الجزائر
"الشروق" تدخل بيت بطل المصارعة بوهران

هكذا رفض “الحرّاق” حسني التخلي عن زوجته عند الغرق

سيد أحمد فلاحي
  • 32633
  • 33
ح.م

صنعت قصته الحدث ليس بوهران فقط، بل في كل شبر من الجزائر وحتى عند الجالية بالمهجر، هو “ك. حسني” الذي عثر على جثته قبل يومين رفقة زوجته بالقرب من جزيرة حابيباس بولاية عين تموشنت، الشروق تنقلت إلى حي المقري سانت أوجان سابقا، وتحديدا بعمارة “زالاميت” الذي ترعرع فيه حسني، وعاش معظم لحظات حياته قبل أن ينتقل إلى منطقة قديل بعد زواجه.
أمام المنزل تحلقت مجموعات من الجيران والأقارب، ينتظرون وصول جثمان الفقيد، يجترون في المعلومات التي وصلتهم حول كيفية هلاك الشاب حسني، رفقة باقي ركاب القارب المطاطي الـ29.
ومن أهم الأخبار والمعلومات التي استقيناها من الحضور، شهادة أحد أصدقائه المقربين المدعو هشام، والذي ذكر أن سبب تفكير الراحل حسني في ركوب “البوطي”، هو تدهور وضعه المعيشي، خاصة بعد زواجه وازديان فراشه بطفلة وقرب وصول ضيف جديد، لم تكتب له الحياة، وقد ظل يستغل سيارته لنقل الزبائن، في غياب فرص للشغل، كيف لا وهو الذي ترعرع على الرياضة وبالأخص رياضة المصارعة الرومانية حتى أطلق علي تسميته عند الأصدقاء والجيران بـ”حسني ليتور”، أي حسني المصارع.

الفقر وراء ركوبه “البوطي”

ورغم حصده الكثير من الألقاب الوطنية في هاته الرياضة، إلا أنه بعد اعتزاله الميدان، لم يجد فرصة العودة للرياضة المفضلة إلى قلبه من باب التدريب، وهو ما جعله يشتغل سائق كلوندستان، لتحصيل قوت يومه وعائلته الصغيرة، إلى أن راودته فكرة الحرقة وركوب قارب البوطي لبلوغ الضفة الأخرى والتخلص من البطالة الخانقة وتحسين مستوى عيشه، فباع سيارته وحصَّل مستحقات الرحلة الخطيرة، لكن كانت النهاية الحزينة يقول هشام.

قصة وفاء!

غير بعيد عن تلك الحشود من المعزين التقينا بشقيق حسني التوأم الذي تحدث بكل حرقة عن الفاجعة التي ألمت بكل العائلة، كبيرا وصغيرا راجيا من المولى عز وجل أن يتغمد روح شقيقه وزوجته برحمته الواسعة، وقد أكد خلال تصريح مقتضب أن حسني عرف بوفائه وشخصيته القوية وهو ما تبين من خلال حادث غرق القارب، حيث بعد قفز الجميع في الماء، خوفا من الاحتراق داخل البوطي، وغرق زوجته إلا أنه رفض التخلي عنها، وهي الشهادة التي صرح بها بعض من كان معه في المركب وكتبت لهم النجاة، حيث أفادوا بأن حسني ظل يبكي ويرفض التخلي عن زوجته الميتة التي كانت في شهرها السابع ولعل أكبر دليل على وفائه أنه قام بربط خصرها بذراعه بواسطة حزام، إلى أن تم العثور عليهما معا، وثاني نقطة تبين مدى إنسانية حسني الأب، هو تفضيله ترك طفلته الصغيرة، فوق إحدى أجزاء البوطي التي كان يتشبث بها ناجون، وقد أوصى المجموعة بطفلته خيرا مصرحا: بجاه ربي هاذي أمانة خلَوها عندكم.

حياته مقسمة بين العبادة والرياضة

يسكت الشقيق التوأم ويستسلم لبكاء حار، متمنيا من السلطات العليا للبلاد بأن ترى تلك المجازر بعين الجد، والبحث عن مشاريع يمكنها أن تساعد الشباب للتخلص من بطالته لوقف نزيف الأرواح، وليس انتظار أخبار الحراقة الذين يقذف بهم البحر يوميا وتحويلهم لغرف حفظ الجثث.
كما أشار المتحدث إلى الهيئة التي وجد عليها شقيقه، وكأنه نائم ولم يبق في المياه الباردة لأكثر من أسبوع، حيث لم تتغير ملامحه وظل في حالته العادية وكأنه حي يرزق وهي علامات طيبة يقول شقيقه كون حسني لم يتعرض يوما للموبقات مثل المخدرات أو الخمر، بل كانت حياته مقسمة بين الرياضة والعبادة، يختم المتحدث.

مقالات ذات صلة