رياضة
وسط ندرة أجهزة التلفزيون وغياب الكهرباء في القرى والمداشر

هكذا تابع الجزائريون ملحمة الإطاحة بالألمان في زمن الأبيض والأسود

صالح سعودي
  • 2103
  • 12
أرشيف

إذا كان الجمهور الجزائري يستمتع هذه الأيام بمشاهدة المباريات القديمة التي يعاد بثها من طرف التلفزيون الجزائري، من خلال نفض الغبار عن محطات مهمة من تاريخ المنتخب الوطني والأندية الجزائرية، منذ الاستقلال إلى حد الآن، فإن ذلك قد سمح للجزائريين باسترجاع الحنين إلى الماضي، من ذلك استعادة الأجواء التي تابعوا فيها ملحمة خيخون في مونديال 82 بإسبانيا، على وقع ندرة أجهزة التلفزيون في تلك الوقت، وغياب الكهرباء في أغلب القرى والمداشر.

يجمع الكثير من الذين شاهدوا وتذكروا أجواء مباراة الجزائر أمام ألمانيا في مونديال 82 على انعدام الإمكانات في تلك الفترة، بدليل الحياة البسيطة وندرة أجهزة التلفزيون في زمن الأبيض والأسود، ناهيك عن غياب الكهرباء في أغلب القرى والمداشر وحتى بعض البلديات والمناطق النائية، إلا أن ذلك لم يمنع عشاق “الخضر” حسبهم من الوقوف مع زملاء ماجر وعصاد وبلومي، حيث تكبد الكثير منهم قطع عشرات الكيلومترات لضمان مكانة في بعض المقاهي الشعبية أو عند أقاربهم في المدن، ما جعل المقاهي تمتلئ عن آخرها على طريقة أجواء الملاعب، فالجميع يشجع ويصفق ويتأسف عند ضياع أي فرصة خطيرة، مثلما يتابع المشهد على الأعصاب حين يقوم الجرمان بهجمة خطيرة، كما أن الكثير من الشباب ظهروا بلباس المنتخب الوطني الذي وفرته شركة سونيتاكس بكميات معتبرة.

صاحب منزل يطفئ تلفاز المقهى بعد هدف ماجر

ويقول الأستاذ نور الدين لعراجي عن ملحمة خيخون “كان القليل من يملك جهاز تلفزيون، أخرجنا شاشة التلفزيون في فناء بيتنا المتواضع ببريكة، وحضر كل الأصدقاء الذين يسكنون معنا في حارة السينما آنذاك، كان انفعالنا يسبق كل التكهنات خاصة مع التصريحات المسبقة والاستفزازية لبعض اللاعبين الألمان، ولقن منتخبنا الآلة الألمانية درسا في البطولة والعروض الجميلة التي أبهرت العالم. بعد الفوز، كانت ليلة بيضاء على أنغام الزرنة والموسيقى والزغاريد التي تجاوب معها كل السكان”. أما المناصر الوفي حسين صديقي من ميلة، فقد بدا متأسفا لما حدث له آنذاك، حيث تابع اللقاء في المقهى، وعندما سجل “الخضر” هتف جميع من كان في المقهى فرحا، ما جعل صاحب المنزل الذي لا علاقة له بالكرة ينزل، فأطفأ التلفاز ولم نجد حسب حسين أين نكمل المقابلة.

جماهير المدن والقرى فرحوا وصفقوا والألمان لم يصدقوا

أما السعدي نصر الدين فقد استعاد أجواء الذكرى قائلا: “في 1982 كنا تجاوزنا زمن الأبيض والأسود، كانت الشركة الوطنية للصناعات الالكترونية في بلعباس قد صنعت ثلاثة أجيال من التلفزيون الملون، يوجد من كان يؤمن آنذاك بأن منتخبنا يمكن أن يقهر الألمان لكنهم قلة قليلة. الألمان بدأوا الحرب النفسية مبكرا، وهم في الحقيقة يعلمون أن عناصر “الخضر” على درجة عالية من التقنية والمهارة في صورة بلومي وماجر وعصاد ودحلب وغيرهم يمكن أن يجدوا مكانا بأي منتخب في العالم. وفي السياق ذاته، يقول الحكم الدولي السابق سليم أوساسي في هذا الجانب “كنت في بداية مشواري التحكيمي، وكنت من الذين لا يملون المكوث ساعات طويلة ودون انقطاع بغية تطوير حاسة الملاحظة.. أتذكر تلك المباراة التي جرت في خيخون، وأتذكر جيدا الحكم البيروفي لابو، وكيف أعلن عن الهدف الثاني الذي سجله الفنان بلومي بعد تمريرات بين اللاعبين الجزائريين، والتي لم يلمسها أي لاعب ألماني حتى دخلت شباك شوماخر.. وقتها كل العائلة لم تصدق فوزنا على الألمان”. وتبقى مثل هذه اللحظات راسخة في أذهان من كل تابعوها، خاصة في فتة الطفولة والشباب، بالنظر إلى الأجواء التي عايشوها في تلك الفترة، ما يجعل الكثير يفضل العودة إليها من باب الحنين إلى الماضي، واسترجاع ذكريات مستمدة من محطات مهمة في تاريخ الكرة الجزائرية.

مقالات ذات صلة