جواهر
وجهات نظر

نصف امرأة!

نادية شريف
  • 2288
  • 5
ح.م

بعد 10 سنوات من الزواج، عاشتها وهي تختزن الألم وتخفي القهر، كتبت أسماء: “الله وحده يعلم كم وصفة لتنشيط المبايض جربت، وكم اختبار حمل اشتريت، وكم دمعة ذرفت.. الله وحده يعلم كيف مرت عليّ الأشهر التي كنت أحصيها بالدقيقة والثانية، بدء من أول يوم لنزول الدورة وصولا إلى ميعادها المرتقب”..

تقول بلوعة المشتاق لعناق حلم طال انتظاره، أنها صارت تخجل من الصيدلي الذي حفظ مبتغاها ومرادها من فرط زياراتها المتكررة له ـ تقريبا 5 مرات في الشهرـ  وأنها كانت تموت في اليوم ألف مرة حينما تظهر النتيجة سلبية، لأنها كانت تأمل فقط أن ترى الخط الثاني ولو خطأ، والمهم أن يدق قلبها للخبر السعيد لتكتشف معنى أن تكون حاملا ولكن!!!

مع كل تأخر للدورة، كانت أسماء تسافر بخيالاتها إلى عالم الأمومة المشبع بالحب والحنان، وكانت تتلمس بطنها في الحمام وتتابع تدفق الماء مستمتعة بتدحرجه على استدارة بطنها، بعد نفخه طبعا، وتمثيل دور الحبلى بكل براعة لتصحو من حلمها الجميل وقد سالت الدموع الحرّى لتحرق وجنتيها الآملتين في قبلة براءة تمحو تعب السنين الباهت لونها.

هي ترفض أن تكون نصف امرأة كما اعترفت بعدما تجردت من كبريائها، وغاية مناها أن تتحسس وجود بذرة في رحمها، تكبر شيئا فشيئا لتتحول إلى جنين يشبه زوجها، حبيب قلبها.. جنين يوقظ مشاعرها المتبلدة برفسة، ويحرّك أحشاءها بلمسة، ويتغذى من حبلها السري حبا اختزنته طيلة 3650 يوما أو يزيد!!!

كلمات أسماء المرفقة بالتنهيدات والتأوهات أسالت دموع الكثيرات وجعلتهن يواسينها بأرقى العبارات، ويطلبن منها لزوم الاستغفار وتجريب المزيد من الوصفات، لترد عليهم بعدما نفذ مخزون صبرها أنها ترفض أن تكون نصف امرأة لذلك ستبذل ما بوسعها لتحقيق حلمها، وإن لم تستطع الوصول إليه فالموت أرحم لها من حياة خالية من نكهة البراءة!!

وسط زحمة المشاعر والأفكار، وأمام ما قيل وما يقال رحت أتساءل في عجب: هل من خلقها الله عقيما تعتبر نصف امرأة؟ ألم يحرمها لحكمة ومنح غيرها لحكمة؟ أطلعت على قلوب الكثيرين ورأت مقدار ألمهم لحرمانهم من أشياء أخرى؟ ألا ينبغي لها الحمد على كل حال لعل في رضاها نافذة أمل لفرحة كبرى؟؟؟

المال والبنون زينة الحياة الدنيا فعلا ومن يقول غير هذا يكذب قطعا لكن فلتبصر تلك التي حرمها الله ما تكابده بعض الأمهات ممن ابتلين بذرية فاسدة؟ فلترى حال من لديها أطفال معاقين أو مشوهين؟ فلتتأمل مصير من فقدوا أمهاتهم فجاءت زوجة الأب لتقهرهم؟ أليست كل هذه أحوال تستحق الرثاء كحالها أو أكثر؟؟

مقالات ذات صلة