هكذا تهرّب المخدرات من المغرب إلى الجزائر عبر الجنوب

فتحت محكمة الجنح الاستئنافية لدى مجلس قضاء سكيكدة، الخميس، ملفا يتعلق بأخطر عصابة لترويج مختلف أنواع السموم عبر ولايات الوطن، منشأها من المغرب، حيث التمست النيابة العامة عقوبة السجن النافذ لمدة 15 سنة وغرامة مالية قدرها 5 ملايين دج، في حق ثلاثة أفراد من العصابة، ينحدرون من ولاية سكيكدة، و10 سنوات و20 ألف دج لثلاثة آخرين، مع سريان الأمر بالقيض الصادر عن قاضي التحقيق ضد ثلاثة آخرين، ينحدرون من ولاية بشار، بعد متابعتهم بعدة تهم منها جنحة الحصول والشراء قصد البيع للمواد المخدرة بطريقة غير مشروعة، وجنحة تخزين المواد المخدرة بطريقة غير مشروعة بغرض التخزين، وجنحة نقل وتخزين المواد المخدرة بطريقة غير مشروعة، فيما أجل النطق بالحكم للخميس المقبل.
وحسب ما دار في جلسة المحاكمة، فإن أفراد هذه العصابة حاولوا إغراق ولايات الوطن بمختلف أصناف المخدرات القادمة من المغرب، وهذا ما كشفته مكالمات هاتفية أجراها بارونات مخدرات ينحدرون من دولة المغرب، مع نظرائهم بولاية بشار وعديد الولايات الجزائرية بدليل اتصالهم برقم النداء 212 وهو الرمز الدولي للمغرب، حيث عرض في بداية الأمر المدبر الرئيسي المنحدر من ولاية سكيكدة “ج. ع. ك”، على ابن خاله، “ح. ع. س” صفقة جلب شحنة من المخدرات من مدينة بشار إلى سكيكدة مقابل عمولة مالية قدرها 100 مليون سنتيم، إذ قام باستعمال بطاقة تأمين عسكرية مزورة استطاع المرور بها، عبر الحواجز الأمنية، وسافر لجلب شحنة 7 كلغ من المخدرات من بشار، على متن سيارته، في شهر ماي الماضي.
ولدى وصوله اتصل بالمدبر الرئيسي، أين حضر هذا الأخير إلى الساحة العمومية، ببشار، رفقة خليلته المتهمة في قضية الحال وهي امرأة مطلقة جرّت معها شقيقها في القضية، وبعد وصوله إلى الساحة ركن سيارته وترك بداخلها رفيقته وأخذ سيارة المتهم “ح. ع. س” وتوجه بها إلى وجهة مجهولة وبعد 4 ساعات أعادها له، وأخبره بأنه قام بشحن كمية من المخدرات بإحكام عبر “عتب” السيارة ما بين العجلتين الخلفيتين، واتفقا على الالتقاء بسكيكدة، حيث أنطلق وأمامه المتهم الرئيسي وخليلته يؤمنان الطريق له، وصرح المتهم سائق السيارة التي على متنها المخدرات، بأنه يعرف المسكن الذي تتم فيه عملية شحن المخدرات بداخل المخبأ المخصص لها بالسيارة وهو المتهم “و. ي” من بشار ويبلغ من العمر 26 سنة، وهو من يضمن دخول المخدرات واستيرادها من مصدرها عبر الحدود البرية مع دولة المغرب، رفقة متهم آخر، وهما من يتكفلان بإدخالها عبر الحدود البرية الجزائرية المغربية المتاخمة لولاية بشار، إذ يتواصلان مع أفراد من سكيكدة وبعض الولايات الجزائرية الأخرى عبر الواتساب ويتحدثون عن كيفية توفير وإحضار كمية المخدرات المراد شراؤها، ويتقاضى صاحب السيارة 100 مليون عن شحنة 7 كلغ و50 مليون عن 5 كلغ بعد نجاح عملية النقل، كما أن المتهمة خليلة المتهم قامت بست عمليات تحويل لفائدة الممول الرئيسي بالمخدرات والقاطن بولاية بشار بمبلغ قدره 72 مليون سنتيم على كل عملية، خلال الفترة الممتدة من 11 أكتوبر 2021 إلى غاية 14 ماي 2022.
وكانت قد وردت معلومات في 22 ماي إلى فرقة الأبحاث للدرك الوطني بسكيكدة مفادها وجود شخص بصدد القيام بإدخال كمية معتبرة من المخدرات قادما من بشار عبر سيارته الخاصة، ليتم وضع خطة أشرف عليها قائد الكتيبة الإقليمية للدرك الوطني شخصيا أقحمت فيها جل الوحدات التابعة لها قصد الإطاحة به، حيث تم غلق كل المنافذ عبر مخارج ومداخل الولاية، ليتم الإطاحة به واقتياده إلى مقر الفرقة بغرض تفتيش المركبة، حيث كان التفتيش الأول سلبيا، ليتم الاستعانة بالكلاب المدربة اختصاص مخدرات، وحينها قام الكلب البوليسي بإعطاء إشارات مكثفة على “عتب” السيارة، ليتم نزع العجلتين الخلفيتين، أين تبين بأن سائقها قام بإحداث فجوتين على الجانب الأيمن والأيسر للسيارة، لجعلهما مخبأ لتخزين المخدرات، فعثروا بداخلها على 69 صفيحة كيف معالج مقسمة على الجانبين بوزن إجمالي 6 كلغ و897.2 غرام، ليتم توقيفه وهنا بدأت تتضح خيوط وحيل هذه العصابة الخطيرة المتكونة من امرأة مطلقة وشقيقها ومتقاعد من الدرك وسائق آليات الوزن الثقيل لدى الخواص بسطيف وفلاح، تقاسموا الأدوار منهم من يجلبها عبر سيارته من ولاية بشار ومنهم من يتكفل بنقل السيارة من ساحة الحرية ببشار إلى منزل العصابة لتخزينها في السيارة بإحكام، ومنهم من يؤمّن الطريق، ومنهم من يخفيها في منزله ومنهم من يروجها للبائعين الصغار، ومنهم من يروجها للمستهلكين مباشرة.
للإشارة، فإن محكمة الجنح الابتدائية أعادت تكييف الوقائع لبعض المتهمين إلى جنحة حيازة مخدرات بطريقة غير مشروعة بغرض الاستهلاك الشخصي.