-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
بلغ 4.5 بالمائة في التعاملات البنكية.. خبراء لـ"الشروق":

هذه الأسباب وراء ارتفاع قيمة الدينار الجزائري

حسان حويشة
  • 39963
  • 0
هذه الأسباب وراء ارتفاع قيمة الدينار الجزائري
أرشيف

يشرح خبراء ومحللون بقطاع المالية الأسباب التي دفعت الدينار الجزائري صعودا، مقابل عملات أجنبية، على غرار اليورو والدولار في التعاملات البنكية، بنسبة بلغت 4.5 بالمائة، بعد سنوات من التقهقر في السوق الرسمية والموازية.
وقبل أيام كشف وزير المالية لعزيز فايد في ندوة صحفية خصصت للحديث عن المؤشرات والوضع المالي العالم للبلاد، أن الدينار قد حقق ارتفاعا بواقع 4.5 بالمائة في التداولات الرسمية، وهذا في العام 2023 مقارنة بسنة 2022.
وعزا المسؤول الأول عن قطاع المالية في البلاد هذا الارتفاع إلى التحسن الذي شهده الاقتصاد الجزائري عبر مختلف المؤشرات، ما انعكس مباشرة على العملة التي تعتبر حسبه مرآة الاقتصاد في أي بلد.
وشدد الوزير فايد على أن الدينار سيواصل مسار تحسنه في الفترة المقبلة، من منطلق أن آفاق الاقتصاد الجزائري تتجه نحو المزيد من التحسن، وهذا يعني حسبه أن العملة الجزائرية ستواصل ارتفاعها أيضا مقابل العملات الأجنبية.
وتشير بيانات بنك الجزائر للأسبوع الجاري 2 إلى 6 ماي 2024، إلى أن سعر صرف 1 دولار أمريكي يساوي 134 دينار، بينما بلغ سعر العملة الأوربية الموحدة (اليورو) 144 دينار.
وبلغ الدينار الجزائري أدنى مستوى تاريخي له مقارنة بالعملة الأوربية الموحدة سنة 2020 إذ سجل 162 دينار، ونزل عام 2021 إلى 159 دينار لكل 1 يورو.
وكان العام 2022 عنوانا لبداية تحسن أداء العملة الوطنية مقابل الدولار، حيث أنهت العام بفارق إيجابي بـ12 دينارا مقابل الورقة الخضراء، من منطلق أن قانون المالية حدد سعر إغلاق لسنة 2022 بـ149 دينار لكل 1 دولار، في حين أنهى السنة ذاتها عند مستوى 137 دينار لكل 1 دولار.
ويتزامن الكشف عن هذه التطورات، مع بيانات أصدرها صندوق النقد الدولي قبل أيام، والتي أظهرت أن الاقتصاد الجزائري قد تخطى نظيره النيجيري بعد أن نما الناتج الداخلي الإجمالي (الخام) ليصل إلى ما يقارب 270 مليار دولار.
وخلال احتفالية اليوم العالمي للشغل بمقر المركزية النقابية، شدد رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، على أن الاقتصاد الجزائري وبعد أن تخطى نظيره النيجيري، يسعى للوصول إلى صدارة القارة الإفريقية أو على الأقل المترتبة الثانية بناتج إجمالي يناهز 400 مليار دولار بحلول العام 2027.

سببان رئيسيان.. زيادة العملة الصعبة وتراجع الواردات
في هذا السياق، يرى الخبير الاقتصادي والمالي محفوظ كاوبي أنه إذا أخذت معايير تحديد سعر العملة من طرف بنك الجزائر والذي هو سعر موجه، فإن هناك سببين رئيسيين لتحسن الدينار مقابل العملات الأجنبية وخصوصا الدولار.
وأوضح الخبير كاوبي في تصريح لـ”الشروق” أن العامل الأول يتمثل في زيادة مداخيل الجزائر من العملة الصعبة وخصوصا الدولار، كونها هي العملة التي تسوق بها المحروقات الجزائرية في الخارج، في أعقاب ارتفاع أسعار الغاز والبترول، وكان ذلك سببا في زيادة المداخيل وتحسن رصيد البلاد من العملة الصعبة.
أما العامل الثاني، يضيف كاوبي، فيتمثل في نقص نسبي في الطلب على العملة الصعبة الموجه للاستيراد بالنظر إلى الإجراءات التي اتخذتها الحكومة لترشيد عمليات الشراء من الخارج، وهذا الأمر أدى، حسبه، إلى تحسن أيضا في رصيد العملة الصعبة.
وخلص الخبير كاوبي إلى أن الوضعية تميزت بوجود مداخيل أكثر للجزائر، مقابل طلب أقل على العملة الصعبة الموجهة للاستيراد من المؤسسات الاقتصادية، ما أدى إلى تعاف طبيعي من خلال الطريقة التي تحدد قيمة الدينار، وهو السعر الموجه.
وشرح محدثنا أن السعر الموجه لتحديد قيمة الدينار الجزائري من طرف بنك الجزائر يعتمد على أربعة معايير أساسية، الأول هو مداخيل العملة الصعبة، والثاني يتمثل في الطلب عليها من المتعاملين الاقتصاديين بغرض الاستيراد.
أما العنصر الرابع لتحديد القيمة، يضيف الخبير كاوبي فهو على علاقة بفارق التضخم ما بين الجزائر والبلدان التي تتعامل معها في الاستيراد والتصدير، أما العامل الرابع والأخير فهو فارق سعر العملات في الأسواق العالمية، الذي تميز في الفترة السابقة بتحسن للدولار مقابل اليورو، في حين أن واردات الجزائر بنسبة 40 بالمائة من دول الاتحاد الأوربي.

معايير تحديد قيمة الدينار كلها خضراء
من جهته، يعتقد المحلل الاقتصادي والمالي نبيل جمعة أن ارتفاع الدينار بنسبة 4.5 مقارنة بالدولار، يعود بالأساس إلى اتفاقية أمضتها الجزائر سنوات الثمانينات (1985) مع 10 بنوك مركزية أجنبية وكذا صندوق النقد الدولي والبنك العالمي تتعلق بتقييم العملة الوطنية، والتي كانت كلها في الخانة الخضراء وأرقامها إيجابية.
وأوضح البروفيسور نبيل جمعة في تصريح لـ”الشروق” أن هذه الاتفاقية تفيد بأن الدينار الجزائري يقيم حسب 4 ركائز أساسية، وهي سعر برميل النفط، والميزان التجاري، وميزان المدفوعات، والنمو وتنافسية الاقتصاد الوطني.
ولفت محدثنا إلى أن الملاحظ بعد 2021، هو أن سعر برميل النفط ارتفع وتجاوز 90 دولارا، وهو ما انعكس أيضا على الميزان التجاري الذي سجل بدوره فائضا إيجابيا بواقع 19 مليار دولار، فضلا عن حصيلة إيجابية أيضا لميزان المدفوعات انتقلت من 42 إلى 69 مليار دولار.
وعلق بالقول “هذه ركائز كلها تؤدي إلى ارتفاع قيمة الدينار حسب الاتفاقية التي أمضتها الجزائر مع مؤسسات مالية دولية”
وتحدث نبيل جمعة عن نمو الاقتصاد الجزائري الذي كان له دور في ارتفاع قيمة الدينار، ببلوغه 4.1 بالمائة بشهادة مؤسسات مالية دولية، ما انعكس على الناتج الداخلي الخام (ناهز 270 مليار دولار)، مدفوعا بمخطط إنعاش الاقتصاد، وخصوصا بقطاعي الزراعة والصناعة، وكذلك من جانب التشريعات والشمول المالي التي أدت إلى نمو في عدة قطاعات أدى إلى ارتفاع الناتج الإجمالي.
كما ساهمت الصادرات خارج المحروقات يضيف نبيل جمعة في هذا الارتفاع في قيمة الدينار، بعد أن فاقت الصادرات لأول مرة في تاريخ البلاد قيمة 7 مليارات دولار.

تحسن مرتبط بانتعاش مؤشرات الاقتصاد الكلي
أما الخبير المالي والجبائي، بوبكر سلامي، فأوضح أن قيمة الدينار دائما ما تكون مرتبطة باقتصاد البلاد، وخاصة المؤشرات الماكرو-اقتصادية (الكلية)، مشيرا إلى أن قيمة العملة ليست قرارا إداريا فقط بل يتماشى مع الواقع الاقتصادي ولا يمكن للاقتصاد أن يتحسن والدينار يبقى في نفس القيمة. وذكر الخبير سلامي في تصريح لـ “الشروق” أن الدينار الجزائري ليس مرتبطا بباقي العملات بشكل يومي مثلما ما هو متعارف عليه في بلدان بها نشاط متطور للبورصة والعملة تتغير في اليوم عدة مرات وتخضع لنشاط السوق الدولية والبورصة والسلع وغيرها.
وأشار سلامي إلى أن مؤشرات الاقتصاد الكلي تحسنت، على غرار احتياطي الصرف، وعندما يرتفع هذا الأخير فأكيد له تأثير على قيمة الدينار، من منطلق أن ارتفاع الاحتياطات مؤشر على أن الاقتصاد الجزائري محمي.
وحسبه، فإن ارتفاع قيمة الصادرات كان له تأثير أيضا في تحسن قيمة الدينار، لأن ذلك يعني وجود مداخيل بالعملة الصعبة رفعت قيمة الصادرات، وأيضا ارتفاع قيمة الاقتصاد وبالتالي يكون الأثر مباشر على مستوى الدينار.
وفي هذا الصدد يشرح سلامي أنه عندما ترتفع الصادرات وخصوصا الكمية (الحجم) فهذا يعني أن هناك طلبا على المنتجات المصدرة، وهذا بدوره يعني ارتفاع الإنتاج ويزيد من وتيرة العمل والتوظيف ويخلق حركية داخلية للاقتصاد.
وعلى سبيل المثال، يضيف سلامي، هناك طلب على الاسمنت الجزائري لتصديره إلى الخارج، وهذا المنتج له علاقة بالنقل والتوظيف واستهلاك الكهرباء ومواد أخرى ما يخلق حركية للعجلة الاقتصادية، تساهم في رفع قيمة الدينار. كما أن نسبة النمو الاقتصادي وتطور الناتج الداخلي الخام ساهمت في هذا التحسن في قيمة الدينار، يؤكد سلامي، إضافة للاستثمارات وخصوصا الأجنبية، التي تؤشر إلى أن الاقتصاد بصحة جيدة وفيه أمان وضمان للأجانب وثقة في البلاد.
وختم بالقول “هذه المؤشرات تجعل من البنك المركزي بحسابات يحدد قيمة الدينار الذي يعتبر مرآة عاكسة للاقتصاد وهل هو متحرك ومنتعش وعجلة الإنتاج والاستهلاك والأجور والتوازن بين الأجور والمداخيل والإنتاج والتصدير والاستثمار وهذه كلها تجعل الاقتصاد يكون منتعشا والدينار مرتفعا”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!