقدار ما يكفي بطوننا من طعام، فلا حق لنا في المطالبة بحقوق أخرى، لأننا ببساطة لا يمكن أن نعي مقدار ما نحتاج من حريّة ولا الحدّ الفاصل بين ما لنا وما ليس لنا”
هذا ورفع رواد الصفحة هاشتاج “لا للتبذير في شهر رمضان” لنشره على أوسع نطاق.

البركة في القليل

بذور الحملة التوعوية لترشيد الاستهلاك خلال الشهر الفضيل، أثمرت في عقول عدد من النساء اللائي رفعن شعار “البركة في القليل” في إشارة إلى تحدّي شهوة البطن وجشع العين بوصفات وكميات توفر عليهن الكثير من الجهد والمال، وفي هذا الصدد حضّرت المرشدة الاجتماعية “أم أنس” أفراد عائلتها نفسيا لتقبل التغيير الذي خططت لتطبيقه خلال هذا العام، والمتمثل في مائدة إفطار على هدي السنة النبوية الشريفة خلافا لما اعتادوا عليه من تنويع وتعديد في الأطباق، كما دعت غيرها من النساء عبر صفحتها على الفايس بوك إلى حسن استضافة شهر رمضان باحترام غاياته وآدابه على رأسها جهاد النفس وتعويدها على القناعة والصبر والتخلص من عادة التبذير وتقول: “خلافا للسنوات الماضية التي كنت أحضر فيها ما يزيد عن طبقين يوميا وأضطر إلى رمي ما تبقى في الصحون، قرّرت هذه السنة العودة إلى مائدة سيد الخلق، لأقتدي بقناعته وأعلّمها لأبنائي” وتوضح أم أنس أنّ إفطارهم لهذه السنة لن يزيد عن التمر واللبن وشوربة الفريك مع الخبز والسلطة”
وبنصف ميزانية شهر رمضان للسنة الماضية، اشترت أم سيف مستلزمات شهر رمضان لهذا العام، متجاوزة الخطأ الذي ارتكبته سابقا لقلة خبرتها وتقول السيدة: “في رمضان العام الماضي ارتكبت الكثير من الأخطاء، وكنت أشتري وأطبخ كميات زائدة عن الحاجة غالبا ما يكون مصيرها القمامة، لأنني لم أعتد على تحمل المسؤولية وحدي، حيث كنت أعيش مع العائلة، أما هذا العام فقد اكتسبت خبرة وقررت تخفيض الميزانية إلى النصف كما أنني قرّرت أن أطبخ يوما بيوم، ليس لأجل راحتي ولكن لأتجنب رمي أي طعام بما في ذلك الخبز الذي أعدّه في بيتي”.

كلما زادت اللهفة زاد السعر

المعروف أن الأسعار تخضع لقانون العرض والطلب، فكلما زاد الطلب يرتفع السعر والعكس صحيح، وهي نقطة القوة التي يرتكز عليها التجار الجشعون مستغلين غياب الرقابة، ليلهبوا الأسعار أكثر من حدود المعقول، لكن نسبة إقبال الناس ومدى لهفتهم على شرائها هي من تحدد عمر تلك الزيادات، ويقول السيد رشيد صاحب محل لبيع الخضر والفواكه أنه يضطر مثل غيره من التجار إلى رفع أسعار سلعه بفترة تسبق شهر رمضان، لكنّه يضطر إلى خفضها إذا لا حظ أن الإقبال عليها أقل مما توقّع. مستشهدا بسعر التمر الذي ارتفع بنسبة عشرة بالمئة بحوالي أسبوعين قبل شهر رمضان، لكنه اضطر إلى خفضه بعدما وجد إقبالا ضعيفا عليه عكس ما كان يتوقع.

مقالات ذات صلة