الشروق العربي
أضافها المرضى إلى وصفة معاناتهم في المستشفيات:

هل الممرضة “مسمومة” حقا؟

صالح عزوز
  • 3154
  • 9
بريشة: فاتح بارة

لا يختلف اثنان، في كون مستشفياتنا اليوم أصبحت للكثير منا كابوسا، نتيجة لسوء المعاملة والإهمال، كما أن الأكيد، أن صاحبة المئزر الأبيض، أو الممرضة، التي كانت توصف في ما مضى، بالحمامة البيضاء التي تحوم على المرضى بالرعاية والاهتمام، تحولت اليوم إلى معاناة للمريض ولزائره، في نفس الوقت، بل إلى شخص عدائي في بعض الأحيان.. لهذا، تسمع الكثير ممن يزورون المستشفيات يسألون بعضهم، في أروقة المستشفى: “علاش الفرملية مسمومة”.

الغريب أن هذا السؤال أصبح يحتل حيزا كبيرا في الوسائط الاجتماعية، وتحول إلى محور نقاش يأخذ القسط الكبير من الوقت، في الحديث بين الأشخاص، كل يدلي بدلوه في موضوع الممرضة في مستشفياتنا، وعن المعاملة التي يعاملون بها من طرفها، ولماذا هي بالذات وليس شخص آخر على غرار الطبيب؟ بل يعترف بعض الأشخاص بأنه أصبح لا يبالي بالمعاناة الأخرى التي يتلقاها في مستشفياتنا، من إهمال وتأخير وفوضى وأوساخ متراكمة في كل زواياه وأجنحته، بقدر معاناتهم مع الممرضة، التي تتطاول في كلامها ومعاملاتها معهم، وتحولت إلى عدائية جدا مع بعض المرضى والزائرين.

في مشاهد وصور للترفيه يطلقها الكثير من رواد الوسائط الاجتماعية، يقارنون بين الممرضة في العيادة الخاصة، وبين من هي في المستشفيات العمومية، يعتبرون الأولى كمن ذهب لخطبتها، والثانية كمن تزوج عليها أو طلقها، الأول التقى بها صدفة، فتعامله معاملة سيئة انتقاما منه أو كرها له. بالرغم من كونها صورا تشبيهية من أجل المزاح والضحك في هذا الفضاء، إلا أنها تحمل في طياتها الكثير من الدلائل، والحجج على الممرضة في المستشفى وعن المعاملة التي تنتظر كل من كتب الله له الذهاب إلى المراكز الاستشفائية العمومية.

لن نكون منصفين، حينما نتكلم عن الممرضات أو عن بعض الممرضات، لكي لا نعمم، وسوء معاملتهن للمرضى والزائرين في المستشفيات، إذا لم نأخذ رأي الممرضة في الموضوع.. فقد أقر بعضهن، بأنهن يعرفن ويسمعن كل ما يقال في غيابهن، أو حتى في حضرتهن، من طرف الكثير من الأشخاص، ويتعرضن للمضايقات بهذا الكلام، ولم ينكر بعضهن في نفس الوقت، أن بعض صديقات العمل يتجاوزن الحدود مع بعض الأشخاص، وهو أمر حقيقي، لكن هذا لا يبرئ المريض أو الزائر في المستشفى، تقول إحداهن: نحن نتعرض للمضايقات وللمعاكسات يوميا، من طرف حتى من هو مريض وعلى فراش المرض، فما بالك بزائره، بالإضافة إلى هذا، فبعض الأشخاص لا يلتزمون بقانون المستشفى عند زيارة المريض، وحين نمنعهم من تجاوز بعض الخطوط يعتقدون أن الممرضة “مسمومة”، ونحن في الكثير من الأحيان نفضل أن نطبق القانون على أن نوبّخ من طرف المسؤولين.. وهذا أمر طبيعي، فلا يمكن بحال من الأحوال أن أكون ممرضة طيبة على حساب عملي والتزاماتي في المستشفى، تقول إحداهن، بل أقر بعضهن بأنهن في بعض الأحيان يقدمن خدمات إضافية أو خارجة عن القانون الداخلي للمستشفى، وحين يكتشف الأمر، لا يستطيع المريض أو الزائر إليه، أن يدافع عنهن وتكون له الجرأة في قول الحقيقة، ونوبخ من أجلهم.

بين ما يراه المريض أو زائره من تصرفات الممرضة، وبين ما تراه هي وتعتبره التزاما بواجبها ولا يمكن أن ترضي الأشخاص على حساب عملها، يوجد خط رفيع، لا يمكن الفصل فيه، غير أن الحقيقة والواقع يعكسان أمرا واحدا، وللأسف لا يمكن الحكم عليه، وهو أنها أضيفت هي كذلك إلى معاناة الزائر إلى المستشفى اليوم.

مقالات ذات صلة