الجزائر
رغم وجود شخصيات "أقوى" و"أكبر" منه

هذه خلفيات ترشيح الموالاة نائب ولاية سطيف لرئاسة البرلمان

محمد مسلم
  • 17067
  • 17
ح.م
أحزاب الموالاة رشحت معاذ بوشارب لخلافة السعيد بوحجة

ترشيح أحزاب الموالاة نائب حزب جبهة التحرير الوطني، معاذ بوشارب، عن ولاية سطيف، يعني أن هذا الخيار جاء بناء على حسابات سياسية ظرفية، تمت فيها مراعاة جملة من الاعتبارات، من بينها التوازن الجهوي في تولي المسؤوليات العليا في الدولة.

ويعني الدفع بالنائب بوشارب لرئاسة الغرفة السفلى للبرلمان، من قبل أحزاب الموالاة، أنه سيفوز من دون حسابات، بالنظر للمنطق الرقمي الذي يحكم التوزيع النيابي داخل المجلس، فالأحزاب المشكلة للموالاة تسيطر على أكثر من نصف تعداد النواب.
غير أن السؤال الذي طرحه الكثير من المراقبين، هو لماذا تم الاستقرار على معاذ بوشارب، رغم أن الكثير من الأسماء كانت مقترحة لمزاحمة بوحجة على منصب الرئيس، على غرار النائب عن ولاية باتنة، الحاج العايب، الرئيس المؤقت لمكتب المجلس بحكم عامل السن، وسيد احمد فروخي النائب عن ولاية العاصمة، والنائب السعيد لخضاري عن ولاية تيزي وزو؟

لم يكن معاذ بوشارب مطروحا قبل نحو سنة للترشح لرئاسة المجلس، فيما برز سيد أحمد فروخي كمرشح قوي حينها، غير أن الأمر استقر في الأخير على السعيد بوحجة، الذي تم الدفع به في آخر المطاف.. فلماذا عاد اليوم اسم بوشارب ليستقر الخيار عليه، وعلى حساب الحاج العايب مثلا، الذي يعتبر من المقربين لمصادر صناعة القرار في قمة الهرم؟

المقاربة التي يمكن الاستناد إليها في تحليل تبني خيار معاذ بوشارب، هو البعد المتعلق بالتوازن الجهوي.. فـ”عمي السعيد” تمت توليته رئاسة الغرفة السفلى للبرلمان، بصفته ممثلا لمنطقة الشمال القسنطيني (الولاية الثانية التاريخية)، ولم يأت بوحجة إلى هذا المنصب، إلا بعد إبعاد الوزير الأول السابق، عبد المالك سلال، من قصر الحكومة، باعتباره أيضا محسوبا على منطقة الشمال القسنطيني، في حين أن الحاج العايب، ينحذر من الولاية الأولى التاريخية، التي أخذت حقها في المسؤوليات في هرم الدولة.

وفي هذا الصدد، يمكن الاستئناس بحالات سابقة، فتكليف عبد المالك سلال بحقيبة الوزارة الأولى في العام 2012 خلفا لأحمد أويحيى، جاء بعد أن أبعد رئيس المجلس الشعبي الوطني الأسبق حينها، عبد العزيز زياري، الذي كان محسوبا أيضا على الولاية الثانية التاريخية، من منصبه، ليحل محله محمد العربي ولد خليفة، الذي كان محسوبا على منطقة الوسط (الولاية الثالثة التاريخية).

وعليه، فالرسالة السياسية التي يمكن استشفافها من تقديم معاذ بوشارب كمرشح عن الموالاة لرئاسة المجلس، إنما يعني من بين ما يعنيه، أن التغيير الحكومي الذي طال الحديث عنه، يمكن ألا يحصل قريبا، وإذا حصل فإنه سوف لن يكون أكثر من تعديل بسيط لا يطال حقيبة الوزارة الأولى، لأن إسقاط أويحيى يعني أن منطقة الوسط وبصفة أدق، الولاية الثالثة التاريخية، ستكون غير ممثلة في المسؤوليات السامية للدولة.

ومع ذلك، تبقى إمكانية إجراء تغيير حكومي واردة، أي استبعاد أويحيى من منصبه، في حالة العثور على شخصية من منطقة الوسط، غير أن البحث في “سجل خزان الجمهورية”، في الوقت الرهن، لا يقدم أسماء جاهزة بمواصفات وزير أول في هذه المنطقة، وهو ما يرجح فرضية استمرار أويحيى في منصبه.. وتبقى هذه المقاربة رهينة بمدى احترام منطق التوزيع الجغرافي في تولية المسؤوليات السامية في الدولة.

يشار إلى أن تسريبات كانت قد تحدثت وعلى مدار أسابيع عن قرب حصول تغيير حكومي، وذلك في سياق التغييرات الجذرية التي شهدتها مختلف مؤسسات الدولة، والتي بدأت كما هو معلوم، بالمؤسسة العسكرية، تبعتها الحركة في سلك الولاة، والقضاء، غير أن تلك التسريبات لم تتجسد إلى حد الساعة.

مقالات ذات صلة