منوعات
برصيد 17 عاما من الثورة المسلحة و 22 عاما من النضال السياسي

هذا هو الشخص الذي اقتحم بريد وهران رفقة سويداني بوجمعة

الشروق أونلاين
  • 4063
  • 8
ح.م
اعمر حداد

صدر مؤخرا عن دار النشر “منشورات بغدادي” كتاب للكاتب الصحفي، حكيم مسعودي، يتتبع فيه المسيرة الثورية لأحد “رجالات الظل” اعمر حداد (1921-1988) المعروف بـ bleus  z-yeux، وأبرز محطاته النضالية في الحركة الوطنية وثورة التحرير وحتى غداة الاستقلال، برصيد 17 عاما من الثورة المسلحة و22 عاما من النضال السياسي.

ويسلط الكتاب الضوء على التنشئة المتواضعة لأعمر حداد في ظل ظروف عصيبة، ويسرد كيف أن هذا المزارع البسيط ابن قرية تالة مقر بالقبائل السفلى لم يحظ بفرصة لمواصلة تعليمه مثلما لم يحظ أيضا بفرصة التكوين النظامي في النوادي والجمعيات والأحزاب التي بقيت حبيسة الحواضر، لكنه في المقابل برز كمصارع بارع بين اقرانه في الناحية حيث كان يشارك بصفة دائمة في المنافسات التي تنظم في الأسواق وعلى هامش الأعراس بالناحية، وكان متفوقا وملفتا للانتباه مما سلط عليه الأضواء، وفي هذه المنافسات التقى بكل من عمر اوصديق محمد السعيد معزوزي وعمر بوداود الذي جنده في حزب الشعب الجزائري في حدود 1942/1943، تحت قيادة محمد زروالي.

فكانت البداية النضالية لـ”زيوبلو” بتجنيد ابناء دواره سيدي نعمان، ثم من دوار ماكودة بعدما تولى في فترة من الفترات استخلاف محمد السعيد معزوزي، وظل ينشط إلى غاية أحداث ماي 1945 وما أعقبها من قرار صادر عن قيادة حزب الشعب لتفجير ثورة في 23 ماي 1945، حيث كان ضمن قيادة الأفواج التي كانت ستنفذ الهجومات في منطقة القبائل السفلى قبل أن يصل الأمر المضاد الذي ألغى أغلب العمليات، غير ان بعض المجموعات لم يصل إليها الأمر المضاد في الوقت المحدد فكانت التصادمات، وشرعت السلطات الاستعمارية باستنفار الشرطة والاستعلامات وتجنيد المعمرين والمليشيات المتعاونة معها لفرض حصار على المنطقة التي شهت حملة اعتقالات واسعة وسط المناضلين، وقامت بعمليات تمشيط واسعة استمرت قرابة الشهر، لم تصل خلالها إلى اعمر حداد.

بعد مدة قصيرة، قرر قادة ناحية القبائل السفلى تنفيذ عملية ضد الباشاغا آيت علي وجرت المحاولة شهر سبتمبر 1945، حيث كانت المجموعة مشكلة من مناضلين بارزين يتقدمهم اعمر حداد، محمد قريدي، رابح لورقيوي ومحمد السعيد معزوزي الذي القي عليه القبض ولم يطلق سراحه إلى غاية الاستقلال، وتمت الوشاية بأعضاء المجموعة فدخلوا حياة السرية وأضحى حداد مطلوبا لدى السلطات الاستعمارية للإعدام.

بعدها لجأ اعمر خداد إلى العاصمة وتحديد إلى القصبة، ولم يلبث أن تشكلت المنظمة الخاصة في 1947 فكان من العناصر الأولى التي تم اختيارها، وشهدت فترة مكوثه بالعاصمة عدة أحداث ومواجهات مع الشرطة، إلى غاية تحويله عام 1948 إلى صبرا بنواحي تلمسان بعد تلقيه إنذارا باكتشافه من قبل السلطات الاستعمارية.

وهو في تلمسان (آيت احمد كان قد كلف بن بلة لنقله إلى هناك )، جاءه اتصال من قبل آيت احمد للمشاركة في عملية سيقوم بها فريق “كومندوس” على بريد وهران، وقد وقع الاختيار على “زيوبلو” للقيام بالعملية بعد اعتذار احد المناضلين وطلبه الانسحاب لأسباب عائلية، فما كان من حداد الذي مل الفراغ إلا الموافقة بحماس كبير بمجرد أن اقترح عليه ذلك.

واستعان آيت احمد باعمر حداد الذي تكفل بالسيطرة على الطبيب الذي ستنتزع منه السيارة وتقييده بحكم تمرسه في المصارعة وقدرته على “تكتيف” الأجسام ، وبعدها طلب اعمر حداد من آيت احمد أصر عليه المغادرة حتى ما إذا تم اكتشافهم لا يتعرض التنظيم الى الخطر كونه مسؤوله الأول، فما كان لزعيم التنظيم إلا الانسحاب من المكان ليفسح المجال أمام الكومندوس لتنفيذ العملية التي كانت يوم 5 أفريل 1949، وكان الفريق مكون من اعمر حداد، سويداني بوجمعة، رابح لورقيوي، بوشعيب والسائق محمد خيضر (من دلس وليس النائب محمد خيضر من بسكرة)، وكان اعمر حداد وسويداني هما من اقتحما البريد ومعهما مسدسين نمساويين 43.11 وقام بتغطيتهما رابح لورقيوي وبوشعيب، ويذكر اعمر حداد تواجد شخص سادس من عين تيموشنت لم يذكر اسمه، لتتم العملية بنجاح وتستولي المنظمة على مبلغ 3,177000 فرنك فرنسي قديم .

وشهد اعمر حداد الذي تقاطع مساره مع قضايا شائكة في الحركة الوطنية أحداث الأزمة البربرية ثم قضية اختراق المنظمة الخاصة وحلها.

وفي عام 1953 يسافر إلى فرنسا وهناك يلتقي علي هارون بـ اعمر حداد، وهولا يعرف انه نفسه “زيوبلو” المنفذ الشهير لعملية بريد وهران والمطلوب للإعدام، فيمكث رفقة بوداود هناك 6 أشهر قبل ان يرحله الحزب (حركة انتصار الحريات الديمقراطية) رفقة محمد خيضر إلى القاهرة، وبمجرد وصوله اشتغل بمصلحة تنقلات المناضلين، إلى غاية مؤتمر الصومام حيث عينه العقيد اعمران مكلفا باللوجستيك والتسليح واشتغل في هذا المجال إلى غاية الاستقلال، قام خلالها بعدة صفقات وعمليات مستعينا بجوازات سفر مزورة وهويات مزورة.

بعد الاستقلال انضم حداد إلى صف بن بلة ويتولى قيادة ميليشياته الشعبية ضد الأفافاس في 1963 بعدما فشلت جهوده للوساطة وتهدئة الأوضاع، رفض الانقلاب على بن بلة وكذا العروض التي وصلته من بومدين لتولي مناصب عليا، إلى أن توفي في سبتمبر 1988.

مقالات ذات صلة