رياضة
ديون بالجملة.. مراجعة الرواتب ومهازل تسييرية كشفتها كورونا

هل ستتخلى الأندية عن الاستقدامات الخيالية من أجل لقب لا يتجاوز مليار؟!

صالح سعودي
  • 1287
  • 5
ح.م

إذا كان المحيط الكروي لا يزال يتحدث عن مستقبل بطولة الوسم الحالي، ومدى إمكانية مواصلة المنافسة أو توقيفها نهائيا، في انتظار اتخاذ تدابير تسمح بطي هذا الملف، فإن بعض المتتبعين يتساءلون من الآن عن مستقبل الأندية الجزائرية على ضوء السياسة المنتهجة على مر السنوات الماضية، حيث اقتصر الأمر على صرف أموال خيالية على لاعبين يستلمون الملايير، ويغرقون أنديتهم في الديون، في الوقت الذي تعد سياسة التكوين من آخر الاهتمامات، وهي التي يفترض أن تكون في سلم الأولويات.

في الوقت الذي يترقب أنصار الأندية موعد الحسم في مستقبل الموسم الكروي الحالي، بغية التعرف عن هوية البطل والصاعدين وكذا النازلين، فإن الكثير من مسيري ورؤساء الفرق يفكرون من الآن في الموسم المقبل، من خلال تداول أخبار متنوعة حول نيتهم في انتداب لاعبين جدد تحسبا للموسم الكروي المقبل، يحدث هذا في الوقت الذي لا يزال الموسم الحالي عالقا أن لم نقل مجمّدا، بسبب جائحة كورونا التي فرضت على الجميع منطق الحجر وتوقيف جميع المنافسات الرياضية في الجزائر وفي أغلب بلدان العالم، وهذا في انتظار اتخاذ قرارات نهائية من طرف الفاف والرابطة الوطنية المحترفة، على ضوء الاجتماعات التي عقدت مؤخرا مع رؤساء أندية الغرب والشرق والوسط، والتي ضوئها يتم اتخاذ القرار النهائي الذي من شأنه أن يسمح بطي ملف هذا الموسم بأخف الأضرار، خاصة في ظل استحالة استئناف المنافسة على ضوء المعطيات الحالية.

وبصرف النظر عن النتيجة التي ستتوصل بها جميع الأطراف بالتنسيق مع المصالح الصحية والجهات العليا في البلاد، فإن المحيط الكروي لم يتوان في طرح عديد التساؤلات حول مستقبل الكرة الجزائرية، خاصة على ضوء مخلفات جائحة كورونا التي فضحت إلى حد كبير الأساليب التسييرية لرؤساء الأندية، والتي اقتصرت على تسخير الموال العمومية في انتداب لاعبين مقابل أموال باهظة، دون استثمارها في سياسة التكوين التي يفترض حسب الكثير أن تكون في سلم الأولويات، ناهيك عن غياب إستراتيجية واضحة تضمن تفعيل الجانب الهيكلي، بدليل أن أغلب الأندية تفتقد إلى ملاعب ومقرات محترمة، وهو ما يؤكد أن الفرق الجزائرية لا تزال بعيدة عن متطلبات الاحتراف، احتراف اختصر في صرف الموال على اللاعبين دون أن يكون له أي مقابل فني أو تجاري أو اقتصادي، بدليل الإفلاس الجماعي للشركات الرياضية لمختلف الأندية الناشطة في البطولة المحترفة، ودعوة بعض المسيرين للاعبيهم إلى مراجعة الرواتب، موازاة مع التوقف الاضطراري للبطولة، في الوقت الذي تبقى تجربة التسيير الفاشل علامة مسجلة في البطولة الوطنية خلال العشريات الثلاثة الأخيرة، في ظل اقتصار الأمور على المصاريف من دون البحث عن البدائل الاستثمارية التي تضمن مداخيل تضمن للفرق الاستمرارية في نهج سياساتها الكروية في قالب تسييري فعال، ما جعل الأندية المستفيدة من تمويل الدولة تبالغ في صرف المال العام على نجوم أغلبهم من ورق، أما الأندية الأخرى المرحومة من هذا الامتياز فهي تعاني في صمت، لتنكشف الأمور أكثر مع انتشار جائحة كورونا التي جعلت الكثير يتساءل عن مستقبل ومصير أندية تصرف أموالا خيالية على اللاعبين من أجل المراهنة على لقب لا يتجاوز مبلغه مليار سنتيم.

وبعيدا عن مخلفات جائحة وكورونا ومستقبل الموسم الكروي الحالي، فإن العارفين بواقع الأندية يتساءلون عن مدى الإبقاء على هذه الأنماط التسييرية التي ساهمت في انتشار الفساد في المحيط الكروي، من طرف مسيرين لا يتوانون في توظيف المال العام في صفقات مشبوهة، ناهيك عن الممارسات غير الأخلاقية، والتي تصب عادة في الرشوة وترتيب المباريات، ما يجعل ورقة البطل أو الصعود أو حتى النزول تحسم تحت الطاولة دون المستطيل الأخضر، ناهيك عن فشل أغلب الأندية في تحقيق أدنى الأهداف التي تخدم واقع ومستقبل الشبان، وفي مقدمة ذلك تفعيل سياسة التشبيب والاعتناء بالمواهب الكروية، وهي السياسة التي لم تطبقها سوى أندية قليلة، على غرار نادي بارادو الذي خطف الموسم بتصدير لاعبيه إلى الخارج مقابل أموال أنعشت خزينته باليورو، على خلاف بقية الأندية التي يمارس مسيروها منطق صرف الأموال العمومية على اللاعبين، لينتهي الموسم على وقع تراكم الديون.

مقالات ذات صلة