الجزائر
على رأسها إجبارية تعيين رئيس الحكومة من حزب الأغلبية

هذه أهم البنود الجديدة المدرجة على مسودة الدستور

محمد مسلم
  • 227534
  • 43
ح.م

حمل مشروع التعديل الدستوري المقترح من قبل رئيس الجمهورية، العديد من النقاط والمسائل التي لم تكن موجودة في الدستور الجاري العمل به حاليا، وهي التعديلات التي قوبلت بترحيب من قبل البعض وبانتقاد من قبل البعض الآخر.

وتأتي على رأس هذه المستجدات التي تعتبر استخلاصا من قبل المشرع الجزائري، لدروس وأخطاء المرحلة السابقة، دسترة الحراك الشعبي أو ما بات يعرف بثورة 22 فبراير 2019، التي أطاحت بنظام الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، في 2 أفريل 2019، وأجبرته على الاستقالة من الرئاسة بعد 20 عاما في الحكم، وقد اختير لها موقع في الديباجة، لتضاف إلى المحطات الكبرى التي طبعت تاريخ البلاد منذ الاستقلال.

أما المسألة الثانية، فهي السماح لأول مرة بخروج عناصر الجيش الوطني الشعبي، خارج الحدود في مهام “لحفظ السلم”، تحت إشراف منظمات الأمم المتحدة، الاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية، بشرط موافقة ثلثي أعضاء البرلمان، وهو التوجه الذي فرضته، برأي الكثير من المراقبين، بعض التحديات الأمنية التي أفرزتها الأحداث المتفجرة عبر الحدود الشرقية والجنوبية الشرقية (ليبيا) والجنوبية (مالي)، وبعض الحسابات الجيوسياسية.

ومن بين النقاط التي تشكل طفرة على صعيد أداء وشكل الممارسة السياسية، ولا سيما ما تعلق بعلاقة الجهاز التنفيذي بالهيئة التشريعية، إقرار إلزامية إسناد رئاسة الحكومة للأغلبية البرلمانية لأول مرة، بعد أن كان رئيس الجمهورية حرا في تعيين شخصية من خارج حزب أو تحالف الأغلبية، الأمر الذي أفسد الممارسة السياسية، وأفقد السباق الانتخابي نكهته، في ظل عدم التزام الرئيس بالخضوع لمنطق الأغلبية في اختيار رئيس الحكومة، كما هو معمول به في الديمقراطيات العريقة والصاعدة.

كما تضمن مشروع الدستور قيد الدراسة، نقطة أخرى لا تزال تصنع الجدل، وهي ما تعلق باستحداث وضع خاص لتسيير البلديات التي تعاني من ضعف في التنمية، ويجسد هذا، العبارة التي تقول: “تقوم العلاقات بين الدولة والجماعات الإقليمية على مبادئ اللامركزية وعدم التركيز”، وقد قوبلت هذه النقطة بانتقاد من قبل بعض الفاعلين السياسيين، الذين رأوا في ذلك انزلاقا من شأنه أن يؤدي إلى تعزيز موقع بعض الأصوات التي تطالب بالنظام الفدرالي.

وقد تم التأكيد في المشروع الجديد على منع الترشح لرئاسة الجمهورية لأكثر من عهدتين (5 سنوات لكل واحدة) سواء متتاليتين أو منفصلتين، وهي القناعة التي ترسخت لدى الكثير بأن الانحراف الذي وقع في العام 2008، بإسقاط هذا البند في تعديل الدستور في ذلك التاريخ، كان من بين الأسباب التي أدت إلى سقوط البلاد في مستنقع الديكتاتورية التي تسببت كما هو معلوم في الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بالرئيس السابق.

كما تم سحب هذا البند على المجالس الوطنية المنتخبة (المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة)، وقد بات من غير الممكن لأي نائب أو سيناتور، أنجز عهدتين منفصلتين أو متتاليتين، أن يترشح لعهدة ثالثة، وهي المادة التي من شأنها أن تقطع الطريق على العديد من الرؤوس التي تنقلت بين ردهات البرلمان بغرفتيه على مدار عقود، مستعملين في ذلك المال الفاسد والنفوذ السياسي، من أجل الاحتماء بالحصانة البرلمانية، التي مكنتهم من الهروب من قضايا الفساد التي تطاردهم، إلى أن جاء الحراك الشعبي، الذي قلب عليهم الطاولة.

ويعتبر البند المتعلق بدسترة منع توقيف نشاط وسائل الإعلام وحل الأحزاب والجمعيات إلا بقرار قضائي، قفزة نوعية على صعيد صيانة الحق في إنشاء الأحزاب والجمعيات، وحرية التعبير والصحافة، وهي من الحقوق التي كانت غير مصانة بالشكل الكافي في الدستور الجاري العمل به، وإن لم تكن هذه الظاهرة شائعة فيما تعلق بالأحزاب والجمعيات، حيث لم يسجل حل سوى حزب واحد وبقرار قضائي منذ بداية التعددية قبل أزيد من ثلاثة عقود، ممثلا في الجبهة الإسلامية للإنقاذ، إلا أن الجرائد (الصحف)، تعرضت لـ”مجازر” وخاصة في تسعينيات القرن الماضي وبدرجة أقل في العقدين الأخيرين، غير أن ذلك لا يعني أن العلاقة بين السلطة والصحافة كانت على ما يرام، فالكثير من الصحف لم يتم إيقافها ولكنها ماتت “جوعا” بسبب قطع شريان الحياة عليها ممثلا في الإشهار العمومي خاصة.

ومن المستجدات أيضا، نجد إبعاد وزير العدل من عضوية المجلس الأعلى للقضاء الذي يرأسه رئيس الجمهورية، ونائبه رئيس المحكمة العليا، وقد كان هذا مطلب أعضاء السلك القضائي، يضاف إلى ذلك، استحداث محكمة دستورية بدلا من المجلس الدستوري، لكن دون اختلاف في الصلاحيات، التي نقلت إلى المولود الجديد، وعلى رأسها البت في نتائج الانتخابات، ومراقبة مدى دستورية القوانين، والمعاهدات الدولية.

ورغم نوعية وفاعلية التعديلات المدرجة على المسطرة القانونية الأسمى في البلاد، إلا أن الحكم على مدى جودتها، يبقى مرتبطا بالصرامة في تطبيقها، وهي المقاربة التي لا يختلف بشأنها اثنان.

مقالات ذات صلة