نوفمبر انتهى في أكتوبر؟

تحضر الذكرى 61 للثورة التحريرية المباركة، ونحن في “أسوأ أحسن” الأحوال! نتعارك لأجل لقمة العيش، ونتعارك بقوة لكي نبقي على استقرار البلاد، ونتقاتل من أجل النهب والبقاء في السلطة أو طلبها عنوة! ونتفاوض لكي نعيد للغة العربية مكانتها ونوّفق بينها وبين”الضرة”! صراعات على المصالح والمناصب وفساد في الممارسات السياسية والإدارية والأخلاقية. خزينة تفرغ وغلاء “يفرع” ودينار يركع وبطن لا يشبع وقلب لا يخشع!

نمت، لأجد نفسي في السبعين، أعيش على الكفاف بإحدى مدن الجنوب التي قاومت الاستعمار منذ الشيخ “أمود“! جاهدت ضد الاستعمار في الجنوب وكنت رفيقا للرئيس في مالي، تفرغت من أول يوم في الاستقلال للفلاحة وتربية الإبل والأغنام وأنجبت 25  حفيدا، لم أتقدم بأي مطلب ولم أقبل أي منصب، وبقيت معتزلا إلى هذا اليوم الذي وصلتني فيه دعوة أخوية يطلب مني الرئيس أن أشرفه بالحضور في عيد الثورة وأحضر حفل غذاء بالمناسبة، قبلت الدعوة، واستقبلني الرئيس حفظه الله! فهو يعرفني منذ أن جرحت وتكسرت أسناني الأمامية! كان يضحك من كلامي ونطق حرف الجيم زايا والشين سينا! خاصة لما أقول له: “تحيا الززائر زمهورية سعبية!”.

حضرت الحفل بلباسي البدوي وكنت صائما، ورحت أمر على طاولات الوزراء بخيزرانتي وأنا أدخل عصاي في أطباق المشوي واللحوم على كل الأنواع مشيرا إليها: تاكلوا ادزاز نتاع دزاير؟ آآه..المسوي؟ الحوت؟ البنان؟ الستيك؟ الفرماج؟ الكافيار؟ بصحاتكم! كولو كولوا!

ثم أمر على طاولة سفير فرنسا: “هذا أنت راك هنا؟ بصحتك! كول آصاحبي كووول!! وكلنا عليكم الله!”، ثم أسلم على رفاق السلاح: “سبعتوا؟ زيدوا كولوا! أنتم ما نتاع الريزيم! كولو!”، ثم طاولات لا أعرف منهم أحدا سوى بطونهم الضخمة: ما سبعتوس؟ نزيدولكم كبس؟ ما تخرزوس الزكاة؟ آآه! باينة! تاكلوا الدزاز آآه! تزيدو؟ كولوا الطابلة..كولوا الطباسة! كولوني حتى أنا! بصح هذا العصا نتاع موسى، ياكلكم ڤاع!

وأفيق بعدما تبين لي أني نمت قبيل المغرب جائعا والوقت الآن فجر!