الجزائر
"الشروق" تـُعيد فتح الملف قبل محاكمة ماي القادم

هذه قصة الخليفة.. وهكذا بدأ التحقيق الأمني والقضائي

الشروق أونلاين
  • 17329
  • 0
الأرشيف
عبد المؤمن خليفة

تفتح محكمة الجنايات بالبليدة ملف قضية بنك الخليفة أو ما أطلق عليها “فضيحة القرن” يوم 4 ماي المقبل، وهي القضية التي شغلت الرأي العام الوطني والدولي نظرا لعدد المتهمين الذين وصل 124 متهم وثقل أسمائهم ومناصبهم وكذا عدد الشهود الذي فاق 300 شاهد أغلبهم إطارات دولة ووزراء ومسؤلون، وعدد الضحايا من مواطنين إلى هيئات رسمية وشركات خاصة.

 

2003 .. انطلاق التحقيق

  “الشروق” وقبيل المحاكمة ارتأت أن ترجع إلى بداية الملف، اكتشاف الفضيحة والشروع في التحقيق واستدعاء المتهمين والشهود للاستماع لهم، والتي رغم وصول تقارير إلى بنك الجزائر ومختلف الهيئات بخصوص التجاوزات سنة 2002، إلا أن التحقيق الرسمي انطلق بتاريخ 22   مارس 2003، وهذا على إثر الشكوى الرسمية التي تقدم بها مدير الشؤون القضائية والمنازعات لبنك الخليفة لعوش بوعلام لدى المصلحة الولائية للشرطة القضائية فرقة الاقتصاد والمالية بأمن ولاية الجزائر، ضد كل من أكلي يوسف مدير عام مساعد مكلف بالصندوق الرئيس ببنك الخليفة وشبلي محمد رئيس مصلحة الصندوق الرئيسي من أجل اختلاس أموال الصندوق، حيث تم اكتشاف ثغرة مالية معتبرة بالعملة الوطنية والصعبة، وتبين وجود سحب للأموال بدون وثيقة رسمية أو سند قانوني معمول به في البنك أو أمر كتابي مع الجهة التي حولت لها هذه المبالغ المالية المعتبرة.

وكان اكتشاف هذه الثغرات المالية بداية الخيط الذي أماط اللثام عن قضية الاحتيال الكبرى لإمبراطورية الخليفة التي وصلت إلى القمة بشكل مثير للشك وانهارت بطريقة مفاجئة ومريبة تاركة عديد الألغاز والتساؤلات، والتي رغم محاكمة المتهمين الذين شملهم التحقيق إلا أن الغموض بقي مخيما عليها، في انتظار كشف المستور من قبل المتهم الرئيس عبد المؤمن رفيق خليفة في محاكمته التي ستكون لأول مرة، وكذا مواجهته مع باقي المتهمين الذين سبق وأن أدلوا بشهادات مثيرة حول طريقة عمل الإمبراطورية المنهارة.

 

التحقيق مع 4000 شخص

ومع انطلاق التحقيقات في الملف الذي وصف بأنه الأضخم والأكبر في تاريخ الجزائر، استمع قاضي التحقيق لأكثر من 4000 شخص على اختلاف وظائفهم وأدوارهم وكذا علاقتهم بشركات مجمع الخليفة، وبعد حوالي ثلاث سنوات من التحقيق، أحالت العدالة آنذاك 124 متهم للمحاكمة، وعلى رأسهم رفيق عبد المؤمن خليفة “الغولدون بوي” والذي فر إلى بريطانيا بمجرد انطلاق التحقيقات قبل أن يسلم نهاية 2013 للجزائر، كما يوجد من بين المتهمين عائلة كرمان عبد الوهاب محافظ بنك الجزائر السابق والذي حوكم غيابيا ولا يزال في حالة فرار، بالإضافة إلى عدد كبير من المسؤولين الذين تولوا وظائف مختلفة بفروع مجمع الخليفة بنك، منهم مديرو بنوك سابقون وشخصيات أخرى معروفة، وجهت لهم تهم ثقيلة تتعلق بجناية تكوين جمعية أشرار والإفلاس بالتدليس والسرقة الموصوفة والنصب وخيانة الأمانة والتزوير في محرر مصرفي والرشوة واستغلال النفوذ.

 غير أن قائمة المتهمين تغيرت بعد سنوات من المحاكمة الأولى لتقتصر جلسة المحاكمة التي سيتولاها القاضي عنتر منور مطلع شهر ماي المقبل بجنايات البليدة على حضور 78 متهما والذين ستتم محاكمتهم من جديد بعدما قدم دفاعهم والنيابة العامة طعونا لدى المحكمة العليا، فيما تخلى17 متهما آخر عن طعونهم بعدما استنفدوا العقوبة، وآخرون وافتهم المنية في السجن، ما يجعل المعنيين بالمحاكمة 78 فقط، بالإضافة إلى عبد المؤمن خليفة الذي عارض في الحكم الغيابي الصادر ضده وستضم قضيته للقضية الأم.

 

111 هيئة عمومية أودعت أموالها ببنك الخليفة

في سياق متصل، ضمت قائمة الضحايا أثناء التحقيق حوالي111هيئة عمومية وشركة من الذين أودعوا أموالهم في وكالات الخليفة بنك قبل أن يتم الإعلان عن إفلاسه ويدخل هؤلاء في سجال مع العدالة لغرض استرجاع أموالهم، وتتصدر قائمة الهيئات العمومية دواوين الترقية والتسيير العقاري، عبر مختلف الولايات على غرار البليدة والعاصمة والبويرة والمدية وقسنطينة ووهران وتيبازة والجلفة والمسيلة ومعسكر، بالإضافة إلى صناديق الضمان الاجتماعي بوزارة العمل والتعاضدية العامة للأمن الوطني ووكالات الصندوق الوطني للتقاعد، والتعاضدية الوطنية لعمال البلديات، والصندوق الوطني للتأمينات للعمال الأجراء، والمؤسسة الوطنية للتموين بالأدوات والمنتجات العامة، وهولدينغ سوناطراك للخدمات شبه البترولية وشركة سونلغاز ومعهد باستور وعدة مؤسسات للتسيير السياحي وفنادق، ومؤسسات أخرى قامت بسحب أموالها من بنوك تابعة للدولة لتودعها في وكالات بنك الخليفة التي انتشرت عبر الولايات في وقت قصير، جريا وراء الفوائد والمغريات التي كان يقدمها هذا البنك “الغامض”، مع العلم أن القيمة الحقيقية للخسائر المالية التي تكبدها المتضررون وخاصة الهيئات العمومية والرسمية لم تحدد بدقة، ماعدا الرقم الذي أقرته الحكومة آنذاك ويخص 1.8 مليار دولار خسائر، غير أن مستندات تم إرسالها أثناء التحقيق للنائب العام لمجلس قضاء البليدة كشفت أن قيمة ودائع الهيئات الرسمية والشركات التي وصل عددها 11 شركة تجاوزت 128718 مليار سنتيم أي ما يعادل 17.394 مليار دولار آنذاك، في وقت قدرت الثغرة المالية بالبنك حوالي 3200 مليار سنتيم كضرر لحق بالخزينة العمومية.

مقالات ذات صلة