الجزائر
"الشروق" ترافق أعوان التجارة تحت شعار"الخبز نعمة حرام يترمى"

هؤلاء أكبر المبذرين للخبز وتبادل التهم بين الخبازين والمواطنين

كريمة خلاص
  • 5524
  • 21
ح.م

بلغت ظاهرة تبذير الخبز ورميه في القمامات مستويات غير أخلاقية تنعكس سلبا على الاقتصاد والبيئة وتتنافى مع تعاليم الدين الإسلامي الذي يساوي بين المبذرين والشياطين. وتقود في هذا الإطار وزارة التجارة منذ بداية السنة حملة وطنية شاملة لمكافحة تبذير هذه المادة الأساسية المدعمة والتحسيس بأهمية استهلاكها في حدود المعقول.

“الشروق” رافقت أعوان التجارة لولاية الجزائر في حملتهم التوعوية التي شارك فيها المدير الولائي بن حلة عبد الله ووقفت معهم على آراء المستهلكين والخبازين فيما آلت إليه مادة الخبز…

حملة التحسيس متواصلة طوال السنة

أكّد مدير التجارة لولاية الجزائر عبد الله بن حلة في تصريح للشروق أنّ الحملة التي باشرتها مديريته للتحسيس والتوعية بعدم تبذير الخبز مسّت المواطن البسيط والمتعاملين والمهنيين الخبازين، موضحا أن البرنامج المسطر في هذا المجال سيشمل التحسيس على مدار السنة بحيث يشمل كل المقاطعات الإدارية على التوالي وذلك بتخصيص أسبوع تحسيسي لكل مقاطعة.

وتحتضن المساحة العمومية المجاورة للثانوية الرياضية بدرارية خيمة عملاقة تشارك فيها مديرية التجارة ومؤسسة النظافة “إكسترانات” وكذا جمعية حماية المستهلك، قصد غرس سلوكات استهلاكية جيدة كما عرفت “انخراطا كبيرا” من طرف أصحاب المخابز.

وحسب بن حلة فإن، العملية التي ستتواصل إلى غاية ديسمبر 2020 عرفت تجاوبا واستحسانا من قبل المواطنين وترمي إلى الحفاظ على صحة المواطن بالدرجة الأولى وغرس سلوكات استهلاكية جيدة كما عرفت “انخراطا كبيرا” من طرف أصحاب المخابز.

وقال المتحدث “الوضع اليوم مرّ وقاسي جدا لأن فاتورة الاستيراد باهظة وكمية الخبز التي يتم تبذيرها ضخمة، لهذا يجب أن يمشي الجميع في سكة واحدة.. مواطنون ومهنيون”.

المطاعم الجماعية أكثر المبذرين لمادة الخبز

أجمع المشاركون في الحملة التحسيسية من جمعية حماية المستهلك وأعوان الرقابة التجارية وحتى بعض المواطنين أنّ المطاعم الجماعية هي أكثر حلقة تشارك في تبذير مادة الخبز بشكل رهيب جدا، وعليه ركزت الأنشطة التوعوية على المدارس والروضات ومراكز التكوين المهني وبعض محلات الإطعام التي تعرف استقطابا كبيرا للزبائن سواء من خلال النشاطات التربوية والثقافية في الساحات العمومية والقاعات المغلقة أو من خلال التوعية المباشرة بالتنقل إلى تلك المؤسسات والحديث إلى القائمين عليها والمتواجدين فيها.

وقال بن حلة في هذا السياق إن “كميات ضخمة من مادة الخبز تفرزها يوميا مختلف المطاعم الجماعية سواء الاقامات الجامعية والمستشفيات والمدارس ورياض الأطفال وهو سلوك غير عقلاني يستدعي غرس ثقافة عدم التبذير لدى الأطفال وكذا مختلف فئات المجتمع نظرا لنتائجها السلبية على الاقتصاد الوطني”.

300 مليون خبزة ترمى شهريا

يستهلك الجزائريون على المستوى الوطني ما يقارب 1500 مليون خبزة شهريا، بحسب أرقام قدمتها وزارة التجارة يرمى منها 300 مليون خبزة.. أرقام مهولة وصادمة، خاصة إذا ما قدرنا تأثيراتها الاقتصادية على الخزينة العمومية، كما أنها سلوكات شنيعة بحق “نعمة ربي” كما يقال بالعامية.

وبولاية الجزائر تسترجع مؤسسة النظافة “اكسترانات” على مستوى 31 بلدية تغطيها بالعاصمة سنويا ما يفوق 100 طن من مادة الخبز، تضاف هذه الكمية إلى كمية أخرى تناهز 110 طن تجمعها مؤسسة “نات كوم” على مستوى 26 بلدية.

وعليه فإن الحملة الوطنية التي اتخذت شعار “الخبز نعمة حرام يترمى” تسعى لتصحيح مسار استهلاك هذه المادة الحيوية التي كانت لها مكانة خاصة في المجتمع الجزائري الذي يقبل أفراده قطعة الخبز التي قد تسقط منهم قبل أن يضعوها في جانب معين ليأكلها الطير أو الحيوان.

مواطنون: نوعية الخبز تدفعنا للتبذير

يتراشق المواطنون التهم للنأي بأنفسهم عن تحمل مسؤولية تبذير الخبز، فتجدهم ينتقدون نوعية الخبز التي لا تصلح بعد ساعات من طهيه لذا يجددون شراءه في المساء في غياب تخطيط لعملية الشراء على المستوى الأسري بما يتوافق والاحتياجات الحقيقية.

ورغم مطالب بعض المختصين والأطباء في تعويض الخبز الأبيض بالأسمر ورفع سهره لعقلنة استهلاكه إلا أن السلطات الرسمية في البلاد ترفض أي زيادة في تسعيرة هذه المادة وهو ما يرهن مختلف الجهود إذا لم ترفق بإرادة سياسية حقة.

وتتوفر ولاية الجزائر بحسب مديرها بن حلة على 100 مخبزة تقليدية تنتج خبزا أصيلا له فوائد صحية عالية يطرح كبديل للخبز الأبيض.

خبازون: نحن وسطاء فقط ولا يحق لنا تحديد كمية البيع

نفى الخبازون أي دخل لهم في عملية تبذير الخبز مؤكدين أنهم ينشطون وفق احتياجات المنطقة المتواجدين فيها وأنهم مجرد وسطاء يلبّون احتياجات زبائنهم، لا يمكنهم تحديدها.

وأجمع هؤلاء أنهم يستنفدون مختلف الكميات التي يعدونها وذلك بناء على تقديرات تستند إلى الإقبال اليومي للزبائن.

وأضاف من تحدثنا إليهم أن عادات الجزائري في الشراء تغيرت ولم تعد مقتصرة على رب البيت فقط الجميع يشتري الأم والأطفال والأب، لذا يتفاجؤون بكميات هائلة في المساء، ناهيك عن سوء تقدير احتياجات المطاعم الجماعية ما يجعلها تواجه فائضا في الكمية بشكل يومي، أحيانا يعاد للمخبزة لإعادة استغلاله وأحيانا يرمى في المزابل.

بن حلة: بيع الخبز في محلات المواد الغذائية ممكن برخصة

كشف عبد الله بن حلّة مدير التجارة لولاية الجزائر أن عملية بيع الخبز في محلات المواد الغذائية مسموحة لكن بشروط وضوابط، وتخضع لرخصة مسبقة من قبل مديرية التجارة الولائية.

وقال بن حلة، ردا على سؤال الشروق، إنه “يمكن بيع الخبز في المحلات في حال عدم وجود مخبزة بالقرب من الحي، محددا المسافة بأكثر من 500 متر وهذا كي لا يعاقب المواطن وتسهل له عملية اقتناء حاجياته”.

وتخضع الرخصة حسب المصدر ذاته إلى “معاينة من أعواننا للمكان والظروف العامة لبيع هذه المادة من حيث وجود الحاويات لضمان الحفظ الجيد وتجنب التنافس غير الشرعي”.

مقالات ذات صلة