الجزائر
وزير المالية السابق عبد الرحمان بن خالفة في منتدى "الشروق":

هكذا تسترجع الدولة الأموال… وضيعنا الكثير بتأخر الصيرفة الإسلامية

الشروق أونلاين
  • 9137
  • 18
ح.م
عبد الرحمان بن خالفة

اعتبر الوزير السابق للمالية عبد الرحمان بن خالفة وتيرة سير مؤسسات الدولة منذ تنصيب رئيس الجمهورية عبد المجيد تبوّن إيجابية جدا، بل استثنائية، قائلا إنّ تقديم مخطط عمل الحكومة في ظرف شهرين من الانتخابات الرئاسية هو إنجاز قياسي، سيكون له تأثير محفز على مُباشرة الإصلاحات وتلبية حاجيات المواطنين.

من جهة أخرى، أكد الخبير المالي أنّ تحسين القدرة الشرائية بالإجراءات التي تضمنها مخطط عمل الحكومة ظرفية وغير كافية، لأنّ الأوضاع الاجتماعية القائمة لا يمكن أن تعالج بأوامر فقط، بل تحتاج إلى هندسة جديدة ورؤية مختلفة.

ولذلك شدّد بن خالفة الذي نزل ضيفا على “منتدى الشروق” على أنّ ترتيب البيت الاقتصادي في الجزائر بات من أولويات المرحلة السياسية، حيث دعا بهذا الصدد رئيس الجمهورية إلى فتح حوار اقتصادي على غرار الحوار السياسي، مع عقد ندوة وطنية للوفاق حول الإصلاحات الاقتصادية الكبيرة.

من جانب آخر، أقرّ بن خالفة بتضييع الجزائر لكثير من الوقت والفرص الثمينة بسبب تأخر الصيرفة الإسلامية، مشددا على أنّ الظرف المالي والاقتصادي الراهنيْن يحتّمان وتيرة جديدة بالتكامل.

كما دعا عبد الرحمن بن خالفة إلى استحداث هيئة خاصة، مهمتها استعادة الأموال المنهوبة في الداخل والخارج، وأن على الجزائر الاستفادة من تجارب مماثلة في بلدان أخرى وصلت حتى إلى التفاوض.

ثمن مخطط عمل الحكومة.. وزير المالية السابق بن خالفة:
ترتيب البيت الاقتصادي من أولويات المرحلة السياسية

يرى الوزير السابق للمالية والخبير الاقتصادي عبد الرحمان بن خالفة أن ترتيب البيت الاقتصادي في الجزائر بات من أولويات المرحلة السياسية، للمباشرة في تطبيق مخطط عمل الحكومة الذي وصفه بـ”البرنامج الطموح” الذي يستثمر في التنمية البشرية ودعم المواطنين، وأعطى نظرة كاملة لما تقوم به السلطات العمومية والنشطاء في السوق وحتى المستثمرين الأجانب في المرحلة القادمة.
وقال بن خالفة في منتدى جريدة “الشروق” إن مخطط عمل الحكومة يعتبر عملا مؤسساتيا جيدا بعد خروج الجزائر من المرحلة الانتقالية، مشددا على أهمية المحيط المؤسساتي والسياسي في هيكلة الاقتصاد.
وأبدى المتحدث تفاؤله بما ورد في مخطط الحكومة الحالية قائلا: “بدأنا سنة 2020 بحياة سياسية جديدة”، وتابع “توجد مؤشرات إيجابية، ولأول مرة منذ مدة طويلة برنامج الحكومة يصدر في ظرف شهرين بعد الانتخابات”. ولفت في السياق إلى الإشارات القوية الجيدة المنبثقة من هذا الإسراع، ومنها انعقاد مجلس الوزراء مرتين في الأسبوع لمناقشته.
ولخّص الوزير السابق نقاط قوة مخطط عمل الحكومة الجديدة في عدة أمور، على غرار تغطيته لعدة ميادين ومجالات، واصفا إياه بـ”البرنامج الذي يعطي نظرة كاملة”، مشيرا إلى أنه تحدث عن كل الجوانب وما تقوم به السلطات العمومية والنشطاء في السوق والمستثمرون الأجانب خلال المرحلة القادمة.
وفي سياق ذي صلة، أكد الخبير الاقتصادي على أن المرحلة المقبلة تتطلب التركيز على الأولويات الاقتصادية حتى نمنح ديمومة للاستقرار السياسي، وشدد على أن أهم شروط نجاح برنامج عمل الحكومة هو المضي نحو آليات التنفيذ والتطبيق في الميدان باستخدام الأدوات الاقتصادية والمالية قائلا: “البلد ليس بحاجة لقوانين جديدة، بل هو بحاجة لتطهير القوانين الحالية واستقرارها”، وتابع كلامه “يجب إعادة النظر في الحوكمة الاقتصادية والوصول إلى نظرة مستقرة وسياسة دولة وليس حكومات أو اشخاص”، مشددا على ضرورة إعادة ترتيب البيت الاقتصادي هيكليا.
وأوضح بن خالفة أهمية الابتعاد عن الحلول الظرفية والاستعجالية للوصول إلى بر الأمان، مع تجنب الهزات الاقتصادية في الظرف الحالي قائلا: “لا يمكن أن نعالج الأوضاع بأوامر فقط، لكن يجب أن تعالج بهندسة جديدة ونظرة جديدة”، وشرح بأن هناك فرقا بينها وبين المعالجة القانونية والمالية والاقتصادية، وأن المعالجة الظرفية الاستعجالية لا تغطي المعالجة الهيكلية، داعيا رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون إلى فتح حوار اقتصادي مثلما فتح حوارا سياسيا، مع عقد ندوة وطنية للوفاق حول الإصلاحات الاقتصادية الكبيرة.

قال إنها تنفس عن المواطنين ولكنها لا تحلّ الأزمة…. بن خالفة:
إجراءات تحسين القدرة الشرائيّة ظرفية ولا بدّ من إصلاح مستدام

قال وزير المالية الأسبق عبد الرحمن بن خالفة، إن إجراءات تحسين القدرة الشرائية التي تضمنها مخطط عمل الحكومة ظرفية وغير كافية، ولا بد أن ترافقها معالجة هيكلية تستمر في الزمن.
وأوضح عبد الرحمن بن خالفة لدى نزوله ضيفا على منتدى “الشروق” أن الحكومة أعلنت عن مراجعة الضريبة على الدخل العام للرواتب المتدنية ومراجعة الأجر الأدنى الوطني المضمون والضريبة على النشاط المهني بالنسبة للمؤسسات التي تعطي نفسا للشركات، يمكن لها أن تساهم في رفع القدرة الشرائية، لكنها تبقى ظرفية، ويجب على الحكومة توسيع الاستثمار وإعطائه دفعة وحركية مستدامة وترتيب البيت الاقتصادي بصفة عامة.
وحسبه، فإن المعالجة الظرفية والهيكلية يجب أن يتم إطلاقهما بالتوازي في نفس الوقت، خصوصا أن الهيكلية تتطلب حولها وفاقا أدنى من جانب المتدخلين في السوق وحكومة ونقابات وعمال وتجار وشركات وغيرها.
وقال “المعالجة الظرفية الاستثنائية للقدرة الشرائية يجب أن لا تغطي على المعالجة الهيكلية الاقتصادية المستدامة”.
وأضاف “المعالجة الإدارية بالميزانية لملف القدرة الشرائية يمكن أن تنفس وتخفف من المشكل، لكن لا تحل أبدا محل المعالجة الهيكلية”.
ويرى بن خالفة تحركات الحكومة والقيادة الجديدة للبلاد ايجابية، خصوصا أنها جاءت في ظرف قياسي، لكن بالمقابل وجب على السلطات حسبه فتح حوار اقتصادي بعد أن انطلق الحوار السياسي وأعطى أشارات ايجابية، وحتى الخارج صار ينظر بايجابية للبلاد، والدليل هو الوفود الأجنبية المتعاقبة التي تزور الجزائر.
وحسب بن خالفة، فإن الحكومة مطالبة بإيجاد صيغة للمّ الشمل الاقتصادي بما يعيد البلاد إلى السكة اقتصاديا، فيما يشبه “إجماعا اقتصاديا” يرافق الإجماع السياسي الذي بدأت ملامحه تظهر في البلاد، حيث يكون بمثابة تحالف من اجل تنمية وتطور جديد في الجزائر.

هكذا يمكن استعادة الأموال المنهوبة في الداخل والخارج

دعا عبد الرحمن بن خالفة لاستحداث هيئة خاصة، تضم مختصين ورجال نخبة، تكون مهمتها استعادة الأموال المنهوبة في الداخل أو التي حولت للخارج بطرق غير قانونية.
وأوضح وزير المالية الأسبق بالقول “هناك أموال خرجت من البلاد بطريقة غير قانونية وأخرى أخذت ولم تسترد لتعثر عمدي أو غير عمدي، لذلك استعادتها بحاجة إلى هندسة خاصة”.
وأضاف هناك بلدان أسندت العملية لهيئة كاملة مهمتها استعادة الأموال المنهوبة، وتابع “بالنسبة للأموال في الخارج فمسيرة استعادتها ستكون صعبة، والوزير الأول تحدث عن مسار يمر عبر الأمم المتحدة والاتفاقيات الدولية”، ومضى قائلا “لذلك لا بد من مسعى مهيكل ينضم إليه الخبراء والنخب والإدارة والمستشارون القانونيون”.
ولفت بن خالفة إلى أن استعادة أموال الداخل بحاجة لخطة وطنية مهيكلة ذات طابع مالي ضريبي تتضمن مصادرة أشياء وممتلكات وأرصدة، كما أن كثيرًا من البلدان مرت بتجارب مماثلة وتفاوضت.
وأكد بن خالفة على دور الجهاز القضائي الذي يجب أن يلعب دورا كبيرا في العملية، بالتوازي مع الآليات الأخرى التي يجب أن تكون مستقلة عن الإدارة، حتى تكون الخسارة أقل وعملية التقويم دقيقة.
وعن سؤال حول إمكانية مساهمة الأموال المنهوبة التي يتم استعادتها في تمويل مخطط عمل الحكومة والاقتصاد ككل، يرى بن خالفة أن الأمر صعب على الأقل على المدى القريب.
وشدد على أن الحكومة يجب أن تبحث عن طرق تمويل جديدة، أما النوافذ التي تحيط بها مشاكل، فالأمر يتطلب الكثير من الوقت، في إشارة لاستعادة الأموال المنهوبة وضخها في الاقتصاد.
وقال في هذا الصدد “استعادة الأموال المنهوبة ضمن آلية استثنائية لا يمكن أن نعتمد عليها للتمويل، لأننا لا نعلم متى تنتهي العملية، والاستثناء لا يمكن أن نعتمد عليه”.

إصلاح منظومة الدعم والصرف أولوية ملحة

أكد الخبير المالي عبد الرحمان بن خالفة على أنه يتعين على الحكومة ابتكار ميكانيزمات جديدة للتكفل بالأعباء المالية الكبيرة لمخطط عملها، لتنفيذه دون اللجوء إلى الاستدانة الخارجية أو التمويل غير التقليدي وإعادة طبع النقود من جديد.
وقال بن خالفة إن طبيعة الموارد التي ستصرفها الحكومة على برنامجها لابد لها من مخطط مدروس ومهيكل، من خلال العمل والاعتماد على السيولة المالية الداخلية، والتي تتحقق عن طريق الاحتواء المالي والضريبي، وشدد في السياق على أن هذه الميكانيزمات ينبغي ابتكارها عن طريق إعادة حوكمة البنوك وعصرنتها وتعميم الدفع الالكتروني حتى لا نكون بحاجة إلى الملايير من النقد.
ويرى وزير المالية السابق أنه ينبغي فصل الاجتماعي عن الاقتصادي، وإعادة النظر في محافظ البنوك حتى تكون ذات طابع اقتصادي، مع خلق شركات لا علاقة لها بالبنوك ذات صناديق خاصة للتكفل بهذه الملفات، واقترح المتحدث فصل مجلس إدارة البنوك وإبعاده عن وصاية الدولة والتي لها حق التدخل في الجمعية العامة فقط لا في الإدارة، معتبرا أن هذا التوجه الاقتصادي المعمول به في أغلب الأنظمة العالمية هو الحل لضبط التسيير والموارد المالية الداخلية في الجزائر.
وعاد بن خالفة ليذكر بضرورة إصلاح منظومة الدعم حتى يتم التخفيف على الميزانية، من خلال توجيه الدعم لمن يستحقه والموازنة مع الأسعار حتى تصبح قريبة من الحقيقة، وأضاف أنه ينبغي على البنوك أن تتحرك لجمع الموارد خارج البنوك.
وقال الخبير الاقتصادي إن إصلاح منظومة الدعم والصرف باتت ضرورة ملحة، مشددا على أهمية إعادة النظر في ملف الصرف واسترجاع ثقة المواطنين في البنوك لجلب المستثمرين الأجانب.

ضيعنا الكثير من الفرص والوقت بغياب الصيرفة الإسلامية

اعترف وزير المالية الأسبق عبد الرحمن بن خالفة أن الجزائر ضيعت فرصا من ذهب خلال زمن البحبوحة المالية فيما يتعلق بالصيرفة الإسلامية، وشدد على انه لا يجب تفويت الفرصة الآن لإطلاق حقيقي للمعاملات المالية الإسلامية.
وشرح بن خالفة أن البلاد في الظرف المالي والاقتصادي الراهنين لا بد لها من وتيرة جديدة بالتكامل مع الصيرفة الإسلامية، ولذلك يجب تحريك البنوك للمضي قدما في هذه المعاملات، بعيدا تماما عن المنطق السابق.
واستدرك بن خالفة أن تنشيط المعاملات المالية الإسلامية لا يجب أن يكون بمعزل عن بقية النشاط المالي للبنوك، لذلك وجب الاستمرار في تحفيز القروض التقليدية ومعها الصيرفة الإسلامية، وخصوصا تنشيط السوق المالي، أي بورصة الجزائر التي لا تزال راكدة.
ولفت بن خالفة إلى أن الوقت لم يفت ويمكن للجزائر أن تنطلق وتطوّر المعاملات الإسلامية من الآن بأقل كلفة وبوتيرة أسرع، ولذلك يجب عدم تفويت الفرصة هذه المرة لتطوير هذا النوع من المعاملات المالية.
وأكد بن خالفة أنه من دعاة تحويل رساميل الشركات الكبرى لبورصة الجزائر ولو بجزء من رأسمالها، على غرار سوناطراك وشركات الهاتف النقال، بما فيها شركات النفط الأجنبية العاملة في الجزائر، حتى تكون هناك مصداقية أكبر لهذه السوق المالية.
وعلق بالقول “مصداقية البورصة تكون بدخول 50 شركة كبرى Big Corporate على الأقل وإدراجها في هذا السوق المالي عمومية وخاصة”.

مقالات ذات صلة