-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

هذا هو الفرح الدّائم

سلطان بركاني
  • 764
  • 0
هذا هو الفرح الدّائم

الفرح بمتاع الدّنيا مباح بل مطلوب إن كان المتاع من الحلال، لكنّه فرح زائل، كثيرا ما تشوبه المنغّصات؛ يفرح الشابّ بالشّهادة، ثمّ ما يلبث أن ينسى فرحه عندما يكابد صعوبات الحياة.. يفرح بالمنصب لكنّه سرعان ما تحتوشه الهموم بسبب المشاكل التي لا يخلو منها مكان عمل.. يفرح بالزّواج ثمّ ما يلبث أن تتسرب إليه الهموم بسبب صعوبة المسؤولية في هذا الزّمان.. يفرح بالسيارة ثمّ لا يمكث حتى تبدأ منغّصاتها.. يفرح بالأولاد ثمّ ما يلبث أن تعتريه الهموم وتعترضه الصعوبات… وهكذا.

الفرح الدّائم، هو الفرح بطاعة الله، حينما يحسّ العبد المؤمن أنّه يسير على الطّريق الصّحيح الذي يوصله إلى الجنّة.. الفرح الحقيقي؛ عندما يتوب العبد إلى ربّه ويحسّ بأنّ الله قد قبل توبته وهو يرى نفسه ينقاد إلى الأعمال الصالحة، ويزداد في كلّ يوم قربا من مولاه.. كعب بن مالك؛ أحد صحابة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، تخلّف عن غزوة تبوك في السنة 9 هـ، فأمر النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- بأن يهجره المسلمون، فما عاد يكلّمه منهم أحد، حتّى ضاقت عليه الأرض بما رحبت وضاقت عليه نفسه، وأظلمت عليه الدّنيا.. ومكث كذلك 50 يوما، حتّى جاء الفرج، ونزلت توبة الله عليه وعلى صاحبيه اللذين تخلفا معه، وعندما جاء من يبشّره بنزول توبة الله عليه، من شدّة الفرح أهدى الرجلَ ثوبيه اللذين على ظهره، ثمّ اشترى ثوبين آخرين وانطلق مسرعا إلى المسجد النبويّ، وهناك تلقاه المسلمون بالترحاب وقاموا إليه يهنئونه، وقال له النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: “أبشر بخير يوم مر عليك منذ ولدتك أمك”.

وهذا صحابيّ آخر، أبيّ بن كعب -رضي الله عنه- أقبل على النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- يوما، فقال له الحبيب -عليه الصّلاة والسلام-: “إنَّ اللهَ أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا”، قَال أبيّ: وَسَمَّانِي الله لَكَ؟ قَالَ: «نَعَمْ»، قَالَ: فَبَكَى أُبيٌّ رضي اللهُ عنه مِن شدةِ الفَرحِ.

ليس أبيّ بن كعب وحده هو من ذكره الله وسمّاه، فهناك من عباد الله المؤمنين من يذكرهم الله عنده في الملأ الأعلى بأسمائهم كلّ يوم، لأنّهم يذكرونه كلّ يوم، ولا تفتر ألسنتهم عن ذكره.

إذا كنّا نريد أن تكون أيامنا كلّها أفراحا، فلنثبت ولنداوم على ما كنّا عليه في رمضان.. رمضان رحل، لكنّ ربّ رمضان الذي نعبده حيّ قيوم سبحانه.. إنّ من علامات قبول الحسنة الحسنة بعدها.. وإذا كنّا نريد أن نعلم هل قبل الله منّا رمضان، هل رحل رمضان ليشهد لنا؛ فلننظر إلى أحوالنا بعده؛ فمن ثبت على الصلاة والصيام والقيام وتلاوة القرآن وغضّ البصر واللسان بعد رمضان، فإنّ رمضانه قد قبل، وسيكون شاهدا له عند الله.. أمّا من عاد بعد رمضان إلى ما كان عليه قبل رمضان، فليعلم أنّ عمله في رمضان قد ردّ عليه، وأنّ رمضان سيكون شاهدا عليه عند الله.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!