-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

هل تشعل أمريكا حرب تايوان؟

هل تشعل أمريكا حرب تايوان؟

أنهت الصين السبت 25 ماي الجاري، مناوراتها العسكرية “السيف المشترك-2024 A”، أياما بعد تنصيب الرئيس التاواني الجديد “لاي تشينغ-تي” يوم الاثنين الماضي.. وبعدها مباشرة ستبدأ الولايات المتحدة الأمريكية مناورات جديدة في اليابان أطلقت عليها اسم: “الدرع الشجاع” تستمر من بداية جوان المقبل إلى منتصفه، في كل من اليابان وجزيرة جوام ومناطق أخرى من المحيط… في إشارة أخرى حاملة للمستقبل، أن الوضع في المحيطين الهادي والهندي يسير نحو التوتر أكثر إن لم نقل نحو الانفجار… وفي حالة حدوث ذلك، سيختلف الأمر جذريا عما يحدث اليوم في الشرق الأوسط، ذلك أن الأمر يتعلق بصراع بين قِوى من الوزن الثقيل، من بينها الأكبر في العالم على الإطلاق: الصين والولايات المتحدة الأمريكية!! ولن تكون نتيجته فقط تغييرا إقليميا محدودا بل تغييرا شاملا في النظام العالمي بدون شك سيُلقي بظلاله علينا جميعا…
ما الذي سيحدث؟
تتهم تايوان، الصين بأنها تقوم بعمليات استفزازية قرابة سواحلها، غداة انتخاب رئيس جديد لها، وتعتبر  الصين أن ما تقوم به هو جزء من أعمالها السيادية، باعتبار تايوان جزءا من الصين الواحدة وينبغي أن تعود إلى الوطن الأم، بل ترى أن من واجبها القيام بذلك لِردع كل محاولة أمريكية باتجاه الدفع بالجزيرة نحو الاستقلال التام..
وإذا كان من حق الصينيين في البر الرئيسي أو تايوان أن يتهم كل منهما الآخر، فأي حق للأمريكيين هناك؟ وما الذي يُبرِّر نَشر كل تلك القواعد العسكرية في المحيطين الهادي والهندي (120قاعدة عسكرية في اليابان وحدها بخمسين ألف عسكري و73 في كوريا الجنوبية)، وفوق ذلك لِمَ يتم تزويد تايوان بالأسلحة المتطورة والولايات المتحدة رسميا لا تعترف بها دولة مستقلة؟ ومَن المستهدف من مناوراتها في المنطقة وهي البعيدة عنها بآلاف الكيلومترات إذا استبعدنا ألاسكا؟
يبدو أن الأمر لا يتعلق يتايوان ولا بدعمها لأجل الاستقلال عن الصين الكبرى، إنما بالدرجة الأولى بالاقتراب أكثر من الصين منافسها الأساس اليوم على الصعيد العالمي، والسعي لمنعها من أن تتحول إلى قوة عظمى في العالم تُقوِّض النظام الرأسمالي الليبرالي وتُبيِّن أن هناك طريقا آخر للتطور غير الطريق الغربي. والصين تعلم ذلك، ولا تسعى للاقتراب من الولايات المتحدة عسكريا، ولحد الآن مازال كل محيط الغرب الأطلسي  خاليا من أي قواعد عسكرية أو أنظمة حليفة للصين تعلن العداء للولايات المتحدة، العكس هو الصحيح، الصين هي الدولة الثانية الدائنة للولايات المتحدة بما يناهز الواحد تريليون دولار بعد اليابان، وهي الدولة الوحيدة العظمى التي تجعل من التنافس الاقتصادي السلمي بطبيعته هو سلاحها الأول، فما الذي تريده الولايات المتحدة بالاقتراب منها والتنمر تجاهها؟
يبدو أن الأمر يتعلق بمنطق القوة العسكرية العظمى التي تريد البقاء على رأس العالم وإن كان ذلك عن طريق الحرب، بل تعلن ذلك صراحة.
جاء في نص استراتيجية الأمن القومي الأمريكية للرئيس بايدن لسنة 2022 ما يلي “سوف نتنافس بفعالية مع جمهورية الصين الشعبية التي تعد المنافس الوحيد الذي يمتلك النية، والقدرة على نحو متزايد، على إعادة تشكيل النظام الدولي، في حين نعمل على تقييد روسيا الخطرة”. ويكفي التركيز على عبارة “المنافس الوحيد” لنجد أكثر من تفسير لهذا الحشد العسكري الأمريكي الكبير في المنطقة، ولندرك أنه حين تلجأ الدول الكبرى في آخر المطاف لقوة السلاح فقط للحفاظ على بقائها، في حين تستدين من هذا “المنافس الوحيد” لإدارة عجلة اقتصادها، نفهم طبيعة المناورة ومصيرها القادم… لن تمر بضع سنوات من الآن حتى تشعل الولايات المتحدة الحرب في المحيط الهادئ لعلها تُمَدِّد في عمرها كقوة عظمى، ولكنها حين تفعل، ستكتشف كما اكتشف الكيان الصهيوني في الشرق الأوسط، أن موازين القوى تغيرت وأن “الدرع الشجاع” لن يصمد كثيرا أمام السيوف المشتركة.. وتلك الأيام نداولها بين الناس..

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!