جواهر
مع أول خيوط الفجر وبمنتهى الفخر:

نساء يزاحمن الرجال في المقاهي!

الشروق أونلاين
  • 14985
  • 40
ح.م
صورة تعبيرية

انتشرت في الآونة الأخيرة ظاهرة لم تكن موجودة من قبل.. ظاهرة استفحلت بشدة لوجود من يشجعها ويراها عادية في مجتمع بدأ ينسلخ عن عاداته وتقاليده ويتبع الغرب في كل تصرفاته.. ظاهرة ينظر إليها الكثير من المحافظين بعيون الاستهجان ولكن لا يوجد من يمكنه المعارضة لأنه حتما سيسمع ما لا يرضيه كونه يتدخل في ما لا يعنيه!

موضوع نقاشنا اليوم سيكون حول فتيات المقاهي، أو تلك الفئة من النساء اللواتي لا يجدن حرجا في مزاحمة الرجال، في أماكن كانت من سنوات حكرا عليهم، ويدخلن بفخر لشراء الحاجيات أو للدردشة بالساعات، خاصة مع أول خيوط الفجر، وكأنهن حسب تعبير البعض لا يملكن بيوتا يتناولن فيها فطور الصباح، أو لكأن الأماكن المريحة انعدمت حتى استبدلنها بأوكار يرتادها كل أصناف البشر ولا تكاد تخلو من رائحة “الشمة” ودخان السجائر!

هي حرية شخصية

شاناز، 20 سنة، طالبة جامعية تقول: “في كل صباح أدخل لمقهى قريب من الجامعة كي أشتري القهوة وبعض الحلوى، ولا أجد حرجا أبدا لأن المقاهي ملك للجميع ولا توجد أي لافتة تسمح للرجال بالدخول وتمنع النساء.. أنا مقيمة بحي جامعي ولدي ضغوط كثيرة تمنعني من الطبخ أو الدخول في طابور طويل، لذلك أشتري قهوتي من المقهى، ولا يهمني رأي أحد لأني حرة في تصرفاتي.”

رحاب، 35 سنة، موظفة تقول: “لا يمكنني أن أبدأ يومي أبدا دون تناول فنجان قهوة مركز ومن يراني وقحة فليذهب للجحيم لأني لا أفعل الحرام بل أقتني احتياجاتي..”

سهيلة، 27 سنة، موظفة تقول: “مع طبيعة عملي التي تسببت لي في ضغوط لا يعلمها إلا الله، ومع أطفالي الصغار الذين أستيقظ على الخامسة صباحا لتجهيزهم لا أجد وقتا لاحتساء كوب قهوة أو شاي، لذلك أضطر لدخول المقهى فهو الوحيد الذي يوفر هذه الخدمة في الصباح الباكر، ومع أني ألمح نظرات الاستهجان والاستغراب إلا أني لا أكترث بأحد لأن همومي تكفيني.”

هذا رأي الرجال؟

لأن دخول العنصر النسوي إلى المقاهي يغيضهم ويزعجهم، ارتأينا أن نأخذ رأيهم في الموضوع، فكانت ردودهم على اختلاف مستوياتهم تقريبا متشابهة..

فوزي، 25 سنة، طالب جامعي يقول: “الأمر مثير للسخرية حقا والمرأة تهين نفسها بدخولها وهي في كامل زينتها وأناقتها لمقهى شعبي يرتاده الصالحون والطالحون وحتى أراذل القوم و”الحثالة”.. أنا أرى المرأة ملكة وفي اعتقادي الملكات لا يدخلن إلى المقاهي لأنها لا تليق بمستواهن الراقي.”

سمير. 37 سنة، مهندس دولة في الإعلام الآلي يقول: “لو تعلم المرأة أي صنف من الرجال يوجد في المقاهي لما تجرأت ودخلت.. ولو تعلم ماذا يقولون عنها لفضلت الموت على شرب القهوة هناك أو حتى مجرد الشراء والانصراف.. إنها تهين نفسها أيما إهانة بولوج دائرة الشواذ والمنحرفين..”

رابح، 48 سنة، صاحب مقهى يقول: “أستقبل يوميا العنصر النسوي في مقهاي وعلى الرغم من الاحترام المفروض إلا أني ضد دخول المرأة في وسط يعج بالرجال، لأن أكثرهم احتراما ينظر إليها بابتذال ويراها وقحة وقليلة أدب فما بالك بأكثرهم انحطاطا؟؟؟”.

أسماء بن قادة هي من فتحت أعين النساء على المقاهي!

بعيدا عن التأييد والمعارضة، يقول مراد بنبرة كلها ثقة واستهزاء، أن أسماء بن قادة هي المسؤولة عن الترويج للفكرة، فهي التي فتحت أعين النساء حسبه على المقاهي، ولعلنا جميعا نذكر ما سببته تصريحاتها من ضجة وما قالته النساء تعقيبا على الموضوع..

ويؤيده سفيان بالقول: “ما تفعله امرأة العصر، ليس إلا نزعة تحرر طالبت بها نائب جبهة التحرير، طليقة الشيخ القرضاوي أسماء بن قادة، والتي أعلنتها صراحة أمام ملايين الخلق وقد أثمر نداؤها بأن صارت النساء يرتدن المقاهي بمنتهى الوقاحة.”

للتذكير كانت السيدة أسماء بن قادة قد أقرت في مارس 2015 من خلال ظهورها عبر إحدى القنوات التلفزيونية بأحقية ارتياد النساء الجزائريات للمقاهي الشعبية كونها ليست حكرا على الرجال وإنما أماكن عامة.

هذا وقالت بن قادة أن العادات والتقاليد الجزائرية هي من يجعل من المرأة مقيدة، على عكس الدين الإسلامي الذي حررها، فيكفي أن نستحضر ـ حسبها ـ أن زوجة النبي صلى الله عليه وسلم، خديجة كانت تاجرة لندرك أن للمرأة الحق في الدخول إلى المقاهي الشعبية!

وأضافت نائب حزب جبهة التحرير، أن المقاهي هي أماكن للراحة والاسترخاء وتبادل الأفكار مع الصديقات وليست حكرا على العنصر الذكوري.”

الأخصائية الاجتماعية فاطمة الزهراء والي:

مجتمعنا يعيش انغلاقا فكريا والمقاهي أماكن عمومية

ترى الأخصائية الاجتماعية فاطمة الزهراء والي أن ارتياد النساء للمقاهي ليس عيبا في حد ذاته لأنها أماكن عمومية من المفروض أن يقصدها الجميع من الجنسين، لكن ولأن مجتمعنا يعيش انغلاقا فكريا فقد صنفت في خانة المحرمات..

هذا وتشير إلى طبيعة المقاهي عندنا التي من المفروض أنها تتنافى وطبيعة المرأة الراقية، لأنها حسبها تجمع أصنافا غير مرغوبين من البشر، معظمهم مدمنون على السجائر والمخدرات ولعب “الدومينو”..

وعن تنامي الظاهرة في مجتمعنا المحافظ الذي لايزال يرفض مثل هاته التصرفات تقول السيدة والي أن المرأة الجزائرية تمردت على العادات والتقاليد وحطمت قيود الحديد وهدفها الوصول إلى المساواة الكاملة مع الرجل وتحقيق ما تريد..

الحل في تعميم المقاهي النسوية

اللغط كبير والجدال عقيم حسب السيد عبد الرحمان الذي يقول أنه علينا التفكير في حلول بناءة بدل نعت المرأة بأقبح الأوصاف وتجريم الرجل وإدانة المجتمع، فتعميم المقاهي النسوية التي تليق بمقام المرأة الراقي هو أفضل ما يمكن العمل عليه حسبما أشار إليه..

وتعلق السيدة وردة على هذه النقطة تحديدا بالقول: “افتتح منذ سنوات مقهى للسيدات فقط في مدينة الجلفة على ما أذكر وهي فكرة رائعة ينبغي تعميمها في كامل التراب الوطني من أجل إعطاء خصوصية للمرأة وجعلها تدخل للمقهى وهي مرتاحة.”

هذا وتشير لامية إلى ضرورة العمل على تجسيد مشروع المقهى النسوي في كل بلدية او حي كي يتسنى للنساء قضاء حوائجهن بعيدا عن تطفل الرجال ونظراتهم المحتقرة.

مقالات ذات صلة