الشروق العربي
ظاهرة عزوف الشباب عن الزواج في مجتمعنا:

هل السبب حقا مادي بحت؟

صالح عزوز
  • 2415
  • 11
ح.م

 تراجعت نسبة الزواج في مجتمعنا في السنوات الأخيرة، بشكل كبير ولافت للانتباه، واختلفت الأسباب والحجج بين الأفراد، الذين لم يقرروا إلى حد الساعة، دخول القفص الذهبي كما يقال، بالرغم من كون الكثير منهم تجاوز سن الأربعين ويطرق أبواب نصف قرن من العمر، غير أنه لا يملك تلك الرغبة في الارتباط، على الأقل قي الوقت الحالي، ولم يستطع المختصون الوقوف على سبب موحد بين الأفراد، في ظاهرة عزوف الشباب عن الزواج، حتى وإن كانت أغلب التحاليل ترجع هذا السبب إلى أسباب مادية بحتة.

في ما مضى، كان الكثير منا يعتقد أن هذا العزوف اللافت للانتباه، يرجع في الأساس إلى أسباب مادية دون غيرها، لكن الخوض في هذا الموضوع، مع الكثير ممن طلقوا الزواج إن صح القول، يضع يده على الكثير من العوامل الأخرى، وليست المادية فحسب، والدليل أن العديد من الشباب مرتاحون ماديا لكنهم قرروا البقاء عزابا، وعدم المغامرة في هذه العلاقة حتى ولو كانت علاقة شرعية.

لم ينكر الكثير من الشباب أن غلاء المهور وتكاليف الأعراس في وقتنا الحالي، من بين الأسباب التي منعتهم من الزواج، حتى ولو كانت لديهم الرغبة في الارتباط، بحكم ظروفهم الاجتماعية سواء السكن غير اللائق أم غير المتوفر أصلا، أو الشغل غير المستقر، بقي عائقا أمامهم لإتمام نصف دينهم. لكن، لا يمكن أن نرجع هذا العزوف الرهيب، الذي أصبح ظاهرة وجب الوقوف عندها من طرف المختصين، إلى الجوانب المادية فحسب، فهناك أمور أخرى، كانت كذالك سببا مباشرا في عزوف الشباب عن الزواج، وقد وصلوا إلى سن متقدمة.

التجارب السابقة الفاشلة

 من بين الأسباب التي أوقعت العديد من الشباب في الخوف من الزواج، وأصبح بالنسبة إليهم عقدة لا يمكن تجاوزها، هو النظر حولهم إلى تجارب فاشلة في هذا الزواج لشباب مثلهم، لذا يعتقد الكثير منهم أن هذه العلاقة، هي حالة وحيدة تقاس عليها كل الحالات التي تأتي من بعدها، خاصة بين أفراد جيلهم، فهم بذلك يغلقون الباب أمام التجربة الفردية، فقط بأخذ العبرة من تجارب غيرهم، خاصة أن حالات فشل الزواج أو الطلاق في مجتمعنا تجاوزت الخط الأحمر.. لذا، لا يريدون أن يكونون رقما آخر في هذه الإحصائيات.

الخوف من المسؤولية

 يضاف إلى أسباب عزوف الشباب عن الزواج، خوف الكثير منهم من مسؤولية الزواج، خاصة في ظل الظروف الاجتماعية الصعبة التي نعيشها اليوم. لذا، يفضل الكثير منهم تجاوز هذه الظروف الصعبة، سواء من حيث الشغل أم السكن وهو أعزب، على أن تكون له عائلة، يكون هو المسؤول الأول عنها، وربما لا تسمح له الظروف بأن يوفر متطلبات وحاجيات الأسرة، مقارنة بحاجياته هو وحده.

 ومنهم من يرجع هذا إلى عدم وجود البنت المناسبة للزواج في اعتقادهم، في ظل التطور الحاصل في التكنولوجيا الحديثة، التي فتحت أبوابا أخرى أمام البنت، وأصبح من الصعب التعامل معها، لتأثرها بالعالم الخارجي في أمور أخرى، مقارنة ببناء علاقة زوجية.

بين هذا وذاك، تبقى هذه الظروف نسبية بين الأفراد، فليس ما فشل معي يفشل مع غيري والعكس، ويبقى الزواج تجربة فردية لا يمكن تعميمها على كل الأفراد.

مقالات ذات صلة