الجزائر
"الشروق" تعود الى موقع انفجار القنبلة وتكشف حقائق جديدة

هكذا أنقذ الضحية “عمي بونعاس” الأبرياء من مجزرة بالعلمة

الشروق أونلاين
  • 18497
  • 25
بودوخة بونعاس الذي أصيب بجروح خطيرة أثناء انفجار قنبلة بالعلمة

عرفت الحالة الصحية للضحية بودوخة بونعاس الذي أصيب بجروح خطيرة أثناء انفجار قنبلة بالعلمة تحسنا مما سمح لنا بزيارة منزله والالتقاء بأبنائه الذين أعدنا معهم الحادثة التي كادت أن تتحول إلى كارثة، لولا بونعاس الذي أنقذ أبناء الحي من انفجارين آخرين أكثر قوة كان بإمكانهما أن يعصفا بالحي بكامله.

الحادثة مرت عليها 8 أيام، وقد بدأت الصدمة تهدأ إلى حد ما بالنسبة لأفراد العائلة الذين التقيناهم بمقر سكناهم فعدنا بهم إلى حادثة الانفجار واكتشفنا تفاصيل جديدة عن العملية التي كادت أن تتحول إلى كارثة.

منزل عائلة عمي بونعاس بحي لعبيدي الجديد يقع في منطقة لا علاقة لها بشارع دبي التجاري بل إن الأمر يتعلق بحي سكني يقطنه أناس عاديون ليس لهم باع لا في التجارة ولا الجاه ولا المال وهو ما خلصنا إليه عند التقائنا بسكان الحي الذين أبدوا تضامنا كبيرا مع الضحية.

وفور مباشرتنا الحديث مع أبناء عمي بونعاس استعدنا معهم الوقائع التي هزت الحي والمدينة بكاملها، فالحادثة وقعت ليلة الثلاثاء الماضي عندما كان بودوخة بونعاس البالغ من العمر 54 سنة عائدا من مسجد أسامة بن زيد، وكان ذلك في حدود الساعة  21:50 ولما وصل إلى المنزل انتبه الى كيس به علبة تشبه علبة قميص جديد كانت موضوعة على عتبة الدار، وتبدو من الوهلة الأولى أنها علبة جديدة ونظيفة، ولذلك أثارت انتباه الوالد فسأل ابنه عن طبيعة هذا الكيس إلا الابن الذي كان داخل محل بيع المواد الغذائية التابع للعائلة، أكد أنه لا يعلم بوجوده أصلا فاقترب الوالد ناحية الكيس وأمسك بالعلبة وقام بتحريكها دون أن يعلم بمحتواها ليقوم بعدها بإخراج العلبة من الكيس، وبمجرد أن فتحها سمع ثلاث دقات تشبه دقات المنبه وبعدها مباشرة انفجرت العلبة محدثة دويا هائلا وتطايرت منها شظايا أصابت الوالد في أماكن مختلفة من الجسم، وحسب الابن الذي كان خلف والده عند وقوع الحادثة فإن الانفجار قذفهما على مسافة ثلاثة أمتار فسقط الابن على الأرض بينما ظل الوالد واقفا لكن الإصابة كانت خطيرة للغاية، حيث سقطت الجهة اليسرى للوجه كاملة وظلت الدماء تنزف بغزارة وأصيب بكسر على مستوى الفك بالإضافة الى جروح على مستوى الذراع والصدر.

 ومن هول الموقف لم يتمكن الابن من الاقتراب من والده فبقي مفزوعا في الوقت الذي ظل الوالد يصرخ “بومبا ..بومبا” وحتى الشبان الذي كانوا بالقرب من المحل لم يفهموا ماذا حدث وأحسوا بالأرض لما ارتجت تحت أقدامهم، وأمام تصاعد الصراخ خرج سكان الحي الى الشارع وبعضهم كان يعتقد أنها مجرد مفرقعة لكن الذين شاهدوا عمي بونعاس فزعوا للمشهد خاصة أن الرجل كان يحمل وجهه بين يديه ليتدخل بعدها أحد الجيران واقتاد الضحية ناحية السيارة ونقله الى المستشفى.

ولا زال الى غاية هذه الساعة يخضع للرعاية الطبية بعدما أجريت له أربع عمليات جراحية معقدة مع تضميد عدد هائل من الجراح التي أصابته في الذراع والصدر، وحسب ما علمناه فإن القنبلة التي انفجرت كانت تحوي على حوالي 100 غرام من الديناميت ومعبأة بالمسامير بالاضافة الى قطع وكريات حديدية وكانت مجهزة ببطرية مربوطة بأسلاك كهربائية، وقد تبين أن العلبة كانت تحوي ثلاث قنابل وانجرت منها واحدة فقط بينما القنبلتان المتبقيتان لم تنفجرا ويحتمل أن يكون ذلك بسبب قيام عمي بونعاس بتحريك العلبة قبل فتحها، وهي الحركة التي انفصل على إثرها السلك الكهربائي المرتبط بالقنبلتين، مع العلم أن كل قنبلة تحوي كمية من الديناميت تقدر بـ 200 غرام أي أنهما أكبر من القنبلة المنفجرة.

ولولا الحركة التي قام بها الضحية لانفجرت القنابل الثلاث بكمية الديناميت التي بلغت في مجملها 500 غرام والتي كان بإمكانها أن تحدث كارثة بهذا الحي السكني الذي يكثر فيه الأطفال ويعيش فيه أناس بسطاء ليس لهم أي علاقة مع النشاط التجاري، وبالعودة الى حالة عمي بونعاس فإن حالته الصحية تحسنت بكثير وكل أبنائه يعتبرون نجاته من الموت معجزة إلهية وإذا كانت ملامح الصدمة لازالت بادية على وجه عمي بونعاس الذي يتكلم بصعوبة فقد ظل يردد عبارة “الحمد لله ” ولا يريد أن يتذكر ما حدث ويسأل الله السلامة لكل الجزائريين.

للإشارة فإن عمي بونعاس رجل بسيط في عيشه وكل الناس يحبونه وليس له أعداء ولذلك فالأرجح أن المكان اختير بصفة عشوائية مع العلم أن العلمة شهدت حادثة مماثلة منذ حوالي شهر، حيث تم العثور على قنبلة تقليدية بالقرب من حي 19 جوان، إذ تمكنت مصالح الأمن من تفكيكها قبل أن تنفجر ليبقى التحقيق كفيلا بكشف ملابسات الحادثتين.

مقالات ذات صلة