الجزائر
وزارة المالية "توضّح" بعد تفنيد أويحيى لتصريحات راوية حول الدعم

هكذا سيتم توزيع 170 ألف مليار على المواطنين!

محمد مسلم
  • 21396
  • 35
أرشيف

اضطرت وزارة المالية لتقديم توضيحات بشأن التصريح الذي صدر عن الوزير عبد الرحمن راوية، والذي تحدث فيه عن مساعي الحكومة لمراجعة سياسة الدعم الاجتماعي، والذي يكلفها نحو ألف و700 مليار دينار (170000 مليار سنتيم) سنويا.
وقالت الوزارة في بيان لها أوردته وكالة الأنباء الجزائرية: “إذا كانت هناك ضرورة لإعادة النظر في سياسة الدعم الاجتماعي بصفته الحالية، فإن المراجعة سوف لن تكون متسرعة، وسوف لن تطبق بصفة مطلقة (دون تمييز) ودون مراعاة خصوصية الفئات الاجتماعية”.
البيان التوضيحي جاء في سياق جدل سياسي وإعلامي كبيرين فجره تصريح وزير المالية، عبد الرحمن راوية للإذاعة الوطنية، والذي قال فيه إن الحكومة ستشرع بداية من العام المقبل في رفع الدعم عن بعض المواد ذات الاستهلاك الواسع تدريجيا، وستكون البداية بإلغاء الدعم عن أسعار الطاقة والوقود، ثم الماء.
وحاولت الوزارة التخفيف من وطأة تصريحات راوية في موقف أبان عن حرج كبير، وقالت في بيانها إن “السلطات العمومية تولي أهمية كبيرة لحماية القدرة الشرائية للفئات الاجتماعية الهشة، من خلال الموارد المالية المرصودة سنويا في هذا الإطار”.
ويبقى مبرر وزير المالية في تصريحه السابق هو أن سياسة الدعم المطبقة حاليا لا تحقق أهدافها، لأنها لا تذهب لفائدة الفئات الهشة، التي لا تستفيد سوى بنسبة تعادل نحو سبعة بالمائة فقط، مقابل 14 بالمائة تستفيد منها الفئات الميسورة الحال.
وكان تصريح راوية قد خلف جدلا سياسيا اضطر معه الوزير الأول أحمد أويحيى، إلى الخروج عن صمته، لينفي وجود أي قرار حكومي يستهدف رفع الدعم عن الوقود ومنتجات الطاقة بداية من العام المقبل، غير أنه لم ينف وجود دراسة للتعاطي مع هذا الملف بشكل يحفظ حقوق المعوزين.
أويحيى الذي رد على وزير المالية بقبعته الحزبية، بصفته أمين عام التجمع الوطني الديمقراطي، أكد أيضا، كما جاء على لسان الناطق الرسمي باسم الحزب، شهاب صديق، أن الحكومة بصدد وضع بطاقية وطنية للمعوزين، بناء على تقارير وإحصائيات رسمية ودقيقة، تستثني المنتفعين بطريقة غير شرعية من أموال الدعم.
وتقدر وزارة المالية نسبة التحويلات الاجتماعية في الفترة الممتدة ما بين 2012 و2016، بنحو 27 بالمائة من الناتج الداخلي الخام في المتوسط، فيما أوضح تحليل بنية الدعم من خلال نتائج المسح حول الاستهلاك أن “الإعانات يستفاد منها الفئات الأكثر ثراء مقارنة بالفئات ذات الدخل المحدود”، حسب الوزارة، التي خلصت قراءتها لحيثيات هذا الملف، إلى أن “هذه الآلية المعممة للإعانات، لم تعد تستجيب للأهداف الرامية إلى تقليص الفارق وضمان حماية أكثر للفئات ذات الدخل المحدود”.
ومن هذا المنطلق، تعتقد الوزارة أن “الحاجة إلى إصلاح نظام دعم الأسعار تفرض نفسها كضرورة اقتصادية”، لكن مع الاستمرار في “حماية الفئات الاجتماعية الأكثر احتياجا من خلال استكشاف جميع الخيارات التي تسمح بالقيام بتحويلات مستهدفة لفائدة العائلات الأكثر احتياجا”. وبرأي خبراء وزارة المالية، فإن الدعم الموجه بعنوان منتجات الطاقة يمتص نحو 60 بالمائة من الموارد المخصصة للإعانات التي لا تخضع لميزانية الدولة، والتي تستفيد منها الفئات الميسورة، وهو ما دفع المصالح المعنية بسياسة الدعم إلى تركيز “المراجعة المحتملة للأسعار في البداية على المنتجات الطاقوية مع مراعاة مسألة الحفاظ على القدرة الشرائية للفئات الضعيفة الدخل”.
يشار إلى أن التحويلات الاجتماعية بلغت نحو ألف و625 مليار دينار في العام 2017، مقابل ألف 239 مليار دينار في العام 2010، وقد ارتفع هذا المبلغ إلى ألف و670 مليار دينار في العام 2018، أي بزيادة قدرت بحوالي 8 بالمائة مقارنة بالعام المنصرم.
وليست هي المرة الأولى التي تخلف فيها تصريحات وزير المالية بخصوص الدعم الاجتماعي تضاربا سياسيا وإعلاميا، فقد أدلى بتصريحات من هذا القبيل في فيفري المنصرم من دبي الإماراتية في اجتماع إقليمي لصندوق النقد الدولي، وهو التصريح الذي خلف يومها جدلا إعلاميا كبيرا، اضطر أويحيى للرد عليه في حينه، فضلا عن وزير الداخلية، نور الدين بدوي، بالرغم من أنه لا وصاية لوزير الداخلية على وزير المالية، ما يعني أن ملف الدعم ينطوي على حساسية كبيرة لدى الجهاز التنفيذي.

مقالات ذات صلة