الرأي

هذا ما قاله الإمام ابن باديس عن جد الوزيرة بن غبريط

محمد الهادي الحسني
  • 196292
  • 482

من مبادئ ديننا أنه “لا تزر وازرة وزر أخرى”، وأنه “ليس للإنسان إلا ما سعى”، والأمر من قبل ومن بعد إلى الله، يُعذب من يشاء ويغفر لمن يشاء.

لقد سبق لي أن كتبتُ في جريدة الشروق(28  / 04 / 2010) مقالا عنوانهالجنرال ابن غبريط، أوردت فيه حقائق لا تُشرفه، وما أعادني إلى الكتابة عنه، إلا ما جاء على لسان حفيدته نورية ابن غبريط في حوارها الذي نشرته جريدة الشروق في 29 ماي 2014، حيث ردت على منتقديها بأنهاحفيدة ابن غبريط، وقالت عنه إنهمُؤسس ومنشئ مسجد باريس، ووصفته بأنهكان رجلا عظيما“.

لقد استوقفني هذا الكلام وذكرني بقول شاعر أندلسي:

ما كلُ ما قيلَ كما قِيلا                   فقد مارس الناسُ الأبَاطِيلا

ومن هذه الأباطيل أن ابن غبريط أسس مسجد باريس، والحقيقة هي أن فرنسا ـ العدوة الأبدية والأزلية للإسلام والمسلمين الحقيقيين ـ هي التي أسست على غير تقوى ذلكالمسجدباقتراح من أحد طغاتها، الجنرالليوتيذو الجرائم الكثيرة في منطقة عين الصفراء، ومحتل المغرب الأقصى، وما بَنَتْ فرنسا ذلكالمسجدإلا لتُضلل المسلمين، وتُبيِض به وجهها الأسوَد، وأما المال الذي بُنيَ به فقد جُمِع أكثره من الجزائريين، وكم حدثنا الشيخ عباس ابن الحسين عما كان يسمىغرامة ابن غبريط“.

وأما وصفها لجدها بالعظمة فإن العارفين بحقائق التاريخ لا يُقرون لها بذاك. ومع ذلك فإننا نقول إن كانتنوريةتريد بعظمة جدها عظمة علمية فما قرأنا له لفظا مفيدا ـ فضلا عن جملة ـ يدل على شبه عظمة، بل الذي قرأناه هو ما كتبه الإمام ابن باديس عندما قارن بين المستشرق الفرنسيبيرشيذي اللغة العربية الفصيحة والكلام البليغ، والأداء المتقن وبينابن غبريطالذي ألقى كلمة بعد ذلك المستشرق، قال ابن باديس:”وقام على إثرهابن غبريطفألقى خطابا كأنما أراد مدير المذياع أن يُريَنا به بعد خطاببيرشيالتباين بين الضدين المتعاقبَيْن، وأسمح لنفسي أن أفسر كلام إمامنا ابن باديس بالقول إن كلامقدورلا يفوقه سوءا إلا كلامنورية، لأنه ليس معقولا أبدا، أبدا، أبدا، أبداأن تعيش نورية معنا نصف قرن وتكونلغتهابهذه الرداءة مبنى ومعنى.

ويُضيف ابن باديس معلقا على عمل لابن غبريط فقال: “وعلى ذكر ابن غبريط فإنني لا أنسى له ذلك الإمام الذي اختاره ـ بموافقة الإدارة ـ من إحدى مدن الجزائر الساحلية ونصبه إماما بجامع باريس، فكان فضيحة للجزائر، وسُبة مُعلنة في كل جمعة من فوق المنبر أمام أصناف الأمم الإسلامية“. (جريدة البصائر عدد 144. في 16/12/ 1938ـ ص1) ولو كان حظ ابن غبريط من العلم معقولا لوجد في الجزائريين أئمة أفضل من ذلك الشخص ولو كانوا منأحباب فرنساكما كانوا يُسمون أنفسهم، وخدام فرنساكما كانت تسميهم.

وأما إن كانتنوريةتريد العظمة الوطنية فلتسمح لنا بالإحالة إلى مراجع تُثبت عكس ذلك، ومنها كتابفرنسا ومسلموهاللباحثصادق سلاّم، والجزء الثاني من مذكراتشاهد القرنلابن نبي، ووحي الرسالة” (ج4 ـ ص 168) للزيّات، وكتابعلى خطى المسلمينلسعد الله ( ص 66 ـ 135).

وإذا كانت ابن غبريط قالت بأن مُنتقديها لا يُعقدونها فإننا نقول لها بأنهاما تخلعناشبما سمتهالكفاءةالتي على أساسها اختارها من اختارها لهذا المنصب الذي تحتله.

مقالات ذات صلة